في خطوة استثنائية، بعث يفجيني بريجوجين، رئيس مجموعة فاجنر شبه العسكرية، رسالة إلى السلطات الروسية بتسليم مواقع مجموعته في مدينة باخموت، مركز القتال في شرق أوكرانيا، لقوات الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، احتجاجًا على نقص الذخيرة، وفق ما أوردته رسالة بريجوجين للإدارة الروسية.
ووجّه رئيس مجموعة فاجنر رسالة واضحة إلى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو قال فيها: "أطلب منكم إصدار أمر قتالي قبل منتصف ليل العاشر من مايو، لنقل مواقع مجموعة فاجنر إلى وحدات كتيبة أخمات في باخموت ومحيطها".
مضيفًا أن هذا "بسبب نقص الذخيرة" منذ وقت طويل، متهمًا رئاسة الأركان بتزويده فقط بـ32%من الذخيرة المطلوبة منذ أكتوبر الماضي.
وفي حال انسحاب مقاتلي فاجنر من باخموت، والذين يحاربون في الخطوط الأمامية، سيضع ذلك الجيش الروسي في موقع حرج، خاصة أن قوات كييف تستكمل استعداداتها لشن هجوم واسع النطاق تؤكد أنه بات وشيكًا.
ليس الأول
كان بريجوجين قد هدد، الجمعة الماضي، بسحب مقاتليه الأسبوع المقبل من مدينة باخموت، بسبب نقص الذخيرة متهمًا إدارة الجيش بالوقوف خلفه.
لم يكن هذا هو الهجوم الوحيد الذي يشنه رئيس فاجنر ضد القوات الروسية، فمنذ أشهر شنَّ بريجوجين هجومًا آخر ضد هيئة الأركان الروسية بعدم إمداد مجموعته بكمية كافية من الذخائر لـ"منعها من تحقيق انتصار في باخموت يعجز عنه الجيش النظامي".
وقد صعّد رئيس الجماعة العسكرية، غير النظامية، من هجماته ضد القيادات العسكرية الروسية بصورة غير مسبوقة، ونشر مقطعي فيديو كاشفًا عن توتر شديد داخل صفوف قوات موسكو.
وقال في أحد المقطعين: "كنا على وشك السيطرة على مدينة باخموت قبل 9 مايو"، تاريخ احتفال موسكو بالنصر على ألمانيا النازية في 1945، وتابع "عندما رأى البيروقراطيون العسكريون ذلك، أوقفوا إمدادات الذخيرة، لذلك، اعتبارًا من 10 مايو 2023، سننسحب من باخموت".
وبرر بريجوجين قراره برفضه أن "يعاني رجالي من دون ذخيرة خسائر لا داعي ولا مبرر لها". وتابع "نحن ننتظر صدور أمر بمغادرة باخموت. سنظل في باخموت حتى التاسع من مايو، بعد ذلك سنذهب إلى المعسكرات الخلفية"، موضحًا أن مجموعته ستسلم مواقعها للجيش.
كان بريجوجين يتهم دائمًا وزارة الدفاع الروسية، قائلًا إنها "تسرق انتصارات فاجنر"، من خلال الادعاء بأن قواتها النظامية حققت مكاسب قرب مدينة باخموت شرقي أوكرانيا.
أين قذائفي!!
وفي المقابل كان رد الكرملين على هذه التسجيلات الصمت التام، وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، ردًا على أسئلة الصحفيين إنه "اطلع على هذه التصريحات في وسائل الإعلام"، رافضًا التعليق عليها.
وفي مقطع فيديو آخر حاد النبرة نشر ليل الخميس- الجمعة الماضيين، هاجم بريجوجين تحديدًا وزير الدفاع سيرجي شويجو ورئيس هيئة الأركان فاليري جيراسيموف.
وقال بريجوجين في مقطع الفيديو وهو يتجول بين عشرات الجثث "إنهم من رجال فاجنر، لقد قتلوا اليوم حتى تتمكنا من أن تسمنا خلف مكتبيكما!".
وصاح بغضب مخاطبًا شويجو وجيراسيموف "أين قذائفي اللعينة؟!".
ووفق وسائل إعلام أمريكية فقد تكبدت فاجنر خسائر فادحة في الأشهر الأخيرة في محاولتها للسيطرة على باخموت، وقالت CNN إن المجموعة استطاعت السيطرة على قسم كبير من باخموت، لكنها عاجزة عن الاستيلاء على آخر المواقع الأوكرانية.
خلاف محتدم
في الوقت نفسه كشفت بعض الوثائق المسربة للاستخبارات الامريكية حول خلاف محتدم بين مجموعة فاجنر والجيش الروسي، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست".
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن هذه الوثائق، التى تم الحصول عليها عن طريق اعتراض الاتصالات أو التنصت، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينحاز إلى وزير الدفاع سيرجي شويجو، في الصراع المتفاقم مع "فاجنر"، موضحة أن
"تصريحات بريجوزين الصاخبة لم تلق آذانًا صاغية" من موسكو، مشيرة إلى أن التهديد بالتخلي عن القتال في باخموت، هو محاولة أخيرة للتشبث بدور بارز في حرب أوكرانيا.
وحسب وثائق الاستخبارات الأمريكية المسربة، فإن القيادة العسكرية الروسية "محبطة" من تصريحات بريجوجين العلنية، مبرزة أنها ناقشت كيفية الرد على انتقاداته.
ووفق الوثائق المسربة، التي حملت وصف "سري للغاية"، التي تؤكد أن المسؤولين في موسكو يرون أنه في حال ضرورة رد وزارة الدفاع الروسية على اتهامات رئيس فاجنر، فإنه بالضرورة التوصل إلى حلفاء لهم في نفس الوضع لمحاربته بدلًا من القيام بذلك بأنفسهم، خاصة في حربه الإعلانية على القوات الروسية، لكن حتى الوقت الراهن لم تصدر الإدارة الروسية تصريحًا لوزارة الدفاع للرد على اتهامات بريجوجين.
وحتى الوقت الراهن لم تُصدر وزارة الدفاع الروسية أو أي من إدارة موسكو ردًا على تهديد رئيس مجموعة فاجنر بالانسحاب من باخموت.. وهو الأمر الذي يؤكد التوترات التي بدأت تخرج إلى العلن بين القوات الروسية والمجموعة شبه العسكرية، في وقت غاية في الحساسية بسبب تأكيدات أوكرانيا باستعدادها لشن "هجوم الربيع" في أي وقت قريبًا لاستعادة أراضيها كاملة من قبضة روسيا.