مع اشتداد المنافسة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى العالمي، يرى البعض أن الصين نجحت في تثبيت أقدامها في الشرق الأوسط عبر باب الوساطة، لتواجه هيمنة واشنطن باعتبارها الدولة الأكثر نفوذًا على الساحة الدولية، وظهر ذلك جليًا في إعادة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية بوساطة صينية، الأمر الذي أجمعت ردود الفعل العالمية على أنه اختراق دبلوماسي لا يُستهان به، فهل تصل أصداء هذا التنافس إلى تسوية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني؟
دعم صيني للقضية العادلة
تستكمل الصين دور الوساطة في المنطقة بلقاء تشاي جون، المبعوث الصيني الخاص لشؤون الشرق الأوسط، ضمن وفد صيني، اليوم الاثنين، بمحمود عباس، الرئيس الفلسطيني، في القصر الرئاسي في رام الله، الذي أكد خلاله "تشاي جون" أن الصين ستواصل دعمها الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، حسبما ذكر التلفزيون المركزي الصيني، ما أثار التكهنات حول ما إذا كانت بكين تخطط للدخول على خط الوساطة بين إسرائيل وفلسطين.
في هذا الصدد، قال مبعوث الصين خلال زيارته لرام الله: "إن بكين تدعم العدالة، وتعزيز محادثات السلام بنشاط، وبذل جهود دؤوبة لتعزيز حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين".
من جانبه، صرّح الرئيس الفلسطيني خلال الاجتماع، بأن بلاده تقدر بشدة موقف بكين العادل بشأن القضية الفلسطينية، وشكر الصين على تقديم دعمها القيّم لفلسطين لفترة طويلة، كما أعرب عن أمله في أن تواصل الصين لعب دور بناء في تعزيز تسوية مبكرة وعادلة للقضية الفلسطينية.
عراقيل أمام الوساطة
وفي وقت سابق من الجمعة الماضي، التقى تشاي جون، المبعوث الخاص للحكومة الصينية بشأن قضية الشرق الأوسط، تور وينسلاند، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، في القدس المحتلة، لتبادل وجهات النظر حول القضية الفلسطينية، وللتأكيد على دعم الصين، الأمم المتحدة، والمنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، في القيام بدور الوساطة بشكل فعال، لتهدئة الوضع التوتر المتفاقم بين فلسطين وإسرائيل، حسبما ذكر موقع "بكين ديلي".
وفيما يتعلق بالعراقيل التي تقف بوجه الوساطة الصينية في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، أكد الخبير الصيني "وو بينج بينج"، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة بكين، أن تدخّل العديد من الأطراف في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، وعلى رأسهم الفصائل الفلسطينية المختلفة، هو ما يعرقل الوساطة الصينية ويجعل الأمر أكثر تعقيدًا، على عكس الصراع الإيراني-السعودي الذي يدور بين دولتين فقط على جانبي الخليج، الذي ساعد بكين على تحقيق نجاح ملموس في الوساطة.
اقتراح إسرائيلي
كان شموئيل هارلاب، الكاتب الإسرائيلي، لفت قبل شهرين إلى أن تحالف الولايات المتحدة الأمريكية والصين ربما يجبر الفلسطينيين والإسرائيليين على استكمال المفاوضات التي لم يتم الانتهاء منها مُسبقًا، مؤكدًا أن تقسيم فلسطين إلى دولتين (عربية ويهودية) لا يزال ممكنًا، لكن الطريقة الوحيدة لتطبيق هذا المُقترح لن تفلح إلا باتفاق مُلزم تفرضه قوى عظمى تتنازع على النفوذ العالمي، مثل واشنطن وبكين، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
وأفاد الكاتب الإسرائيلي بأن الولايات المتحدة وأوروبا أثبتوا أنهم غير قادرين على تسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني بمفردهما، لذا ربما حان الوقت لبحث إمكانية تحالف الولايات المتحدة والصين فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تتلاشى فيه الجهود السياسية الرامية إلى وضع نهاية للصراع بين الخصمين، إلى جانب النضال السياسي من قِبل السلطة الفلسطينية، الذي يغذيه التضامن العربي والعالمي مع القضية العادلة، وخصوصًا مع صعود حكومة يمينية هدفها الوحيد تكثيف الاستيطان في الضفة المحتلة، وفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن التعاون الصيني الأمريكي لإنهاء الصراع سيغير الشرق الأوسط، وربما يمتد ليشمل مناطق الصراع بأكملها، مؤكدًا أن للصين مصلحة في أن تظهر للعالم أنها الدولة الوحيدة التي أدت مشاركتها إلى إنهاء صراع امتد لأكثر من 100 عام، وفشل الغرب في تسويته، وفي هذه الحالة، سيعترف العالم بواشنطن وبكين كمسؤولين مشتركين في العالم، لكنه لفت إلى أن تحالف كل من بكين وواشنطن يبدو ميئوسًا منه، إذ تقف كل من الولايات المتحدة والصين على جانبي الحاجز في الشرق الأوسط، فالأولى تقف بجانب إسرائيل وتعارض إيران، بينما تدعم بكين طهران والعالم العربي بقوة.
وزادت حدة التوتر في الضفة الغربية المحتلة في الفترة الأخيرة، إثر تصاعد الهجمات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني منذ صعود حكومة إسرائيلية متطرفة تستعد لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية والهيمنة على الفلسطينيين، وسط تنديد عربي ودولي واسع للممارسات الإسرائيلية القاسية ضد الفلسطينيين، التي تشمل حملات الاعتقال والقتل الممنهج وهدم ومصادرة الأراضي وتحريض المستوطنين على العنف.