قالت مصادر مطلعة، اليوم الخميس، إن عددًا من البنوك الكبرى تجري محادثات لإيداع مليارات الدولارات في بنك فيرست ريبابلك الأمريكي الذي صار أحدث المتضررين من المخاوف من أزمة مصرفية سريعة الوتيرة، بحسب رويترز.
وأثار انهيار بنك سيليكون فالي، الأسبوع الماضي، اضطرابات في السوق استمرت عدة أيام، وسقط في شباكها بنك كريدي سويس السويسري، أمس الأربعاء، واضطر لاقتراض ما يصل 54 مليار دولار من البنك المركزي السويسري، لدعم السيولة واستعادة ثقة المستثمرين.
وعاد التركيز إلى الولايات المتحدة اليوم، إذ قادت بنوك مسعى لتعزيز الدعم لبنك فيرست ريبابلك، الذي تراجعت أسهمه 70% في جلسات التداول التسع الماضية.
وقال أحد المصادر، إن أربعة بنوك كبرى تشارك في عملية الإنقاذ، هي "جيه.بي مورجان تشيس آند كو، سيتي جروب، بنك أوف أمريكا، وويلز فارجو آند كو".
وأضاف أن إجمالي عدد البنوك المشاركة في العملية هو 11 بنكًا، وأن خطة الإنقاذ تدعمها الجهات التنظيمية الأمريكية.
وأفاد بأن الخطة تتضمن إيداع البنوك 29 مليار دولار في فيرست ريبابلك.
وصعد سهم فيرست ريبابلك نحو 10% في تعاملات ما بعد الظهيرة، اليوم الخميس، ليمحو الخسائر التي مني بها في وقت سابق بعد تعليق التداول عليه عدة مرات خلال الجلسة.
وانتعشت أسهم البنوك الأمريكية الكبرى من مستويات متدنية سجلتها مؤخرًا، إذ صعدت أسهم جيه.بي مورجان ومورجان ستانلي وبنك أوف أمريكا أكثر من 1% لكل منها بعد ظهر اليوم، في حين تعافى مؤشر قطاع البنوك المدرجة على ستاندرد اند بورز 500 بنسبة 1.9%.
كما انتعشت بنوك صغيرة من أثر موجة البيع الأخيرة، إذ ارتفع سهما فيفث ثيرد بانكورب وسيتيزنز فايننشال جروب 1.9% و3.2% على الترتيب.
توتر بالسوق
وفي وقت سابق، أصبح كريدي سويس أول بنك عالمي كبير يحتاج حزمة إنقاذ طارئة منذ الأزمة المالية في 2008، إذ اجتاحت القطاع المصرفي مخاوف من تسرب تداعيات الأزمة، وأثارت شكوكًا حول قدرة البنوك المركزية على الاستمرار في رفع أسعار الفائدة بقوة.
غير أن البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس، اليوم، كما كان قد أشار في السابق، مؤكدًا متانة القطاع المصرفي في منطقة اليورو، مع التأكيد أن لديه الكثير من الأدوات لتقديم الدعم بالسيولة إذا لزم الأمر.
وقال البنك المركزي الأوروبي: إنه "يراقب عن كثب التوترات الحالية بالسوق وهو مستعد للتصرف كما يلزم للحفاظ على استقرار الأسعار والاستقرار المالي في منطقة اليورو".
وأغلقت أسهم كريدي سويس مرتفعة 19%، لتعوض جزءًا من خسارتها 25 %، أمس.
وتظهر بيانات رفينيتيف أنه منذ الثامن من مارس، أي قبل انهيار بنك سيليكون فالي، الأسبوع الماضي، خسرت البنوك الأوروبية نحو 165 مليار دولار من قيمتها السوقية.
وتسرب القلق خارج إطار القطاع المالي، إذ حثت رابطة مسؤولي الخزانة بالشركات الألمانية، القائمين على أمانات الصناديق في الشركات بالبلاد على عدم "الاستهانة بالوضع الحالي".
وشدد مسؤولون على أن الاضطراب الحالي، الذي يخشى فيه المستثمرون انهيارًا آخر مثل انهيار بنك ليمان براذرز، يختلف عن الأزمة المالية العالمية قبل 15 عامًا، إذ صارت رسملة البنوك أفضل وصار توفير التمويل أكثر سهولة.
وقالت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، إن النظام المصرفي في البلاد لا يزال متينًا بفضل الإجراءات "الحاسمة والقوية" التي أعقبت انهيار بنك سيليكون فالي.
وأضافت أليانز، إحدى أكبر الشركات المالية في أوروبا، أن السلطات "مجهزة جيدًا" للتعامل مع أي أزمة سيولة على عكس ما حدث خلال الأزمة المالية في 2007 و2008.
يركز المستثمرون أيضًا على أي إجراء تتخذه البنوك المركزية، إذ يراهن المتعاملون الآن على أن يوقف مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) مؤقتًا رفع أسعار الفائدة أو حتى يخفضها.
وكانت التوقعات تشير الأسبوع الماضي إلى أنه سيسرع وتيرة رفع أسعار الفائدة في مواجهة التضخم المستمر.
وواجهت بعض الشركات صعوبة في سداد القروض أو خدمتها بفعل الزيادة السريعة في أسعار الفائدة، وهو ما زاد من فرص الخسارة بالنسبة للبنوك القلقة من شبح الركود.