تظاهر مئات الآلاف من العمال الفرنسيين، اليوم، خلال احتجاجات "الخميس العاصف"، في تظاهرات جديدة ضد إصلاح نظام التقاعد، الذي أقرته الحكومة برئاسة إليزابيث بورن، مع تحولها إلى أعمال عنف في العاصمة باريس ومدن أخرى، في مواجهة لا تظهر بوادر للتراجع من كلا الطرفين، ما نتج عنه تحول الضجة حول فرض الإصلاح، الذي اختارت الحكومة المضي فيه دون تصويت في البرلمان، باستخدام المادة 49:3، إلى أكبر أزمة داخلية خلال ولاية ماكرون الثانية.
الملك تشارلز
تلقي هذه الاحتجاجات بظلالها على الزيارة التي من المزمع أن يقوم بها الملك تشارلز الثالث إلى فرنسا، الأسبوع المقبل، وهي أول زيارة خارجية يقوم بها كملك.
3 ملايين متظاهر
بدت الأرقام في باريس ومدن أخرى أعلى مما كانت عليه في أيام الاحتجاج السابقة هذا العام، وأعلنت النقابات أن إجمالي من شاركوا في التظاهرات بلغ 3 ملايين وخمس مئة ألف متظاهر على مستوى البلاد حسبما ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية.
مقابلة ماكرون أججت الاحتجاجات
وأعطت الاحتجاجات زخمًا جديدًا بسبب رفض ماكرون في مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، التراجع عن الإصلاح، واصفًا المظاهرات بأنها أشبه باقتحام مبنى الكابيتول.
وشهدت شوارع باريس اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة خلال مظاهرة كبيرة، إذ أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وهاجمت الحشود بالهراوات.
وأفاد مراسلو وكالة فرانس برس، أن النيران اندلعت في الشارع وأضرمت النيران بأكوام القمامة، ما دفع رجال الإطفاء إلى التدخل.
800 ألف متظاهر في باريس
وتظاهر نحو 800 ألف شخص في العاصمة باريس وحدها، وفقًا للاتحاد العام للعمل"CGT"، وهو أعلى رقم يومي قدمته النقابات منذ بدء حركة الاحتجاج.
وأكد مراسلو وكالة فرانس برس أن عدة مئات من المتظاهرين يرتدون ملابس سوداء، حطموا نوافذ البنوك والمتاجر ومنافذ الوجبات السريعة ويدمرون أثاث الشوارع.
وأبلغت الشرطة عن اعتقال 14 شخصًا بحلول الخامسة مساء.
مظاهرات ليلية
منذ أن فرضت الحكومة الإصلاح، الخميس الماضي، خرجت عدة مظاهرات ليلية في جميع أنحاء فرنسا، ونسق الشباب إجراءاتهم بشأن خدمات الرسائل المشفرة.
وفي مدينة رين الغربية رفع أحد المتظاهرين لافتة كتب عليها: "أريد أن أتقدم في السن مع حبيبي، وليس مع رئيسي".
احتل المتظاهرون لفترة وجيزة القضبان في محطة قطار Gare de Lyon في باريس، ومنع البعض الوصول إلى مطار شارل ديجول.
تأثر القطارات والطيران
تم إلغاء نصف خدمات القطارات عالية السرعة في فرنسا، ولا تزال القمامة تتراكم في شوارع باريس، بسبب توقف جامعي القمامة.
وتصاعد الغضب بعد أن قال ماكرون بصيغة تحدٍ، الأربعاء، إنه مستعد لقبول عدم شعبيته بسبب إصلاح نظام التقاعد، الذي قال إنه "ضروري".
وأظهر استطلاع، أجري الأحد، أن نسبة التأييد الشخصي لماكرون بلغت 28 % فقط، وهي أدنى مستوياتها منذ حركة الاحتجاج "السترات الصفراء"، المناهضة للحكومة في 2018-2019.
قوة مفرطة
بناءً على تعليمات ماكرون، استندت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، الأسبوع الماضي، إلى المادة 49:3 في الدستور الفرنسي، لاعتماد الإصلاح دون التصويت البرلماني، ما أدى إلى اقتراحين لسحب الثقة في البرلمان نجت منه.
وكانت احتجاجات، اليوم الخميس، هي الأحدث في سلسلة من التظاهرات على مستوى البلاد، التي اندلعت في منتصف يناير، احتجاجًا على تغييرات المعاشات التقاعدية.
وحذرت وزارة الطاقة الفرنسية، اليوم، من أن إمدادات الكيروسين للعاصمة ومطاراتها أصبحت "حرجة"، مع استمرار الإغلاق في مصافي النفط.
اندلعت احتجاجات عفوية بشكل يومي في الأيام الأخيرة، ما أدى إلى اعتقال مئات الأشخاص واتهامهم بتكتيكات عنيفة من قبل الشرطة.
وأعربت منظمة العفو الدولية عن انزعاجها "بشأن الاستخدام واسع النطاق للقوة المفرطة والاعتقالات التعسفية التي وردت أنباء عنها في العديد من وسائل الإعلام".