في خطوة ليست الأولى، نجحت الدولة المصرية في التوصل لاتفاق بوقف إطلاق النار في غزة، بعد خمسة أيام متواصلة من قصف متبادل أدى لاستشهاد عشرات الفلسطينيين.
ودخلت الهدنة التي اتفقت عليها إسرائيل والفصائل الفلسطينية، برعاية مصرية، حيز التنفيذ مساء أمس، السبت،بعد نجاح جهود القاهرة في التوصل للاتفاق.
وفي العُمق المصري في السودان، كانت القاهرة حاضرة بقوتها لوقف نزيف السودانيين في الصراع الدائر منذ 15 أبريل الماضي، الأمر الذي يثبت أن الدبلوماسية المصرية تعمل بكل قوتها في العمق العربي للحد من الصراعات والنزاعات ، وفق مبدأ ثابت مفاده عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول، ما يؤكد استراتيجية الدولة المصرية وجهودها الدبلوماسية للوقوف أمام جميع الصراعات الإقليمية لإعادة الهدوء مرة أخرى للوطن العربي.
إعلان هدنة
بجهود ووساطة مصرية، دخلت الهدنة التي اتفقت عليها إسرائيل والفصائل الفلسطينية حيز التنفيذ مساء أمس، السبت، بعد خمسة أيام من المواجهات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينة إذ قدمت القاهرة مقترحًا قَبَله الطرفان، تضمن وقفًا متبادلاً لإطلاق النار يشمل وقف إسرائيل الفوري لقصف المنازل وقتل المدنيين، وكذلك توقف حركة الجهاد عن إطلاق الصواريخ.
كان قطاع غزة شهد على مدار خمسة أيام تبادلًا لإطلاق الصواريخ بين الفصائل الفلسطينية وجيش دولة الاحتلال حتى إعلان الهدنة في العاشرة مساء السبت بتقويت القاهرة، ليشهد القطاع للمرة الأولى حالة هدوء نسبي منذ تصاعد القصف.
ردود فعل دولية
وأشاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالجهود التي بذلتها القاهرة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، للتوصل إلى اتفاق التهدئة ووقف العدوان الإسرائيلي على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقال الرئيس أبو مازن، في تصريحات صحفية نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا): "إن الدور المصري الفاعل في التوصل إلى اتفاق التهدئة ووقف العدوان على قطاع غزة، يعكس متانة وخصوصية العلاقات المصرية الفلسطينية، وحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي واهتمامه الشخصي بالقضية الفلسطينية وحقوق شعبنا".
كما أشاد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية بـ"الجهد الذي بذلته مصر لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وحقن دماء الشعب الفلسطيني"
من جانبه، أعرب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، بالجهود المصرية لإعلان الهدنة في قطاع غزة.
ودعا وينسلاند، في تصريح، فجر الأحد، جميع الأطراف للعمل الفوري على وصول المساعدات الإنسانية والاقتصادية ودعم سبل العيش بقطاع غزة.
كما أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن شكره للرئيس عبد الفتاح السيسي على الوساطة.
وأعربت الولايات المتحدة عن شكرها للرئيس عبد الفتاح السيسي ومسؤولين مصريين على "جهودهم الدبلوماسية" لوقف إطلاق النار في غزة، مرحبة بالهدنة.
وأعلن البيت الأبيض ترحيب واشنطن باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين.
السودان.. ومساعٍ للحل
كان الدور المصري بارز أيضًا في الأزمة السودانية، إذ عملت القاهرة على بحث سبل وآليات تهدئة الأوضاع في السودان من أجل التوصل إلى وقف التصعيد والعودة إلى الحوار واستعادة المسار السياسي، فضلًا عن مواصلة مصر جهودها الرامية إلى وقف الاقتتال وحماية المدنيين والمنشآت المدنية.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الفريق أول "توت جلواك"، مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان للشؤون الأمنية، وتناول الطرفان خطورة التحديات التي تواجه السودان في هذا الصدد على الأصعدة الإنسانية والأمنية والسياسية، مع تأكيد أهمية تشجيع الأطراف السودانية على تثبيت الهدنة والانتقال إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار، بما يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية وتقديم الإغاثة، وإفساح المجال لإطلاق حوار بنّاء لحل الخلافات وتسوية الأزمة، ومن ثمّ استكمال المسار الانتقالي والعملية السياسية، على النحو الذي يحافظ على وحدة وتماسك الدولة، ويحقق تطلعات الشعب السوداني ويصون مصالحه العليا.
كما أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، اتصالات هاتفية مع كل من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالى السودانى، و قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، مناشدًا بالوقف الفورى لإطلاق النار حفاظًا على مقدرات الشعب السودانى، وإعلاء المصلحة الوطنية العليا بحسب متحدث الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد.
وعلى السياق نفسه، حرص وزير الخارجية المصري على إجراء زيارة لكل من جنوب السودان، ودولة التشاد حاملًا رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى كل من الرئيس محمد إدريس ديبى رئيس جمهورية تشاد، والرئيس سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان، وذلك فى ضوء إدراك الدولة المصرية الواسع لأهمية الامتداد الإفريقى لمصر -وفى القلب منه السودان- وارتباطه بالأمن القومى المصرى والعربى، وما يصاحب استمرار الاقتتال من تداعيات خطيرة لدول الجوار السودانى.
ولفت وزير الخارجية خلال زيارتيه، إلى تأكيد الرئيس السيسي على ضرورة التعامل بصورة إيجابية مع كل جهود التهدئة وتفعيل الحوار والمسار السياسي، بهدف تجنيب السودان النتائج الكارثية لهذا الصراع على استقراره ومقدرات شعبه.
ومن أجل حل الصراع في السودان، تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا من رئيس وزراء المملكة المتحدة "ريشي سوناك".
وصرّح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، بأن الاتصال تناول التباحث بشأن تطورات الأزمة السودانية، وتنسيق الجهود بين البلدين في هذا الصدد، ونوّه رئيس الوزراء البريطاني إلى دور مصر الجوهري في صون السلم والأمن على المستوى الإقليمي، إلى جانب كونها من أهم دول الجوار الفاعلة للسودان، التي تمثل الأزمة الراهنة بها تحديًا بالغًا للاستقرار في المنطقة بأسرها.
كما استعرض الرئيس المصري الجهود التي تضطلع بها مصر من أجل تشجيع جميع الأطراف علي التوصل لوقف إطلاق النار ووضع حد لمعاناة الشعب السوداني، مؤكدًا ضرورة التعامل بصورة إيجابية مع جميع جهود التهدئة وتفعيل الحوار والمسار السياسي، بهدف تجنيب السودان النتائج الكارثية لهذا الصراع على استقراره ومقدرات شعبه.
جدير بالذكر أن الجهود المصرية مستمرة بصورة كبيرة في تقديم كل أوجه الدعم للقادمين من السودان من مختلف الجنسيات، وفتحت القاهرة أبوابها لاستقبال النازحين من نيران الاشتباكات الدائرة منذ 15 أبريل الماضي التي تجاوزت أعدادهم أكثر من 64 ألفًا عبر المعابر البرية الجنوبية بين مصر والسودان وعلى رأسها معبري قسطل وأرقين، وفقًا لمفوضية اللاجئين، ونحو 16 ألفًا من الجنسيات الأخرى.