بعد مرور عام على الأزمة "الروسية - الأوكرانية"، التى تُعد أحد أعقد الأزمات العالمية الراهنة، إذ لا تلوح في الأفق حتى الآن بوادر حلول سياسية، مع مواصلة حلف شمال الأطلسى (الناتو) والولايات المتحدة الأمريكية في إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا والاستعدادات الروسية المكثفة لشن هجوم، يتساءل الجميع عن آمال انتهاء الحرب وإلى أين يذهب العالم وسط استمرار الأزمة؟
سيناريوهات الأزمة "الروسية - الأوكرانية"، في ظل التطورات المختلفة العسكرية والسياسية، حذَّر منها خبراء في الشأن الدولي أثناء حديثهم لقناة "القاهرة الإخبارية"، مؤكدين أنَّ استمرارها يؤثر على شكل خريطة العالم خلال عام 2023، وتدفع إلى ظهور لاعبين جدد يؤججون الصراعات، وأن الحرب جاءت على حساب أزمات إقليمية لبعض الدول أبرزها القضية الفلسطينية ودول تعانى من مجاعات، فيما لفت آخرون إلى أنَّ مواصلة دعم أوكرانيا يكبّح أطماع روسيا فى الاستيلاء على الأراضى الأوكرانية، وأنه من الواجب على أمريكا مواصلة إرسال الأسلحة إلى "كييف" للدفاع عن سيادة أراضيها.
سباق تسلح استراتيجي
الدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية المصري، قال إنَّ الأزمة "الروسية - الأوكرانية" بدأت بين دولتين، ثم تحولت إلى حرب ذات طابع عالمي وصنعت أزمات متتالية لكثير من الدول، أبرزها الطاقة وسلال الغذاء.
وفي رؤيته عن شكل العالم بعد انتهاء الحرب، توّقع "فرحات" أنَّه لن يكون في أفضل حالاته، لافتا إلى سباق التسلح الاستراتيجي في الصواريخ بعيدة المدي والقدرات النووية الاستراتيجية ومتغيرات كثيرة وظهور حلفاء ولاعبين جدد.
وأوضح أنَّ الحرب جاءت على حساب أزمات إقليمية تحتاج لحلول جذرية خصوصا ببعض الدول، فهناك الصراع "الفلسطيني - الإسرائيلي"، ودول تعانى من المجاعات.
ويرى مدير مركز الأهرام المصري، أنَّ الدول الوسطى هي التي دفعت الثمن، وتحاول إعادة الأمور إلى نصابها خصوصًا مع الشواغل الأمنية التي تغير من النظام العالمي.
ووصف الصراع القائم الآن بـ"الخطير" بسبب عدم وجود أهداف واضحة بين القوى المتحاربة، فيما يرى أن الولايات المتحدة تتعامل مع الأزمة بقصد استنزاف روسيا اقتصاديًا والنيل منها.
مواصلة الدعم الأمريكي
وفي حديثه لـ"القاهرة الإخبارية"، أشار برنت سادلر، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، إلى أنَّ القوات الروسية ستواصل تقدمها في الأراضي الأوكرانية، وظهر ذلك في كلمة الرئيس فلاديمير بوتين، وأوضح "سادلر" أنَّ نشاطًا ظهر للجنود الروس الجدد خصوصًا على حدود "دونباس".
وذكر المسؤول السابق في البنتاجون، أنَّ بعض القادة في أمريكا يرون أنه إذا نجح بوتين في مساعيه بـ"أوكرانيا"، فلن يتوقف عند الأراضي التي استولى عليها فقط، بل سيسعى للحصول على المزيد من أراضي أوكرانيا.
وعن حدود الدعم الذي تُقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا، قال "سادر" إنَّ الإدارة الأمريكية قيّمت الخطوط الحمراء التي وضعها "بوتين" بشكل خاطئ، والتي تنص على عدم توفير معدادت عسكرية، مبينًا أن هناك مساعي جادة من واشنطن لتقديم طائرات مقاتلة لـ"كييف" خلال فصل الصيف، ومن المتوقع أن يزيد التوتر مع روسيا، ونوه بأن وضع القوات الأمريكية وإمداد كييف في المعركة لا يعد انتهاكًا للخطوط الحمراء.
كيف يمكن تقييم نتائج الحرب؟
يري سيرجي ماركوف، المستشار السابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنَّ روسيا لديها منظومة ديمقراطية شرعية ورئيس يدعمه غالبية الشعب، معتبرًا أنَّ تعليق العمل بمعاهدة "نيوستارت" نابع من وجود طموحات عسكرية لدى روسيا ولا يجب أن نخرج عن هذه الأحلام.
وأوضح أنَّ روسيا دولة نووية ذات قوة ولا يوجد لديها أى هزائم عسكرية، فيما طالب بتنفيذ المخاوف الأمنية الروسية، إذ إنه لا يوجد لديها طموحات بشأن النصر غير المبرر.
وذكر أنَّ "روسيا" دولة لها تاريخ كبير وأوكرانيا منذ 2014 تحصل على دعم كبير من واشنطن، فأمريكا تقود عدوانًا ضد موسكو، وتحاول تنفيذ أعمال عدائية عبر الأراضى الأوكرانية واستخدامها ضد روسيا.
أزمة أوكرانية منذ 2014
الدكتور مكسيم يالي، أستاذ العلاقات الدولية الأوكراني، قال إنَّ الحرب "الروسية - الأوكرانية" بدأت من 9 سنوات، منذ محاولات روسيا احتلال شبه جزيرة القرم وتعرضها لبعض المناطق الأخرى.
وأشار إلى أنه منذ 2014 كانت هناك بعض الاتفاقيات التى وقعتها أوكرانيا وخالفتها روسيا، ووصف ما حدث على مدار العام الماضى بـ "العمل المأسوي" يعاني منه آلاف المدنيين من الشعب الأوكراني.
وأكد أن الحرب تسببت فى تدمير البنية التحتية الأوكرانية، فالمواطن لايستطيع التنقل بكل حرية، ورفض فكرة إعطاء الأزمة صبغة أنَّ هناك صراعًا "روسيًا - أمريكيًا"، ولكن هدف موسكو السيطرة على أوكرانيا، فيما حمّل موسكو سبب أزمة الغذاء العالمية خصوصًا أنَّ أوكرانيا من الدول الكبرى الموردة للحبوب.
واعتبر الباحث الأوكراني، أنَّ روسيا فتحت على العالم صندوق "التعاسة" لأنها بدأت الصراع وامتد تأثيره إلى العديد من دول العالم، والسبيل الوحيد لتوقف الحرب هو السماح لأوكرانيا بالدفاع عن نفسها، لأن روسيا تتفهم لغة القوة.