مع تزايد حدة النزاعات المسلحة في عددٍ من الدول، نرى ممارسات خارجة عن القانون تُهدد أمن المدنيين الموجودين في الدولة التي بدأ فيها النزاع، وفي ظل تضارب المصالح الدولية والسياسية للدول بدأت تظهر مشكلة التدخلات الخارجية في هذه النزاعات الداخلية، الأمر الذي يؤدي لتفاقمها ويشكل خطرًا على الأمن والسلم الدوليين، وباتت قائمة النزاعات المسلحة والمنتشرة في العديد من دول العالم "مشهدًا" لم يغبْ الغرب والولايات المتحدة الأمريكية عنه في الوقت الذي تقود فيه دول أخرى جهودًا حثيثة لإحلال السلام.
وفي تعليقهم لـ"القاهرة الإخبارية"، أكد خبراء متخصصون في الشأن الدولي أنَّ القانون الدولي لا يتم تنفيذه داخل مناطق النزاع إلَّا بمباركة غربية وأمريكية، مؤكدين أننا نعيش داخل أكاذيب غربية مغلفة، مطالبين بضرورة تطبيق القانون الدولي وتجنيب المدنيين النزاعات المسلحة؛ لأنهم الأكثر تضررًا، مع ضرورة وضع آليات لضمان حمايتهم.
صناعة أمريكية غربية
إيهاب عمر، الكاتب الصحفي المصري بصحيفة الأهرام، يرى أنَّ الغرب والولايات المتحدة الأمريكية يصنعون أفلامًا وثائقية عن حمايتهم للإنسان في الحروب والنزاعات الدولية، وبمجرد مراجعة ما يقوم به الغرب في هذه النزاعات نجد أنفسنا أمام وجهين شديدي التناقض.
وأكد أنَّ الغرب المسؤول الأول عن الانفلات الذي يصيب الإنسانية في هذه النزاعات، وعند العودة بالذاكرة للوراء نجد جرائم الغرب وأمريكا في حرب العراق وأفغانستان، ومن سخرية الأقدار، سلَّط "عمر" الضوء على لقاء مجموعة السبع (G7) بمدينة هيروشيما اليابانية تمهيدًا لوضع خطط من الأعمال العدائية ضد الصين.
وبالعودة إلى الشرق الأوسط، اعتبر الصحفي المصري أن أية محاولة "أمريكية - غربية" للحديث عن الملف الإنساني والحقوقي مجرد توظيف لهذه الملفات لصالح استهداف دول ومؤسسات بعينها، كما أنه لا يعوَّل على مجلس الأمن والأمم المتحدة ما دام الغرب وواشنطن يملون عليهم سياسات متعلقة بـ"الملف الإنساني"، مشيرًا إلى أن الدول العربية هي مَن قدَّمت نموذجًا إنسانيًا رائعًا يجب الاحتفاء به بعيدًا عن الأكاذيب الغربية المغلفة بلوجو "صنع في هوليود".
وتعليقًا على القانون الدولي، أكد "عمر" أن القانون لا يُنفذ داخل مناطق النزاعات إلَّا بإرادة غربية لأنها صانعة الأزمات لتحقيق أجندات، وظهر ذلك على مدار القرن العشرين وظهر أخيرًا في الأزمة السودانية.
معاناة أسرة سوادنية
"سناء محمود"، مواطنة سودانية تحدثت لـ"القاهرة الإخبارية" عن معاناتها منذ أنَّ اندلعت الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم والسريع أبريل الماضي، وقالت إنها تمكنت من نقل أسرتها من بورتسودان إلى العاصمة المصرية "القاهرة"، مشيرة إلى أن ابنتها لا تزال تستيقظ كل يوم ليلًا تصرخ حالمة بأصوات إطلاق النار والطائرات الحربية التى تحلق في السماء خوفًا من تعرضها للخطر.
فيما أكد همام الفاتح، المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "النيل" السودانية، أنَّ المنظمات الدولية في الخرطوم توقفت عن العمل تمامًا بحجة عدم وجود ممرات آمنة لتسليم الإغاثات للمتضررين، خصوصًا بعد أن أصبحت العاصمة الخرطوم طاردة للسكان بعد خلو مقومات الحياة بداخلها وتسلل اليأس بعد توقف الاشتباكات.
وأوضح أن المدنيين يتحملون الضرر الأكبر في النزاعات المسلحة، خصوصًا أنها تؤثر على الخدمات الأساسية كالتعليم والبنية التحتية والصحة وتنتهك حقوق الإنسان وتدفع المدنيين إلى النزوح.
الالتزام بالقانون الدولي
في هذا السياق، علَّق الدكتور مجيد بودن، أستاذ القانون الدولي، قائلًا: "المعاهدات الدولية أمام المجتمع الدولي تقع عليها خيارات بالتنفيذ ونتمسك بتلك المعاهدات وترجمة بنودها على أرض الواقع دون ازدواجية".
وفي حديثه لــ"القاهرة الإخبارية"، أكد أنَّ أحد أبرز الحلول المهمة داخل مناطق النزاعات هي عدم الخروج عن نصوص القانون الدولي لتطبيق العدالة الدولية، وطالب بضرورة السعي إلى إيجاد آليات قوية تسمح بتطبيق القانون الدولي داخل مناطق النزاعات، ويرى أنَّ المطالبات في مناطق النزاعات غير كافية؛ لأنه يجب العمل على وضع آليات قانونية من قِبل محكمة العدل الدولية، لتجنيب المدنيين النزاعات المسلحة لأنهم الأكثر تضررًا.
وطالب "بودن" بعدم الخروج عن القانون الدولي إذا أردنا تطبيق العدالة الدولية؛ لعدم وجود آلية أخرى وحسمها في الأذهان والعقول وعدم التخلي عن المعاهدات لأن بعض الجهات لا تنفذها.