يتابع العالم بحذر البيانات الصينية التي تعلن عن عودة فيروس كورونا المستجد للتفشّي مرة أخرى، المرض الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة "ووهان" في أوائل شهر ديسمبر عام 2019، وعادت من جديد مع إجراءات "صفر كوفيد" التي أقدمت عليها بكين للقضاء على المرض.
بعد 3 أعوام من مواجهة وباء كورونا في العالم، وقبل أن تتعافى اقتصاديات البلدان من الضرر الذي لحق بها، عادت الصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم لتعلن عودته من جديد، مع اتخاذ إجراءات وقائية شديدة، وإغلاق للمدن المصابة للحد من انتشار المرض، على الرغم من التكاليف الاقتصادية الباهظة والتضرر الناجم عن الإغلاق.
وكشفت لجنة الصحة الوطنية أن الصين بها نحو 262966 إصابة بفيروس كورونا ظهرت عليها أعراض حالياً، بحسب وكالة "رويترز".
وأوضح تقرير لجنة الصحة تسجيل 3837 إصابة جديدة بفيروس كورونا أمس، من بينها 657 إصابة مصحوبة بأعراض و3180 بدون أعراض، ومع عدم حدوث وفيات جديدة لتظل الحصيلة عند 5226 حالة وفاة منذ عودة الفيروس للانتشار.
ووفقاً للبيانات الصينية، شهدت مقاطعة جوانجدونج الجنوبية تسجيل أعداد كبيرة من المصابين بفيروس كورونا، وتعد المقاطعة قوة تصنيعية، إذ شكلت 23 في المئة من صادرات الصين العام الماضي، ووقعت حالات تفشي في مقاطعات "جوانج دونج وشينج يانج وهيلونج يانج".
وحرصت الصين على اتباع نهج القضاء على وباء كورونا المستجد مع بدء ظهور الإصابات من جديد، بالقيام بمجموعة إجراءات منها الإغلاق والحجر الصحي المطول.
وتسعى السلطات الصينية إلى وضع حد للاضطرابات الناتجة عن فيروس كورونا بوتيرة أسرع، حتى لا يتأثر اقتصاد البلاد بشدة، بعد أن كان يتجه للتعافي جراء سنوات تفشي المرض السابقة، ولمواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي، بسبب القيود الوبائية التي لا تزال حكومة بكين متمسكة بها.
"صفر كوفيد" يهدد الصناعة الصينية
مع إجراءات "صفر كوفيد" والإغلاقات للمقاطعات التي تقرها الصين لمجابهة فيروس كورونا، تترقب الأسواق العالمية المستوردة للمنتجات الصينية نقصًا في الشحنات، مع تراجع القوة الإنتاج للمصانع الصينية من تلك الإجراءات.
وأعلنت المنطقة الاقتصادية لمطار "تشنجتشو" في وسط الصين، فرض إجراءات بأثر فوري بما يشمل منع كل السكان من الخروج ولن تسمح إلا للمركبات المصرح لها بالتحرك على الطرق، مع إغلاق مصنع تابع لشركة فوكسكون لهواتف آيفون الأمريكية، وأن تلك القيود ستظل مفروضة حتى التاسع من نوفمبر، بحسب وكالة "بلومبرج".
وتعد شركة فوكسكون أكبر مصنع لهواتف آيفون، حيث ينتج 70 في المئة من الشحنات التي يتم توجيها للعالم، وينتج أغلب الهواتف من مصنع الواقع في "تشنجتشو "الذي يعمل به نحو 200 ألف موظف وعامل.
وفي أحدث تداعيات عودة وباء كورونا للانتشار بالصين، قالت شركة نيو لتصنيع السيارات الكهربائية، إنها علقت الإنتاج في مدينة هيفي شرق البلاد وسط تزايد حالات الإصابات، بينما قررت شركة "يم تشاينا" المشغلة لسلسلتي مطاعم كنتاكي وبيتزا هت، الإغلاق المؤقت للمنافذ أو تقليص الخدمات في أكثر من ألف فرع من مطاعمها بالبلاد، بحسب رويترز.
يأتي هذا، في ظل انتشار "كوفيد-19" بسرعة أكبر في ثلثي مقاطعات الصين البالغ عددها 31 مقاطعة، بما في ذلك بعض أكبر المناطق الصناعية وأهمها من الناحية الاقتصادية.
"باركليز" يخفض توقعه للنمو ببكين
خفض بنك باركليز توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني خلال العام المقبل إلى 3.8 في المئة، بدلا من نسبة 4.5 في المئة، التي أعلنها البنك في سبتمبر الماضي، وذلك بسبب التوقعات بانخفاض الطلب العالمي على السلع الصينية.
وتوقع محللون في بنك باركليز أن تشهد بعض دول العالم ركودًا خلال العام المقبل، ونتيجة لذلك، فقد تتراجع صادرات الصين بنسبة تتراوح بين 2 إلى 5 في المئة في 2023، مقابل توقعات سابقة بنمو الصادرات بنسبة 1 في المئة، وفق تقرير نشرة بنك باركليز.
وفي استطلاع أجراه بنك الاستثمار الياباني، أن المقاطعات الصينية الـ31 الخاضعة لإغلاقات وحذر للحركة لمواجهة تفشي كورونا، تمثل 24.5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي.
وأوضح البنك أن عدد الصينيين الخاضعين لإجراءات السيطرة على تفشي فيروس كورونا في الوقت الحالي يبلغ نحو 232 مليوناً.
وتشكل الإجراءات التي اتخذتها الصين لمكافحة كورونا مع الإغلاقات التي أُعيد فرضها مرة أخرى، عبئًا ثقيلًا على الأنشطة الاقتصادية للشركات في الصين، وكذلك على ثقة المستهلكين.
وجدير بالذكر أن الصين شهدت واحدة من أسرع التوسعات المستدامة لاقتصاد رئيسي في التاريخ خلال عام 2021، حيث بلغ ناتجها المحلي الإجمالي نحو 18 تريليون دولار، وشكل 18.4 في المئة من الاقتصاد العالمي، وفقًا للبنك الدولي.