لدى الفنان طارق لطفي أسلوب وأداء خاص لتحويل الشخصيات الدرامية التي يجسدها إلى لحم ودم، فمع هدوء ملامحه يحمل داخله طاقة وشحنة من الإبداع، ليكون الممثل المصري صاحب الأداء السهل الممتنع القادر على إبهار المشاهد مستعينًا بتفاصيل دقيقة وبسيطة في رسم ملامح الشخصية التي يجسدها.
عبر شخصيات درامية جادة جسدها طارق لطفي في عدة أعمال درامية سابقة تصاعدت شعبيته في السنوات الماضية بشكل كبير، ليقرر هذا العام أن يُغير جلده بعمل وشخصية مُغايرة من خلال مسلسل "مذكرات زوج" للراحل أحمد بهجت الذي تنتجه المتحدة للخدمات الإعلامية، ويعرض حاليًا في دراما رمضان 2023.
يُدرك طارق لطفي جيدًا أن شخصية "رءوف" التي يجسدها في مسلسل "مذكرات زوج" تهم الكثير من الأسر المصرية، ورغم أن الأحداث تدور في إطار كوميدي خفيف، لكنه يحرص أن يقدمها كما اعتاد دائمًا بنضج فني وسلاسة في الأداء، لدرجة أن المشاهد يشعر بأن ثمة رابطًا مشتركًا بينهما، من شدة صدقه في تجسيد الشخصية، فهو دون افتعال يُركز في كل تفاصيلها، ويأخذ المُشاهد لعالم هذا الزوج التعيس الذي يشعر بغربة بين أفراد أسرته وسط تحكم زوجته المُتسلطة، في حين أن وظيفته كطيار من المفترض أن توفر له أدنى مستويات السعادة والرفاهية التي تغيب عنه في الواقع.
على مدار أكثر من عقدين من الزمن، أبدع طارق لطفي في أن يكون ممثلًا نبيلًا لديه من الموهبة الحقيقية التي تدفع جمهوره للإيمان به وتصديقه منذ طلته الأولى على الشاشة الصغيرة بشخصية "عبد العظيم" في مسلسل "حديث الصباح والمساء"، وحتى في أدوار الشر مثل شخصية "كين" التي جسّدها بمسلسل "جبل الحلال" مع الساحر الفنان الراحل محمود عبد العزيز.
مخزون إبداعي ظل بداخل طارق لطفي في مشاركاته الدرامية وكأنه يستعد للحصول على فرصته الحقيقية بعد أن قضى أكثر من 20 عامًا كبطل ثانٍ مؤثر، حتى جاءت له الفرصة الحقيقية في تصدر البطولة المطلقة في مسلسل "بعد البداية" عام 2015 الذي يعد بداية حقيقية له كشفت النقاب عن مواهبه المتعددة، التي رأى الكثيرون أن هذه الخطوة تأخرت كثيرًا عليه.
يُسحر طارق لطفي جمهوره بشخصياته الدرامية، فلا يوجد دور يشبه الآخر، حتى تمرد في "مذكرات زوج" عن تقديم الشخصيات المُركبة التي سبق أن جسدها من قبل مثل الغجري أو الشيطان بمسلسل "جزيرة غمام"، ومن قبلها "رمزي" الإرهابي في مسلسل "القاهرة كابول"، وأيضًا مروان ودخوله "بين عالمين" وغيرها، ليقدم "رءوف" في شكل جديد عليه، ويلقي من خلاله الضوء على أزمة منتصف العمر، وما يعاني منه بعض الأزواج في صمت دون أن يتفوهوا بها أو يعرفوا أسبابها وكيفية حلها، ليطرح المشكلة في الحلقات الأولى من العمل دون مواربة وبشكل مباشر وكأنه جراح ماهر يداوي مريضًا بكل سلاسة.
