في خطوة قد تقلب موازين الحرب الروسية الأوكرانية رأسًا على عقب، استيقظ العالم صباح اليوم الثلاثاء، على انهيار سد نوفا كاخوفكا جنوب مدينة خيرسون، المسيطرة عليها روسيا، في الجنوب الأوكراني.
انهيار السد أدى إلى حدوث فيضانات في عدة قرى مجاورة، فيما بدأت السلطات الأوكرانية إجلاء سكان المناطق المتأثرة، التي قدّرت أعدادهم بنحو 16 ألفًا، في حين يعقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اجتماعًا طارئًا لمجلس الأمن القومي.
وتبادلت أوكرانيا وروسيا، اليوم، الاتهامات بشأن تفجير سد نوفا كاخوفكا، وذلك عقب انهياره جزئيًا، وألقت روسيا باللوم على ضربات أوكرانية أدت لانهيار السد، فيما اتهمت كييف القوات الروسية بتفجيره.
وأعلنت أوكرانيا تدمير محطة توليد الطاقة الكهرومائية بالكامل جراء انفجار داخل غرفة المحرك، مشيرة إلى أنه لا يمكن إصلاح المحطة، كما أعلنت كييف خطر حدوث كارثة بسبب تهديد محطة الطاقة النووية زابورجيا (أكبر محطة نووية في أوروبا) إلى خطر انقطاع المياه عن محطات تبريد المفاعل النووي.
ويوفر السد المياه لشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014، وكذلك محطة زابوروجيا النووية، التي قال مسؤولون روس إنها "ليست في خطر وشيك".
وقال أولكسندر بروكودين، رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في مدينة خيرسون، الذي عينته كييف، إن "عمليات الإجلاء بدأت بالفعل تحسبًا لفيضانات محتملة".
الهجوم المضاد
ومع بداية الأسبوع الجاري شهدت الحرب الروسية- الأوكرانية انقلابًا للموازين، فيما يؤكد خبراء أن عملية "الهجوم المضاد" بدأت بالفعل.
وتوغل عدد غير محدد من عناصر قوات شبه عسكرية جاءت من أوكرانيا، داخل منطقة "بيلجورود" الروسية، بعد أن استولت تلك القوات على مركز حدودي، وهاجمت قرى عدة في الجانب الروسي من الحدود، إلى شمال خاركيف التي تعتبر المدينة الأوكرانية الثانية.
وتوغلت القوات أيضًا عشرات الكيلومترات داخل روسيا قبل أن ترغمها القوات الروسية على التراجع. وزعمت روسيا أنها قتلت 70 عنصرًا منها، لكن هذه المعلومات غير مؤكدة بعد.
وتفيد أوكرانيا بأن تلك القوات شبه العسكرية مؤلفة من مجموعتين من المتطوعين الروس المناهضين للرئيس بوتين، وأنهم يعملون بشكل مستقل عن حكومة كييف. في المقابل، تشير روسيا إلى أنهم مخربون وإرهابيون أوكرانيون يعملون بمعرفة كييف التامة ودعمها، لكن هوية الجهة المسؤولة عن الهجوم ليست سوى تفصيل ثانوي مقارنة مع فكرة وقوعه بالفعل.
حدثت محاولات عدة للتسلل عبر الحدود خلال الأشهر الأخيرة، لكن يبدو أن هذه المحاولة كانت الأكبر والأطول والأفضل تنظيمًا.
وكشفت صور، جرى التحقق من صحتها، أن المجموعة استخدمت مركبات أمريكية الصنع كسيارات "هامفي"، ما يشير إما إلى احتمال وجود تضليل أو استخدام مسموح به للمساعدات العسكرية.
ثم وقعت حادثة تلك الطائرات المسيّرة التي أسقطت على مقربة من الكرملين، في عملية اعتبرها المسؤولون الغربيون في بادئ الأمر هجومًا كاذبًا نفذته روسيا، لكنه بات يعتقد على نحو متزايد الآن أن القوات الأوكرانية الخاصة قد خططت لها، ما يتطابق مع زعم الروس في البداية. واعترف بهذا التغيير في رأي الغرب خلال الأيام القليلة الماضية، من خلال تقرير أوردته صحيفة "نيويورك تايمز".
استراتيجية أوكرانية
من جهه أخرى، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مصادرها، أن عملية الهجوم المضاد يمكن أن تكون قد بدأت بالفعل، على الرغم من أن كييف لم تخبر القادة في واشنطن عن موعد بدء عمليتها العسكرية ضد روسيا.
وأضافت الصحيفة الأمريكية، أن كييف عرضت على حليفتها واشنطن جدولًا زمنيًا لخطة الهجوم المضاد ومن المرجح أنه بدأ منذ الأحد الماضي.
وأضاف تقرير "نيويورك تايمز" أن العسكريين الأمريكيين يعتقدون أن الوحدات الأوكرانية تقوم بدفعة أولية لتحديد مواقع وقوة القوات الروسية - وهو تكتيك تقليدي كان الأمريكيون يدربون القوات الأوكرانية على استخدامه.
وقال مسؤول أمريكي إن هذا الاختبار لنقاط الضعف المحتملة في الدفاعات والقوى العاملة والروح المعنوية الروسية - ما يسميه الجيش الأمريكي "الاستطلاع بالقوة" - سيستمر على الأرجح لعدة أيام. وقال المسؤول إنه إذا نجح الهجوم المضاد الأوكراني فسيصبح أكثر وضوحًا خلال تلك الفترة، وفق ما نقلته "نيويورك تايمز".