ارتكزت فكرة تأسيس مجموعة "البريكس" على الخروج من سيطرة الغرب الاقتصادية، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في المجالات كافة، إذ يعد أحد أهداف إنشاء التكتل إقامة نظام عالمي مُتعدد الأقطاب، وهو المطلب الذي تصاعدت وتيرته في الفترة الأخيرة، لتبدي عدة دول رغبتها في الانضمام إلى المجموعة.
وأعلن دبلوماسيون كبار من دول "بريكس" خلال محادثات في جنوب إفريقيا الخميس الماضي، أن المجموعة منفتحة على انضمام أعضاء جدد، في وقت تسعى الكتلة إلى الحصول على صوت أقوى في الساحة الدولية.
ويرى محللون أن محاولة المجموعة إحداث توازن في النظام العالمي، تبدو ضعيفة حاليًا، لكنها بالتأكيد ستكون مؤثرة، وهو ما يؤيده السعي الأمريكي لتعطيل انضمام بعض الدول إلى التكتل.
التوازن العالمي
وترى علا شحود، الكاتبة والمحللة السياسية، أنَّ الأزمة "الروسية - الأوكرانية" خلقت طموحات كبيرة لدى دول البريكس، ودفعت رؤساءها للتأكيد على ضرورة الاتحاد لمواجهة الهيمنة الغربية، خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية التي أنهكت تلك الدول، مُستبعدة أن تحقق دول البريكس توازنًا في النظام الدولي؛ لأنها أصغر من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وظهر ذلك عقب الأزمة الأوكرانية، لكن من حق هذه الدول تحقيق طموحاتها.
جرى إنشاء مجموعة "بريكس" في عام 2009، وتضم 5 دول هي الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، وذلك لضمان مصالحها الاقتصادية التي تُسهم بـ23% من الاقتصاد العالمي، و18 % من تجارة السلع، و25% من الاستثمار الأجنبي وتعد قوة مهمة لا يمكن تجاهلها في العالم.
وذكرت المحللة السياسية، أنَّ الأزمة "الروسية - الأوكرانية" أثرت بشكل سلبي على دول كثيرة، مُؤكدة أن الوصول إلى الدولار أو التفوق عليه يُعد حلمًا بعيد المدى صعب تحقيقه، وأن دول البريكس تعوّل على سعر النفط ومبيعات البترول في محاولة تحقيق أحلامها.
أما توبياس بيلجرانو، الباحث في العلاقات الدولية، فيتوقع أن تكون الأزمة الأوكرانية وتأثير مجموعة بريكس وتبادل العملات المحلية بين دولها، سببًا في إحداث تغير عالمي، مع تباطؤ الحل.
وأوضح "بيلجرانو" أنَّ الأرجنتين لديها رغبة بالانضمام إلى البريكس، وتنتظر إعلان انضمامها إلى المجموعة خلال قمة أغسطس المقرر عقدها في جنوب إفريقيا للحصول على مزيد من التمويل لوقف الأزمة الاقتصادية التي تُعاني منها البلاد، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لمنع "بوينس آيرس" من الانضمام إلى التكتل.
على خطى الصين
أعطت مجموعة بريكس منذ ظهورها، إشارات واضحة لمستقبل الاقتصاد العالمي، ويشير أستاذ العلوم السياسية، مايكل سلوبودتشيكوف، إلى أن محاولات من مجموعة البريكس لأن يكون لديها عملة موحدة، للتخلص من هيمنة الدولار الأمريكي، ستؤثر على المسار الاقتصادي العالمي، مستشهدًا بما حدث في الأرجنتين من خلال إقرار التعامل بالعملة المحلية مع الصين، ويرى "سلوبودتشيكوف" أنه كان بداية ظهور التعددية القطبية في العالم.
وأكد، في حديثه لـ"القاهرة الإخبارية"، أن ظهور قوى مُختلفة يستدعي للأذهان فترة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، مُشيرًا إلى أن الصين لا تسير على نفس الدرب ولا تتحكم في العالم، كما فعل الاتحاد السوفيتي سابقًا، ولكن لديها منظمات دولية وعدد من التحالفات التي تحث بعض الدول للالتحاق بالمجموعة، بهدف تحقيق التوازن ومواجهة الهيمنة الأمريكية، ما يجعل واشنطن ترى في الصين تهديدًا مباشرًا لها وللاقتصاد العالمي.