يأتي شهر رمضان المبارك ويحمل في طياته العديد من الطقوس الروحانية والدينية والاحتفالات المختلفة باختلاف الثقافات حول دول العالم.
وبسبب اختلاف العادات والتقاليد بين الشعوب، تأتي مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم بين أبناء المسلمين لتُعبر عن فرحة قدوم شهر الخير والرحمة، إلا أن بعض مظاهر الاحتفالات قد يبدو غريبًا في بعض الطقوس بين الدول، فالبعض يلجأ إلى حلق الرؤوس، منهم من يزف الصائمين الجدد فيما يودعه آخرون برقصات شعبية، وفيما يلي تستعرض "القاهرة الإخبارية" أهم مظاهر الاحتفالات المختلفة بين شعوب العالم، احتفالًا بظهور هلال الشهر الكريم.
إندونيسيا.. طقوس مختلفة
تعتبر إندونيسيا من أكبر دول العالم ذات الأغلبية المسلمة، ويصل تعداد المسلمين فيها إلى أكثر من 260 مليون نسمة، إذ 88% من السكان ومع تحديد رؤية هلال الشهر الكريم، تمنح حكومة جاكرتا إجازة للطلاب في الأسبوع الأول من رمضان للتعود على الصيام، لكن أكثر مظاهر الاحتفال برمضان هو قرع الطبول التقليدية المعروفة باسم "البدوق"، وفق موقع "راديو بي بي سي".
وتختلف عادات الاحتفال في إندونيسيا تحديدًا، باختلاف المناطق ففي جزيرة جاوا، بدأ المسلمون في الاحتفال بقدوم شهر رمضان باتباع طقوس أخرى، أهمها ما يطلق عليه "نيادران"، وهي زيارة المقابر لأفراد العائلات الذين وافتهم المنية، في ليلة أول يوم.
أما في مناطق "كولون براجو" و"جوج جاكرتا" فتأخذ عادة "نيادران" شكلًا مختلفًا، إذ يسير الأهل والأصدقاء في مسيرة جماعية إلى المقبرة، بنية تطهير الأنفس وإطعام المحتاجين.
وفي مقاطعة "بادانج"، يسبح المسلمون في النهر، وأخذ حمام بالماء والليمون يومًا، قبل حلول شهر رمضان، اعتقادًا بتنظيف الجسد واستعدادًا لصيام الشهر الفضيل، وأغلب من يزاولون هذه العادة من المنتمين لمجموعة "مينانج".
وتشير التقارير الإعلامية الواردة كل سنة من غرب جزيرة سومطرة، أن هذه العادة السنوية تشهد تدفق الآلاف إلى الأنهار في المدن الماليزية في مشهد احتفالي تعودوا عليه سكان البلاد، وفق ما نشرت وكالة أنباء "برناما" الماليزية.
وفي مدينة جوجاكارتا، فإن المسلمين يقومون بعمل كعكة من الأرز المسلوق ويطلق عليها الـ"apemK" وتتكون من جوز الهند والأرز والسكر ويتم طهيها عن طريق الحطب ثم يتم توزيعها في الشوارع احتفالًا بقدوم شهر رمضان.
وفي مقاطعة "سيمارانج" يخرج سكان المقاطعة في مظهر احتفالي عند ثبوت رؤية الهلال، ويبدأون في قرع الطبول في مهرجان احتفالي في رحاب المسجد الكبير، وتطلق المدفعية طلقاتها ابتهاجًا بحلول الشهر الكريم.
أفغانستان.. رقصة "الأتان"
وفي أفغانستان، يرجئ الاحتفال لنهاية شهر رمضان، إذ يجتمع الآلاف لأداء رقصة "الأتان" وهي رقصة أفغانية تقليدية، ورقصات غيرها، احتفالًا بنهاية شهر الصوم الكريم، واستقبالًا لعيد الفطر المبارك.
باكستان.. حرب البيض
ومن أغرب عادات الشعوب في رمضان على الإطلاق تلك التي تقوم بها مدينة بيشاور الباكستانية، التي تشتهر بإقامتها لحفل عرس تجمع فيه كل الأطفال الذين يقومون بالصوم لأول مرة، لتشجيعهم على الفرض الديني.
كذلك يوجد طقس أكثر غرابة وهي إقامة مسابقة "حرب البيض المسلوق"، التي تعتبر من الطقوس الأكثر انتشارًا في البلاد، إذ تُقام على مدار الشهر، وتبدأ في المساء وتنتهي عند موعد السحور، وتعتمد قوانينها على إمساك أحد المتسابقين الشباب ببيضة مسلوقة، ويضرب بها الأخرى التي في يد خصمه بهدف كسرها، حتى يتأهل للمرحلة التالية.
ماليزيا.. طواف النساء
تعكف الإدارات المحلية في ماليزيا على تنظيف الشوارع عقب استطلاع هلال رمضان، ثم تقوم بنشر الزينة الكهربائية في الميادين الرئيسية احتفالًا باستقبال الشهر الكريم، ومن العادات الغريبة أيضًا حرص النساء على الطوف بالمنازل لقراءة القرآن ما بين الإفطار والسحور.
موريتانيا.. زغبة رمضان
ربما يمتلك شعب موريتانيا، العادة الأغرب بين الجميع، إذ يحلق الرجال في موريتانيا رؤوسهم قبل الشهر الفضيل بأيام، حتى يتزامن نمو الشعر الجديد مع نهاية الشهر، وتسمى هذه العادة باسم "زغبة رمضان" أو "شعر رمضان"، وهي عادة تمزج بين الثقافتين العربية والإفريقية، وترتبط عادة حلق الرأس عند الشعوب الإفريقية بغرض زيادة الرزق وزوال الهم.
كذلك يتم الاحتفال بالأعراس خلال شهر رمضان تفاؤلًا به، على عكس ما يحصل في معظم الدول الإسلامية حول العالم. ومن أفضل العادات رغم صعوباتها هي العادة التي يقوم بها الشعب الموريتاني، إذ يحرصون على قراءة القرآن الكريم كله في ليلة واحدة.
تايلاند.. طعام ليس للأزواج
حافظت الأُسر المسلمة في تايلاند على عادة الاحتفاء بشهر رمضان من خلال ذبح الذبائح، أما الأُسر الفقيرة فإنها تذبح الطيور، والعادة الغريبة أن الطعام الذي تطهوه الزوجات ممنوع على أزواجهن، وإنما يرسل لشخص آخر ليأكله، لهذا تجتمع النساء جميعًا ليتناولن طعام الإفطارِ في باحة المنازل بشكل جماعي.
الصين.. الشاي والبطيخ
يحرص مسلمو الصين على عدم تناول طعام الإفطار إلا بعد أداء صلاة المغرب، ومن المتعارف عليه أن يتم تناول ثمرة تمر مع كوب من الشاي المُحلى بالكثير من السكر، كما يحرص الصينيون على ألا تخلو المطابخ الإسلامية الصينية من الكعك والحلويات المحلية. كما يحرص البعض في عادة غريبة نوعًا ما على ضرورة الإفطار بالبطيخ الأحمر قبل الذهاب للمسجد للصلاة.
جزر القمر.. مشاعل على السواحل
يتميز شعب جزر القمر بواحدة من أجمل العادات الخاصة بشهر رمضان، ففي الليلة الأولى من شهر رمضان يخرج السكان حاملين المشاعل ويتوجهون إلى السواحل، إذ ينعكس نور المشاعل على المياه، ويقرعون الطبول إعلانًا بقدوم شهر الصوم، ويظل السهر على الساحل حتى وقت السحور.
أوزباكستان.. خروف الإفطار
يتم التحضير لحفلات إفطار جماعية يتم فيها دعوة الأهل والأصدقاء والجيران، ولا بد من أن يُذبح خروف على الإفطار ويقدم مع أرغفة العيش كبيرة الحجم، التي يجب أن تخبز بالمنزل ومع الزيت والحليب، كما يتم تحضير مائدة تشمل جميع أنواع الشاي الأسود.
تركيا.. "زغاريد" الاحتفال
بمجرد ثبوت رؤية الشهر الكريم، تنطلق الزغاريد في كل بيت لتعبر عن هذه الفرحة بالبشرى التي زفت إليهم ببدء الصوم في اليوم التالي، ويبدأ السكان برش ماء الورد والعطور على أعتاب أبواب المنازل وفي الحدائق المحيطة بالمنازل طيلة أيام رمضان الكريم، وتعتبر من العادات المتوارثة عبر الأجيال هناك، كما تبدأ السيدات كبار السن في تجهيز أول سحور رمضاني، الذي لا بد أن يشمل على الملبن التركي الشهير، ويعتبر من أكثر الأكلات التي يتم توزيعها في الشوارع احتفالًا بشهر رمضان الكريم.
اليمن.. طِلاء المنازل
يبدأ اليمنيون بممارسة عادات رمضان بطلاء منازلهم قبل شهر رمضان كاستقبال احتفالي بقدومه، وتظهر بذلك البيوت بأبهى حلتها وكامل استعدادها لقدوم شهر الخير، كما تنظم الإفطارات الجماعية في شوارع البلاد يوميًا، ويتم تزيين الشوارع بأجمل الزينة، وتطلق الأعيرة النارية من قبل الرجال.
السودان.. تجديد الأواني
داوم سكان السودان على عادة تجديد أواني الطعام قبل شهر رمضان الكريم، لكن أكثر ما هو غريب أن الإفطار يجب أن يكون جماعيًا في ساحات واسعة، حيث تجتمع كل الأسر في ساحة واحدة للإفطار معًا.
نيجيريا.. إفطار الفقراء
غير مقبول إفطار كل أسرة بمفردها، لكن لا بد أن تجمع الأطعمة التي تم إعدادها في كل منزل ويتم تقسيم الموائد أمام أقرب منزل إلى جزأين أحدهما للرجال والآخر للنساء، لكن الأغرب هو حرص كل أسرة على استضافة أحد الفقراء يوميًا على مائدة الإفطار، كنوع من التكافل الاجتماعي خلال شهر رمضان.
المغرب.. عواشر مبروكة
يقوم أهل المغرب بضرب النفير سبع مرات للسحور بمجرد التأكد من ظهور هلال رمضان، لتنطلق ألسنة الناس بالتهنئة بجملة "عواشر مبروكة" أي أيام مباركة مع دخول شهر الصوم بعواشره الثلاثة: عشر الرحمة، وعشر المغفرة، وعشر العتق من النار.