بعد انهيار سد محطة "كاخوفكا" لتوليد الطاقة الكهرومائية في منطقة خيرسون، تصاعدت المخاوف من مخاطر بيئية طويلة الأمد في أوكرانيا.
محمد حيدر زادة، المحاضر البارز في قسم العمارة والهندسة المدنية بجامعة باث في إنجلترا،قال: "من الواضح أن انهيار هذا السد سيكون له بالتأكيد عواقب بيئية سلبية واسعة النطاق وطويلة الأجل، ليس فقط لأوكرانيا، ولكن على البلدان والمناطق المجاورة".
كما أكد أن السد هو أحد أكبر السدود حول العالم من حيث القدرة التخزينية، وفق ما نقلت عنه شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.
وأوضح زادة أن سد "كاخوفكا" مصنوع من الحصى والصخور مع لب من الطمي في المنتصف، وهذه الأنواع من السدود معرضة للخطر للغاية، وعادة ما يتم انهيارها سريعًا في حالة تعرضها لضرر جزئي.. فالضرر الجزئي كافٍ للتسبب في انهيار كامل للسد، لأن تدفق المياه يمكن أن يزيل بسهولة مواد التربة من جسم السد، في بضع ساعات فقط".
أهمية السد
ويحتجز السد حوالي 18 كيلومترًا مكعبًا من المياه، في خزان كاخوفكا، وهي الكمية التي تعادل بحيرة "جريت سالت" في ولاية أوتاوا الأمريكية.
ويمد السد أراضي زراعية أوكرانية شاسعة بالمياه في الجنوب وفي شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا، فضلًا على تبريد محطة زابوريجيا للطاقة النووية، ويمثل تصدع السد كارثة إنسانية جديدة.
وأدى انهيار حاجز على الطرف الجنوبي لخزان كاخوفكا الضخم إلى تدفق السيول، ما يفاقم مأساة آلاف المحاصرين على خطوط المواجهة في الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
وتسيطر موسكو على الضفة اليسرى من نهر دنبيرو والسد، بينما تسيطر أوكرانيا على الضفة اليمنى، ويلقي كل طرف مسؤولية ذلك الضرر على الآخر.
وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، الفيضان الشديد ببلدة نوفا كاخوفكا، التي تسيطر عليها روسيا، بجوار السد.
80 مستوطنة تقع في منطقة الفيضان
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال في وقت سابق أمس الثلاثاء، إن حوالي 80 مستوطنة تقع في منطقة الفيضان.
هذا في الوقت الذي أعلنت كييف، إجلاء أكثر من 17 ألف مدني من مناطق غمرتها الفيضانات في محيط سد كاخوفكا.
وقال المدعي العام الأوكراني أندريي كوستين عبر "تويتر": "أكثر من 40 ألف شخص معرضون لخطر التواجد في مناطق غمرتها الفيضانات.. وتقوم السلطات الأوكرانية بإجلاء أكثر من 17 ألف شخص.. للأسف يوجد أكثر من 25 ألف مدني في الأراضي الخاضعة للسيطرة الروسية".
نقص إمدادات المياه للقرم
وفي شبه جزيرة القرم، أعربت السلطات الموالية لموسكو عن قلقها بشأن إمدادات مياه الشرب التي كانت تعتمد على مخزون السد. وقال حاكم القرم الموالي لروسيا سيرجي أكسيونوف، إن هناك خطرًا من انخفاض مستويات الماء في قناة شمال القرم التي تنقل الماء العذب من نهر دنيبرو إلى شبه جزيرة القرم.
قلق على محطة زابوريجيا
وتقع محطة الطاقة النووية "زابوريجيا" الخاضعة للسيطرة الروسية، في أعلى المنبع من السد المدمر. ويوفر الخزان مياه التبريد للمحطة، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، وهي ضرورية لسلامتها.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه "لا يوجد خطر فوري على السلامة النووية" في المحطة، مضيفة أن خبراء الوكالة في الموقع "يراقبون الوضع عن كثب". وقالت إن الخط الرئيسي لمياه التبريد يتم تغذيته من الخزان وضخه عبر القنوات. وقالت إنه من المقدر أن المياه عبر هذا الطريق "يجب أن تستمر لبضعة أيام".
وقالت وكالة الطاقة النووية الأوكرانية، إنه في حين أن المياه من الخزان ضرورية من أجل "تجديد مكثفات التوربينات وأنظمة الأمان" للمحطة، فإن بركة التبريد "ممتلئة" ومستوى المياه 16.6 متر، وهو ما يكفي لاحتياجات المصنع.
وقالت هيئة الرقابة التنظيمية النووية الحكومية في أوكرانيا أيضًا، إنها لا تتوقع حدوث "عواقب وخيمة" من خرق السد، موضحة أنه تم تطوير تدابير احترازية لسيناريو تنخفض فيه مستويات مياه السد.
وقالت إنه إذا تم تنفيذ هذه الإجراءات الآن، فإن الانخفاض في مستوى المياه "لا ينبغي أن يؤثر على السلامة الإشعاعية النووية" للمحطة.
العمليات العسكرية الأوكرانية
وبالنسبة للتأثير المحتمل لانهيار السد على مسار العمليات العسكرية الأوكرانية، قال ميخايلو بودولياك، وهو أحد كبار مساعدي زيلينسكي، إن تدمير السد "سيخلق عقبات أمام الأعمال الهجومية للقوات المسلحة الأوكرانية".
وكانت القوات الأوكرانية، قد نقلت في الأيام الأخيرة، القتال بشكل متزايد إلى الخطوط الأمامية المتحصنة لروسيا في الجنوب والشرق، قبل هجوم مضاد متوقع على نطاق واسع فى الصيف.