الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخرجة فيلم "أجساد بطولية": جائزة الجمهور بمهرجان مالمو فرحة للسودانيين في آلامهم

  • مشاركة :
post-title
المخرجة السودانية سارة سليمان

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

العمل يناقش نضال المرأة السودانية.. وأعمل على تغيير المعاناة التي تتعرض لها
لم أتخوف من طرح رسالتي ونحن بحاجة لمواجهة المجتمع دون إساءة
واجهت صعوبات كثيرة لخروج الفيلم إلى النور ولم أتلق أي دعم
المرأة تتعرض لمشكلات قمع كثيرة خاصة بمظاهر الجسد
الأفلام أسهل طريقة في تقديم الرسالة

وسط الوجع تختبئ الفرحة ووسط العتمة يظهر النور أحيانًا، هكذا عبّرت المخرجة السودانية سارة سليمان، عن سعادتها بفوز الفيلم السوداني الوثائقي "أجساد بطولية"، بـ"جائزة الجمهور" في الدورة المنقضية من مهرجان مالمو الدولي بالسويد، الذي اختتم فعالياته مساء أمس، وتأتي هذه الجائزة لتفتح باب أمل وسط الظروف الصعبة التي تمر بها السودان حاليًا، فجاءت الجائزة لتمسح الألم وتخفف الوجع، حسبما أكدت المخرجة سارة سليمان، في حوارها لموقع "القاهرة الإخبارية"، إذ قالت: "هذه الجائزة خاصة من نوعها لأنها جاءت في وقت صعب يمر على الشعب السوداني، منحتهم شيئًا من الفرحة والسعادة في وقت الحزن والنزيف، وأنا سعيدة جدًا بأنني استطعت إدخال الفرحة على قلوبهم".

يبرز الفيلم قوة المرأة السودانية ونضالها عبر الزمن ضد المعتقدات والتقاليد الواهية، لكن التصويت الأغلب على الفيلم ومنحه الجائزة لم يكن سودانيًا وهو ما أرجعته المخرجة إلى الظروف الصعبة التي تمر بها بلدها إذ كان من الصعب حضورهم بشكل كبير، وتقول: "ردود الفعل على الفيلم جاءت إيجابية لكن أغلبها من جمهور غير سوداني، نظرًا للحالة الصعبة التي تمر بها البلاد، لكن السودان كان حاضرًا بقوة ضمن أحداث الفيلم إذ تناول قوة المرأة السودانية والنضال النسوي في السودان منذ سنوات طويلة، وكان هذا الأمر بالنسبة لهم مفاجأة كبيرة، لأن الكثير لا يعلم تاريخ نضال النساء في السودان، وكنت أريد إيصال هذه الفكرة عبر مشروعي وهو ما تحقق بالفعل، وتأثر الحضور بالقضية دفعهم، لأن يمنحوا العمل "جائزة الجمهور"، والحقيقة أنني أعتز كثيرًا بهذه الجائزة لأنها من الجمهور، وتؤكد أن الجمهور لمس الفيلم وشعر به".

مظاهر القمع

يبرز العمل مراحل متباينة من القهر الجسدي والمعنوي الذي تواجهه المرأة في مجتمع ذكوري يضاعف من معاناتها عبر حكايات مثيرة ترويها رائدات الحركة النسائية بالسودان، وحول سبب اختيارها لهذه الفكرة، تؤكد سارة سليمان "يرجع السبب إلى أنني أردت التغيير ومواجهة العادات السيئة في المجتمع، فعندما درست في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن، قدمت مشروع تخرجي عن سياسات الجسد، وخلال دراستي وبحثي وجدت مظاهر قمع شديدة للنساء من خلال الجسد وملامحه، وأصبحت مهووسة بهذا الموضوع".

وتابعت: "عندما كنت أبحث بدأت أرى أن هذا الموضوع يمكن أن يُقدم من خلال فيلم، حتى أُبرز من خلاله معاناة المرأة السودانية بأشكالها المختلفة وكيف تطور وبدأ منذ سنوات طويلة، بالإضافة إلى تاريخ عظيم لرائدات الحركة النسائية بالسودان، ومكافحتهن في تعليم المرأة ومنحهن الحرية في وقت كانت المرأة لا تملك أي شيء ولا تعرف معنى الحرية، إذ كان هدفي تقديم هذه المعلومات إلى الشابات السودانيات حتى تتعرفن على تاريخ الحركة النسائية في السودان وتوعيتهن وتشجيعهن على التغيير ومواجهة المجتمع في عاداته السيئة تجاههن، وكان أفضل وسيلة لإيصال هذه المعلومات عن طريق الأفلام لأن العالم الإفريقي والعربي لا يقرأ بشكل كافٍ".

ورغم أن الفيلم يناقش عدة قضايا حساسة خاصة بالمرأة السودانية، إلا إن المخرجة سارة سليمان لم تتخوف في عرض هذه المشكلات، إذ تقول: "إذا ما تخوفنا من شيء لن يكون هناك أي تغيير ونحن في حاجة إلى مواجهة المجتمع، بطريقة محترمة ودون إساءة وهذا ما فعلته في فيلم "أجساد بطولية"، إذ طرحته بطريقة علمية وإنسانية، لأن هدفي هو التغيير وإثارة الجدل من أجل لمس مشاعر الناس، وليس الإساءة إلى المجتمع السوداني".

أزمة الأرشيف

وعن التحضيرات اللازمة لتقديم هذا العمل، خاصة أنه يعد أول تجربة لها في صناعة الأفلام، تقول سارة سليمان: "التحضير كما ذكرت كان من خلال بحثي الأكاديمي، بالإضافة إلى أنني لجأت إلى اختيار الضيوف بحذر شديد وكان جزءًا كبيرًا منهم يحكي عن إفادات شخصية لهم، ليستغرق التحضير نحو أربع سنوات، إذ اعتمدت على إدخال عنصر الموسيقى للتنويع وأنتجت أغنية للفيلم بعنوان "السلام"، كما استخدمت الأرشيف لأن الفيلم تاريخي وكانت هذه أصعب مرحلة، إذ حصلت على أرشيف من السودان ومن خارجه مثل بريطانيا، كما استخدمت اللوحات عن طريق فنان تشكيلي في عكس بعض المشاهد، بالإضافة إلى وجود مشاهد تمثيل داخل الفيلم".

تشير سارة إلى أنها لم تتلق في بداية الأمر أي دعم سواء كان ماديًا أو معنويًا، إذ تقول: "أنا قدمت هذا الفيلم بشكل مستقل وتحملت كل التكاليف، لأنني لم أجد أي دعم من أي شخص، بل إنني تلقيت صعوبة في الحصول على الأرشيف، إضافة إلى أن هناك جهات رفضت إعطائي الأرشيف وهذا شيء غير قانوني، وعندما انتهى الفيلم لم أجد منصة عامة "سينما"، تعرض الفيلم في السودان ولم أجد أي تقدير للمادة، وأتمنى أن تدعم الدولة الفنانين والفن، لأن كل صناع الأفلام يعانون في السودان".

مهرجان إدفا

لم يكن عرض الفيلم في مهرجان مالمو الدولي بالسويد واقتناصه جائزة، هو أول فرحة للعمل في محفل دولي، إذ سبق أن شارك الفيلم في الدورة الماضية لمهرجان إدفا الدولي للأفلام الوثائقية، وحول ذلك تشير سارة سليمان إلى أن "أجساد بطولية"، أول فيلم وثائقي في تاريخ السودان يشارك في قسم "front light"، وهذا معناه أن الفيلم كُرّم في المهرجان، إذ تقول: "هذا المهرجان يعد من أكبر مهرجانات الأفلام الوثائقية في العالم، ومشاركته في المهرجان ضمن قسم front light، إنجاز كبير لي ومعناه أن العمل استطاع أن يصل قطاع كبير من الجمهور في العالم، وكانت سعادتي أكبر بجائزة مالمو كما ذكرت لأنها من اختيار الجمهور".

وتؤكد سارة أنها تسعى خلال الفترة المقبلة لتقديم أفلام خاصة بقضايا المرأة، لرغبتها في أن تُظهر مشكلات المرأة، وتوعيتها ومحاولة تغيير الظروف المحيطة بها.