يبدأ أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، اليوم الثلاثاء، جولته إلى إفريقيا والتي يستهلها بزيارة إلى إثيوبيا؛ لمُناقشة جهود السلام الرامية إلى إنهاء الحرب الأهلية بين حكومة أديس أبابا وجبهة تيجراي المعارضة، على أن يتوجه بعد ذلك إلى النيجر في أول زيارة له إلى البلاد، التي تراهن عليها واشنطن لصد مخاطر الجماعات المسلحة في منطقة الساحل.
وتأتي هذه الزيارة في أعقاب إعادة صياغة الولايات المتحدة سياستها الشاملة في إفريقيا، إذ تحاول واشنطن أن تواجه التمدد الروسي والصيني في القارة السمراء، وخاصة في منطقة الساحل، وتعمل الإدارة الأمريكية أن تصبح بمثابة "الشريك المفضل" للدول الإفريقية في وقت تهتز فيه الدبلوماسية الأمريكية بصورة كبيرة، خاصةً بعد اتفاق السعودية وإيران ورجوع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين برعاية صينية.
وقال "بلينكن" في تغريدة على "تويتر" إنه يُسافر إلى إثيوبيا والنيجر "من أجل مُناقشة الأولويات العالمية والإقليمية المُشتركة"، مُشيرًا إلى أن بلاده تعتبر أن "دول إفريقيا شركاء أساسيين في الأمن الغذائي، وأزمة المناخ، والصحة العالمية، وحقوق الإنسان، والسلام"، مُضيفًا أن هذه البلدان "تستحق تمثيلًا أكبر في المؤسسات العالمية".
إثيوبيا المحطة الأولى
ومن المتوقع أن يستهل "بلينكن" زيارته في إثيوبيا، والتي تستمر لمدة يومين، بمحادثات ثنائية مع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، حول تنفيذ اتفاق 2 نوفمبر للسلام في تيجراي، وسيلتقي شركاء في المجال الإنساني وجهات فاعلة في المجتمع المدني؛ لمناقشة الأمن الغذائي وحقوق الإنسان، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأمريكية.
يُذكر أنه تم إبرام اتفاق سلام بعد عامين من الحرب بين الحكومة الإثيوبية وجماعة إقليم تيجراي المعارضة، والتي أدت الصراعات بينهما لدمار الإقليم الأهم لإثيوبيا والواقع بشمال البلاد.
وكان ينظر إلى إثيوبيا باعتبارها حليفًا قويًا للغرب، حتى اندلاع الصراع في إقليم تيجراي بشمال البلاد في نوفمبر 2020، إذ فرضت واشنطن عقوبات على إثيوبيا؛ بسبب ما وصفته بـ"الفظائع" في إقليم تيجراي.
في غضون ذلك، حاولت روسيا استعادة نفوذها في منطقة القرن الإفريقي عبر إثيوبيا، مُستغلة التوتر في العلاقات بين أديس أبابا وواشنطن، إذ أبرمت موسكو اتفاقية تعاون عسكري مع أديس أبابا في يوليو 2021.
وعقب بدء الحرب الروسية الأوكرانية، كانت إثيوبيا ضمن المحطات الرئيسية لوزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، بهدف حشد دعم الدول الإفريقية لموسكو. وقدم "لافروف" روسيا، خلال زيارته لأديس أبابا، باعتبارها "صديقًا جديرًا بالاحترام" لإفريقيا.
كما كانت إثيوبيا المحطة الإفريقية الأولى لوزير الخارجية الصيني الجديد، تشين جانج، إذ زارها في يناير الماضي، بعد أسابيع من تعيينه في المنصب في ديسمبر 2022.
قطع الطريق
وتحاول الولايات المتحدة قطع الطريق أمام تقارب روسيا والصين المُتزايد مع إثيوبيا، بعدما تحسنت العلاقات بين واشنطن، وأديس أبابا، عقب التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الصراع في تيجراي في نوفمبر الماضي.
وشارك آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، في القمة الأمريكية الإفريقية التي استضافتها واشنطن في ديسمبر 2022 والتي انتقدت خلالها الإدارة الأمريكية، الصين وروسيا واتهمتهما بـ"زعزعة الاستقرار".
وفي يناير الماضي، زارت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية إثيوبيا، واتهمت الصين بإثقال كاهل إفريقيا بالديون، وهي الاتهامات التي رفضها وزير الخارجية الصيني تشين جانج، أثناء زيارته لإثيوبيا في وقت سابق من الشهر ذاته.
وتعتبر بكين أكبر مستثمر في الدول الإفريقية والنامية، كما أنها تعتبر أكبر دائن أيضًا، إذ وصل إجمالي مديونات الصين لإثيوبيا فقط نحو 13.7 مليار دولار، في وقت تُواجه فيه إثيوبيا صعوبات في الوفاء بالتزامات ديونها، بحسب تقرير لشبكة "بلومبرج".
النيجر.. خطوة جديدة
ومن المتوقع أن يصل وزير الخارجية الأمريكي إلى النيجر الخميس، لعقد عدة لقاءات مع الرئيس، محمد بازوم، ومع نظيره، حسومي مسعودو، في العاصمة نيامي، وفق بيان وزارة الخارجية.
وتستمر هذه الزيارة لمدة يومين، وتعتبر المرة الأولى التي يزور فيها الوزير الأمريكي لنيامي.
وتأتي زيارة "بلينكن" للنيجر فيما تحاول روسيا التفوق على الغربيين في المنطقة، وعلى خلفية زيادة وجود مجموعة "فاجنر" الروسية بالمنطقة.
في غضون ذلك، تعوّل الولايات المتحدة على وحلفائها، في دولة النيجر بمنطقة الساحل، لوقف انتشار تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين، في ظل تكبد كل من مالي وبوركينا فاسو خسائر فادحة؛ بسبب هجمات المسلحين والانقلابات العسكرية، بحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال".
ويُذكر أن الولايات المتحدة قدمت بعض المساعدات للنيجر في خطواتها لمكافحة الإرهاب، ويوجد في البلاد نحو 800 جندي أمريكي لتدريب القوات المحلية على مُواجهة الجماعات المتطرفة والمسلحة.