الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

النزوح الاضطراري.. لماذا تتزايد مخاطر حركة "إم 23" في الكونغو؟

  • مشاركة :
post-title
الأزمة الإنسانية بشرق الكونغو 2022 نتيجة الأعمال الإرهابية

القاهرة الإخبارية - محمود جمال

أقدمت حركة "23 مارس" أو ما تُعرَّف اختصارًا بـ"M 23"، خلال عام 2021، على حمل السلاح بعد هدوء دام لعشر سنوات؛ حيث صعَّدت الحركة من عمليّاتها العسكرية في مناطق شرق الكونغو.

وسيطرت "M 23" أواخر أكتوبر 2022، على مجموعة من البلدات الاستراتيجية، وأُصيب خلال هذه العمليّات أربعة أفراد من القوة الأممية "مونوسكو"، الأمر الذي جعل القوة الأممية ترفع حالة تأهبها القصوى، محذرة من الجرائم التي تُرتكب ضد عناصرها باعتبارها جريمة حرب لا تسقط بالتقادم، ومؤكدة وقوفها مع قوات الحكومة الكونغولية لاستعادة الاستقرار. 

نشير في هذا التقرير إلى نشأة هذه الحركة، وأهدافها، ومؤشرات تصاعد أنشطتها.

النشأة والتكوين:

تُعد الحركة جماعة مسلحة تنشط في مناطق شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، واستوحت الحركة اسمها من اتفاق السلام "حوار كمبالا"، الذي وُقع في 23 مارس عام 2009، بشأن الخطوات اللازمة لإنهاء الأنشطة المسلحة للحركة، وتتكون الحركة من أفراد ينتمون إلى عرقية التوتسي الكونغولية، ونشأت الحركة عام 2012، إثر تمرد نحو 300 جندي ينتمي أغلبهم إلى حزب المؤتمر الوطني، للدفاع عن الشعب بالانقلاب على الحكومة الكونغولية، بسبب مشكلات تتعلق بتدني الرواتب العسكرية، في ظل ارتفاع مستويات التضخم والفقر.

واتهم المتمردون الحكومة بالتنصل من اتفاقية السلام التي وُقعت بينهما عام 2009، برعاية أممية، وتنص على إنهاء التمرد وتحويل نفسها إلى حزب سياسي مقابل إعادة دمج أفراد الحركة في الجيش والمؤسسات الحكومية، والعفو عنهم. 

وتضمن الاتفاق كذلك إطلاق سراح المحتجزين، والدعوة إلى تشكيل لجنة للتعامل مع الممتلكات والأراضي التي تمت مصادرتها أو سرقتها أو إتلافها. 

وتنشط الحركة في المناطق المتاخمة للحدود الكونغولية الرواندية، وتضغط الحركة على الحكومة الكونغولية في محاولة منها للعودة إلى اتفاق عام 2009، وضمان دمج قواتها في الجيش النظامي كما حدث من قبل، ودائمًا ما دعت الأمم المتحدة الأطراف هناك للعودة إلى طاولة المفاوضات والبدء الجدي في عملية سياسية تفضي إلى إلقاء السلاح. 

جدير بالذكر أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.

مؤشرات الفاعلية:

عدة مؤشرات تؤكد فاعلية الحركة على الأرض وتزايد مستوى خطورتها، هي كالتالي:

(*) تصاعد مصادر التمويل: تسيطر الحركة على سلاسل إمداد استراتيجية من المناجم، لا سيما مناجم الذهب والماس والكولتان؛ حيث يستخدم المتمردون عوائد هذه المعادن في شراء الأسلحة وتجنيد عمال المناجم وتقديم الرشاوي لموظفي الجمارك والشرطة لتسهيل مرور تجارتهم غير المشروعة.

وتتهم حكومة كينشاسا جيرانها من الروانديين والأوغنديين بحرمانها من عائدات اقتصادية كبيرة، نتيجة تسهيلهم مرور هذه التجارة إلى أراضيهم.

(*) تصدر الكونغو لمؤشرات الإرهاب العالمية: احتلت كينيا خلال عام 2021، المرتبة الثالثة في مؤشر النزوح؛ حيث نزح أكثر 5.5 مليون مواطن كونغولي منذ بدء الصراع، فيما نزح خلال الأربعة أشهر الأخيرة وحدها ما يُقدَّر بـ170 ألف، وينتشر في الكونغو ما يزيد على 100 حركة مسلحة. ووفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي (GTI) لعام 2022، شهدت الكونغو أكبر عدد من الوفيات نتيجة الإرهاب والصراعات في منطقة جنوب الصحراء. وجاءت الكونغو في مؤشر الإرهاب العالمي 2021، في المرتبة السابعة بعد أفغانستان، اليمن، سوريا، جنوب السودان، العراق، والصومال.

(*) تصاعد الأزمة الإنسانية: ينزح يوميًا الآلاف من الأشخاص في مناطق شرق الكونغو، نتيجة الاشتباكات الجارية بين القوات الأمنية من جهة والمتمردين من جهةٍ أخرى. وأدت الاشتباكات خلال شهر يناير 2022، إلى نزوح 6 قرى بشكل كامل شرق البلاد. 

وقدَّرت الإحصاءات نزوح أكثر من 170 ألف شخص لمنازلهم خلال أربعة أشهر فقط. ويلتفت خبراء الأمم المتحدة في الوقت الحالي إلى مدينة غوما التي يسكنها نحو مليوني نسمة. ويتخوف الخبراء من أن تتجه الحركة للسيطرة على هذه المدينة المكتظة سكانيًا، ويعتبرون أن ذلك سيكون بمثابة كارثة إنسانية لن يتمكنوا من تجاوز نتائجها بسهولة.

(*) توتر العلاقات الدبلوماسية بين الكونغو ورواندا: تشهد العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية، ودولة رواندا حالة من تبادل الاتهامات؛ حيث تعتمد الحكومة الكونغولية في اتهامها لحكومة رواندا بدعم تمرد حركة "M 23" على تقارير أممية. 

وعلى الجانب الآخر، ترفض رواندا هذه الادعاءات، وتتهم الكونغو بدعم تمرد حركة "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" والتي تتكون من عرقية الهوتو. 

وفي هذا السياق، دعا وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن"، حكومتي البلدين للتوقف عن دعم الجماعات المسلحة على حدودهما. وصعَّدت كينشاسا من إجراءاتها تجاه رواندا، حيث أمهلت في 30 أكتوبر 2022، السفير الرواندي 48 ساعة لمغادرة البلاد، إثر هجوم الحركة على بلدة كيوانجا في شرق الكونغو.

في النهاية؛ تعتبر التحليلات أن مناطق شرق الكونغو تُعد بمثابة قنبلة موقوتة لا سيما في ضوء غياب التعاون والتنسيق بين الكونغو وجيرانها؛ حيث تزخر هذه المنطقة بانتشار واسع لمجموعات من حركات التمرد لكل من رواندا، أوغندا، بورندي، والكونغو. 

وتستمر حالة الصراع في هذه المنطقة لأسباب تعود إلى استمرار غياب الحلول السياسية، والتركيز على دعم الميليشيات وجماعات التمرد عسكريًا.