ثلاث قضايا هيمنت على الحوار الأمني المنعقد في سنغافورة، والمعروف باسم "حوار شانجريلا"، أبرزها الصراع المُتنامي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، والذي تغذيه أزمة تايوان ذاتية الحكم، التي تعتبرها بكين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، في حين تدعمها واشنطن ككيان مُستقل وتزودها بالأسلحة.
ركزت الدورة العشرون من قمة الأمن، على المصافحة بين وزيري الدفاع الأمريكي والصيني، رغم رفض بكين طلبًا أمريكيًا لعقد لقاء ثنائي بين الوزيرين، فيما كشفت مصادر أمريكية عن زيارة تمت الشهر الماضي من قبل مدير السي آي إيه، وليام بيرنز، إلى بكين من أجل تهدئة التوتر المتصاعد بينهما.
محاولات لتهدئة التوتر
وبالتزامن مع محاولات واشنطن الرامية إلى تهدئة التوتر مع بكين، أعلنت الولايات المتحدة بعد لقاء وزير دفاعها مع وزيري دفاع اليابان وكوريا الجنوبية منذ أيام، عن تطوير نظام تشاركي مُبكر؛ لمواجهة تهديدات الصواريخ من كوريا الشمالية، بحسب وكالة "فرانس برس" للأنباء.
وفي ضوء ذلك، حذّر لي شانجفو، وزير الدفاع الصيني، أمس الأحد، من إقامة تحالفات عسكرية "شبيهة بحلف شمال الأطلسي" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مُؤكدًا أن ذلك سيغرق المنطقة في "دوامة" من النزاعات، وذلك غداة اتهام البحرية الأمريكية، السبت، سفينة صينية بالقيام بتحركات وصفت بـ"الخطيرة" حول مدمرة أمريكية كانت تبحر مع سفينة كندية في مضيق تايوان.
وخلال مؤتمر "شانجريلا" المنعقد في سنغافورة، قال "لي": "المحاولات الهادفة إلى تعزيز تحالفات شبيهة بحلف شمال الأطلسي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، هي وسيلة لاختطاف دول المنطقة وتضخيم النزاعات والمواجهات"، مُحذرًا من أن ذلك لن يؤدي سوى إلى إغراق منطقة آسيا والمحيط الهادئ في دوامة من النزاعات والصراعات.
اتهامات مُتبادلة
وجاءت تصريحات الوزير الصيني تأكيدًا للاتهامات التي توجهها الصين منذ فترة، على خلفية جهود واشنطن الرامية لتعزيز التحالفات والشراكات في المنطقة؛ بهدف مواجهة نفوذ بكين المُتزايد، مُضيفًا أن "منطقة آسيا والمحيط الهادئ اليوم تحتاج إلى تعاون مفتوح وشامل وليس إلى تكتلات في أمر صغيرة".
وفي سياق مُتصل، كان لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي، قد أكد السبت، في المؤتمر نفسه، أن الحوار بين واشنطن وبكين وسيتيح تجنب حسابات خاطئة قد تؤدي إلى نزاع واسع النطاق، قائلًا: "كلما تحدثنا أكثر أمكننا تجنب سوء الفهم وسوء التقدير الذي قد يؤدي إلى أزمة أو نزاع".
واتهمت البحرية الأمريكية سفينة صينية بتطويق مُدمرة أمريكية في مضيق تايوان، بعد أيام قليلة من وقوع حادث جوي بين البلدين في المنطقة، وقالت القيادة الأمريكية في بيان إن السفينة الصينية "قامت بمناورات خطيرة قرب تشونج هون" المُدمرة الأمريكية التي كانت تبحر في المضيق السبت، بحسب "فرانس برس".
ويُشار إلى أن السفن الأمريكية تعبر باستمرار مضيق تايوان، لكن نادرًا ما ترافقها سفن تابعة للحلفاء، وهو ما أثار غضب بكين التي تؤكد أنها تملك حقوقًا سيادية في هذا المضيق، ودفعها إلى تحذير واشنطن من تكوين "ناتو" عسكري بالقرب من أراضيها.
ومن جانبه، وصف الوزير الأمريكي أمس الأحد، خلال تواجده في مؤتمر سنغافورة هذا الحادث بـ"الخطير جدًا"، ودعا القيادة الصينية خلال مؤتمر صحفي إلى الحوار وخفض التوتر، تجنبًا لأي سيناريو تصعيد مُحتمل، فيما أكد نظيره الصيني أن المسؤولية تقع على عاتق الولايات المتحدة؛ لسحب حضورها العسكري بعيدًا عن المناطق القريبة من الصين.
وتصافح كل من "أوستن" و"لي" وتحدثا لفترة وجيزة للمرة الأولى خلال حفل العشاء الافتتاحي لمؤتمر "شانجريلا" الذي انطلق يوم الجمعة، ودعت واشنطن وزير الدفاع الصيني خلاله للقاء وزير الدفاع الأمريكي على هامش المؤتمر، لكن بكين رفضت ذلك.