زيارات متتالية من مختلف القوى الدولية لموسكو ولكييف، للوصول إلى صيغة اتفاق لإيقاف عجلة الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة منذ أكثر من عام، وأصبح الوصول إليها "هدفًا عالميًا" لإنهاء الأزمة أو على الأقل إبطاء وتيرتها، بعد أن ساهمت الحرب في زعزعة الاستقرار وإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد العالمي.
وجاءت أحدث تلك المبادرات عندما طرحت إندونيسيا مبادرة جديدة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، لكنها اصطدمت برفض أوروبي. واقترح برابوو سوبيانتو، وزير الدفاع الإندونيسي، خطة لإنهاء الأزمة، تتضمن إنشاء منطقة منزوعة السلاح وتنظيم استفتاءات تحت إشراف الأمم المتحدة في جميع الأراضي المتنازع عليها.
وقال سوبيانتو، في كلمة خلال منتدى حوار شانجريلا الأمني بسنغافورة، إن "الصراع في أوكرانيا له تأثير على جميع مناطق العالم، وأود أن أغتنم هذه الفرصة لدعوة إخواننا في أوكرانيا وروسيا إلى التوصل إلى اتفاق بشأن وقف فوري للأعمال القتالية في أقرب وقت ممكن".
خطة السلام الإندونيسية
وتنص خطة إندونيسيا للسلام في أوكرانيا، كما طرحها سوبيانتو، على:
- وقف إطلاق النار والأعمال القتالية من قبل جميع أطراف النزاع بشكل كامل، وتحديد المواقع التي تتواجد فيها حاليًا
- انسحاب القوات مسافة 15 كيلومترًا في كل اتجاه من المواقع الأمامية وتشكيل منطقة منزوعة السلاح
- التشكيل الفوري لوحدة مراقبة تابعة للأمم المتحدة
- نشر الوحدة التابعة للأمم المتحدة في جميع أنحاء المنطقة المنزوعة السلاح
- تُنظم الأمم المتحدة استفتاءً في المناطق المتنازع عليها، من أجل ضمان انعكاس موضوعي لرغبات سكان هذه المناطق حول كونها جزءًا من روسيا أو أوكرانيا.
وقال وزير الدفاع الإندونيسي، إن بلاده مستعدة لتقديم مراقبين عسكريين ووحدات عسكرية للعمل تحت إشراف قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وقدم "سوبيانتو" مثالًا تاريخيًا، الصراع في كوريا الذي تم حله من خلال وقف الأعمال القتالية وإنشاء منطقة منزوعة السلاح.
وحاولت إندونيسيا التي تفضل دبلوماسية عدم الانحياز، القيام بوساطة بين طرفي الأزمة، لإحلال السلام. وزار الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، كلًا من كييف وموسكو، والتقى القادة الأوكرانيين والروس، العام الماضي، عندما ترأست بلاده مجموعة العشرين. وصوّتت جاكرتا لصالح قرار للأمم المتحدة يدين الحرب بين روسيا أوكرانيا، لكنها لم تطبق عقوبات اقتصادية على موسكو.
لكن اقتراح وزير الدفاع الإندونيسى، اصطدم بانتقاد أوروبي، في مؤتمر "شانجريلا"، إذ رأى جوزيف بوريل، مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن السلام في أوكرانيا يجب أن يتحقق بشروط مقبولة من دون مجازفة بتجميد النزاع.
وقال "بوريل" في كلمته بعد وزير الدفاع الإندونيسي: "يجب أن نحقق السلام في أوكرانيا، لكن يجب أن يكون سلامًا عادلًا وليس سلام استسلام".
صيغة زيلينسكي
وتؤيد أوروبا خطة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، لوقف إطلاق النار بين بلاده وروسيا. وكان زيلينسكي أعلن للمرة الأولى صيغته للسلام، في قمة لمجموعة العشرين، نوفمبر الماضي. وتدعو الخطة إلى:
1- السلامة الإشعاعية والنووية، بالتركيز على استعادة الأمن حول أكبر محطة نووية في أوروبا -محطة زابوريجيا في أوكرانيا- التي تخضع حاليًا للسيطرة الروسية
2- الأمن الغذائي، بما يشمل حماية وضمان صادرات الحبوب الأوكرانية لأفقر الدول في العالم
3- أمن الطاقة، بالتركيز على قيود الأسعار على موارد الطاقة الروسية، إضافة إلى مساعدة أوكرانيا في إصلاح وتأهيل البنية التحتية للكهرباء التي تضرر نحو نصفها من الهجمات الروسية
4- الإفراج عن كل السجناء والمُبعدين بما يشمل أسرى الحرب والأطفال الذين تم ترحيلهم لروسيا
5- إعادة وحدة الأراضي الأوكرانية وتأكيد روسيا عليها بموجب ميثاق الأمم المتحدة في بند قال عنه زيلينسكي إنه "غير قابل للتفاوض"
6- سحب القوات الروسية ووقف العمليات القتالية وإعادة الحدود بين أوكرانيا وروسيا لسابق عهدها
7- تأسيس محكمة خاصة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب من روسيا
8- منع إبادة البيئة الطبيعية والحاجة لحمايتها بالتركيز على إزالة الألغام وإصلاح منشآت معالجة المياه
9- منع تصعيد الصراع وبناء هيكل أمني في الفضاء اليورو-أطلسي بما يتضمن ضمانات لأوكرانيا
10- تأكيد انتهاء الحرب من خلال توقيع وثيقة من كل الأطراف المعنية
وقال سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسية، آنذاك، إن كييف غير مستعدة لمحادثات سلام حقيقية، وإنها "واهمة"، فيما يتعلق بطرد روسيا من شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم.
وأكد وزير الخارجية الروسي، أن بلاده لن تتحدث مع أي طرف على أساس "صيغة السلام" التي طرحها زيلينسكي، وأن حديث كييف عن انسحاب قوات روسيا من الأراضي الروسية بالكامل ما هو إلا "وهم لن يحدث".
الوثيقة الصينية
وكانت الصين قدمت، فبراير الماضي، وثيقة مكونة من 12 بندًا، تعرض موقف بكين من التسوية السياسية للأزمة. ودعت الوثيقة إلى وقف القتال وإطلاق مفاوضات سلام بين روسيا وأوكرانيا في أقرب وقت. وشملت الخطة الصينية البنود التالية:
- احترام سيادة جميع الدول
- التخلي عن عقلية الحرب الباردة
- وقف الأعمال العدائية
- استئناف محادثات السلام
- حل الأزمة الإنسانية
- حماية المدنيين وأسرى الحرب
- الحفاظ على أمان وسلامة محطات الطاقة النووية
- الحد من المخاطر الاستراتيجية
- تسهيل تصدير الحبوب
- وقف العقوبات الأحادية الجانب
- الحفاظ على استقرار سلاسل التوريد الصناعية
- تشجيع إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب
المبادرة الإفريقية
دخلت القارة الإفريقية بقوة على خط جهود تسوية الصراع المحتدم في أوكرانيا، منتصف مايو الماضي، حين أعلن قادة 6 دول إفريقية مبادرة سلام، واعتزامهم السفر إلى روسيا وأوكرانيا، بهدف إيجاد حل للنزاع بين البلدين، حسب ما أفاد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا، آنذاك.
وقال فينسنت ماجوينيا، المُتحدث باسم رئاسة جنوب إفريقيا، الشهر الماضي، إن المبادرة تلقى استحسانًا دوليًا، موضحًا أن مساعي السلام تبدأ أولًا بوقف إطلاق النار بين الطرفين، ثم وضع إطار عمل لمناقشة مبادئ عملية إطار سلام دائم.
وتُعوّل الكثير من الدول على المبادرة الإفريقية، إذ تتمتع القارة السمراء بعلاقات سياسية واقتصادية طيبة مع الجانبين الروسي والأوكراني، الأمر الذي يُعطي دورًا قويًا في لعب دور الوسيط، على عكس المبادرة الصينية التي دفعت واشنطن وحلفاءها في الغرب للتشكك من أهداف بكين.
وسبق أن طرحت البرازيل اقتراحًا بتشكيل مجموعة اتصال من دول غير ضالعة في الحرب، للوساطة من أجل إحلال السلام، إلا إن المقترح لم يمض قدمًا.
وساطة الفاتيكان
وأعلن الفاتيكان، مارس 2022، استعداده تقديم المساعدة في أي نوع من الوساطة، و"فعل كل ما هو ممكن"، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وتقوم الفاتيكان، في الوقت الراهن، بمهمة تستهدف تسوية النزاع في أوكرانيا، وكلف البابا فرنسيس، رئيس مجمع الأساقفة الإيطاليين الكاردينال ماتيو زوبي، بقيادة مهمة سلام لمحاولة وقف الحرب في أوكرانيا.
ومن المقرر أن يصل الكاردينال ماتيو زوبي، كييف، في وقت لاحق اليوم الإثنين، في زيارة تستمر يومين.
وقال الفاتيكان في بيان، إن "مبادرة الفاتيكان التي هدفها الرئيسي الاستماع بعمق إلى السلطات الأوكرانية حول السبل الممكنة للتوصل فقط إلى السلام، ودعم التحركات الإنسانية التي تساعد في تخفيف التوترات".