في أول تأكيد رسمي لدخول القوات الأوكرانية إلى مدينة خيرسون، التي ظلّت تحت السيطرة الروسية، منذ مارس الماضي، قال جهاز المخابرات العسكرية الأوكراني، اليوم الجمعة، إن القوات العسكرية الأوكرانية بدأت دخول مدينة خيرسون في جنوب البلاد، مطالبًا أي قوات روسية ما زالت هناك بالاستسلام، وذلك في بيان باللغة الروسية، فما هي دلالة انسحاب روسيا ودخول القوات الأوكرانية وما أهمية خيرسون؟
وجّه جهاز المخابرات العسكرية الأوكرانية، تهديدًا إلى الجنود الروس، قائلًا: "أمامكم فرصة واحدة فقط لتفادي الموت.. الاستسلام على الفور"، بحسب وكالة "رويترز".
لخيرسون أهمية استراتيجية بالنسبة لمسار الحرب الروسية في أوكرانيا، نستعرضها في السطور الآتية:
بوابة القرم
أهمية خيرسون بالنسبة لروسيا تعود إلى وقوعها، على حدود شبه جزيرة القرم بالبحر الأسود، وتوفر المدينة جسرًا بريًا لموسكو يربطها مع شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014، ولكن حال استعادة السيطرة الأوكرانية على المدينة، ستفقد روسيا هذا الممر البري المهم، إضافة إلى اقتراب المدفعية الأوكرانية بعيدة المدى من شبه جزيرة القرم، التي تعدّها موسكو ذات أهمية حيوية لمصالحها.
وتضم شبه جزيرة القرم، التي يعد بوتين ضمها إنجازًا رئيسيًا له خلال فترة حكمه المستمر منذ أكثر من عقدين، قوة عسكرية روسية ضخمة وأسطولًا في البحر الأسود تستخدمه موسكو لاستعراض قوتها في البحر المتوسط والشرق الأوسط، وفقًا لوكالة "رويترز".
إمدادات المياه العذبة
استعادة القوات الأوكرانية لخيرسون، تعني تعرض إمدادات المياه العذبة لشبه جزيرة القرم للخطر، إذ أن كييف منعت إمدادات المياه عبر قناة متفرعة من نهر دنيبرو، عن شبه جيزة القرم، بعد أن سيطرت روسيا عليها، إلا أن روسيا عندما استوت على أجزاء من منطقة خيرسون ومنطقة زابوريجيا المجاورة إلى الشرق، تحركت على الفور لفتح القناة، إذ إن روسيا تحتاج لهذه المياه من أجل السكان المحليين والمنشآت العسكرية العديدة وري الأراضي القاحلة في شبه الجزيرة، وإذا استعادت أوكرانيا السيطرة، ستعيد منع إمدادات المياه مرة أخرى.
طرق الإمدادات اللوجستية
السيطرة على خيرسون ستمثل نقطة تحول كبيرة في مسار الأزمة على أرض الواقع، إذ تضم منطقة خيرسون مصب نهر دنيبرو الواسع الذي يُقسم أوكرانيا، وتقع على الضفة الغربية للنهر، وهي المكان الوحيد الذي توجد فيه روسيا على الضفة الغربية، وعززت بكثافة قواتها هناك في الأشهر القليلة الماضية، وسابقًا قصفت القوات الأوكرانية الجسور فوق النهر لعرقلة قدرة موسكو على إعادة التزود بالإمدادات.
وبالتالي إذا فقدت روسيا خيرسون، وهي موقعها الوحيد على الجانب الغربي من النهر، فستكون أوكرانيا أكثر قدرة على مهاجمة خطوط الإمداد الروسية الأخرى وتحدي سيطرة موسكو على أجزاء أخرى محتلة من الجنوب مثل منطقة زابوريجيا، حيث تحتل القوات الروسية محطة للطاقة النووية.
وقال الخبير العسكي، أوليه جدانوف، إن الضفة اليمنى (الغربية) مهمة للجانبين، إذ إن أهميتها لروسيا تتمثل في ضمان استمرار الدفاع من اتجاه زابوريجيا، ولأوكرانيا لأن السيطرة عليها يعني قطع هذه الشرايين الثلاثة المهمة: الممر البري إلى شبه جزيرة القرم والمياه إلى شبه جزيرة القرم واستعادة السيطرة على المحطة النووية".
أهمية رمزية
خيرسون هي العاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها روسيا، منذ بدء العملية العسكرية في 24 فبراير الماضي، وبالتالي خسارتها ستكون ضربة معنوية كبيرة للكرملين، وعجز روسيا في الوقت الحالي عن المضي نحو مدينتي ميكولايف وأوديسا، وفقًا للمحلل العسكري أولكساندر، الذي أكد أن خسارة خيرسون وجسر خيرسون ستكون لها عواقب على صورة روسيا، وسيُنظر إليها بشكل سلبي داخل البلاد".
السيطرة على البحر الأسود
تطلّ خيرسون على البحر الأسود، واستعادتها تعني استعادة كييف السيطرة على بعض المناطق على طول ساحل البحر الذي يُعد شريانًا مهمًا لتصدير سلعها الغذائية للأسواق الخارجية.