أعلنت أوكرانيا إسقاط عدد من المناطيد التي أرسلتها روسيا لاختبار أنظمة دفاعها الجوي في كييف، الأربعاء الماضي، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وسجلت القوات الجوية الأوكرانية "نحو ستة أهداف جوية معادية" تحلق فوق كييف وتم إسقاط بعضها، حسبما أعلنت الإدارة العسكرية في كييف عبر صفحتها بموقع "تليجراف".
وأضاف بيان الإدارة العسكرية الإقليمية للعاصمة الأوكرانية، "وفق المعلومات الأولية، تم رصد نصف 6 من الأجسام الطائرة في المجال الجوي لكييف، إنها عبارة عن مناطيد تتحرك تحت تأثير الرياح".
وأوضح البيان أنه من الممكن أن يكون الروس قد أرسلوا تلك المناطيد للكشف عن المواقع الأوكرانية المضادة للطائرات. وأشار إلى أن السلطات تفحص المنطاد لتحديد الغرض منه.
وتسبب وجود هذه الأجسام الطائرة في انطلاق صفارات الإنذار من هجوم جوي بالعاصمة الأوكرانية، الأمر الذي عادة ما يحدث عند اقتراب الصواريخ.
إهدار الموارد
وأوضحت الإدارة العسكرية الإقليمية لكييف أن السلطات ستقوم بجمع حطام هذه الأجسام الطائرة لتحليلها للاشتباه بأن روسيا أرسلتها لتشغيل أنظمة الدفاع الجوي وتحديد مواقعها.
وفي وقت سابق قدّر سلاح الجو الأوكراني بأن الروس كانوا يحاولون دفع القوات الأوكرانية إلى "إهدار مواردها، بما في ذلك صواريخ المضادات الجوية، على هذه الأجسام التي لا تكلف شيئًا تقريبًا".
إغلاق المجال الجوي
وقال متحدث باسم القوات الجوية إنه "عبارة عن منطاد عادي مملوء بالغاز، وفيه عاكس ورادار متصلان بخيط"، وأضاف "لكنه لا يزال هدفًا جويًا وأنظمة الدفاع الجوي مجبرة على الرد".
ولم تعلق روسيا على هذه التصريحات، لكن في الوقت نفسه تؤكد أوكرانيا رصدها مرارًا لعدد من المناطيد الروسية داخل مجالها الجوي على مدار عام تقريبًا منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا 24 فبراير 2022.
من جهتها أعلنت الجارة مولدوفا إغلاق مجالها الجوي مؤقتًا بسبب منطاد جاء من أوكرانيا وانجرف إلى رومانيا.
وأغلقت مولدوفا مجالها الجوي لأكثر من ثلاث ساعات، الثلاثاء الماضي، مشيرة إلى "مخاطر أمنية" لكنها لم تقدم مزيدًا من المعلومات. وقالت هيئة الطيران في مولدوفا إن القرار اتخذ "لضمان سلامة الطيران المدني".
وتستحوذ المناطيد المستخدمة لأهداف تجسسية، على اهتمام عالمي خلال الفترة الماضية، خاصة بعد الأزمة التي انفجرت بين الولايات المتحدة والصين بعد اكتشاف مناطيد صينية تحلق في المجال الجوي لواشنطن مزودة بمعدات مراقبة، غير أن بكين تنفي الاتهامات بالتجسس.
حرب "المناطيد" العالمية
منطاد بكين لم يكن الأخير في هذه الحرب التي اشتعلت خلال الشهر الجاري، إذ أعلنت اليابان الأربعاء الماضي أيضًا عن انتهاك مجالها الجوي ببالونات (مناطيد) مراقبة متهمة جارتها الصين بهذه الخطوة.
وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، هيروكازو ماتسونو في تصريحات صحفية: "بعد إجراء المزيد من التحقيقات حول الأجسام على شكل بالونات التي شوهدت في المجال الجوي الياباني في السابق، يشتبه بشدة في أنها كانت بالونات مسيّرة قادمة من الصين".
من جهة أخرى، قالت بريطانيا الشهر الجاري، إنه "من الممكن" أن تكون الصين أرسلت مناطيد تجسس عبر المجال الجوي البريطاني".
وقال وزير النقل البريطاني ريتشارد هولدن في تصريحات صحفية: "إنه من الممكن أيضا ومن المرجح أن أفكر أن هناك أشخاصًا من الحكومة الصينية يحاولون التصرف كدولة معادية".
وتابع هولدن "أعتقد أنه يجب أن نكون واقعين بشأن التهديد الذي تشكله تلك الدول للمملكة المتحدة"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء البريطانية "بي ايه ميديا".
كما قالت كندا إنها سمحت لمقاتلات أمريكية بإسقاط جسم غامض فوق أراضيها مثّل خطرًا على الرحلات الجوية المدنية.
عصر المناطيد
ومع تكرار الأحداث العالمية، باتت المناطيد أحد أهم المخاطر التي تخشاها الدول، خاصة مع وجود تجارب في عديد من الدول لاستخدام المناطيد التي تصل إلى ارتفاعات عالية في المجالات العسكرية والأمنية.
على سبيل المثال، في العام 2019، أجرت الولايات المتحدة تجارب باستخدام مناطيد عالية الارتفاع لمراقبة مساحات شاسعة تشمل ست ولايات في الغرب الأوسط، بهدف ردع تجار المخدرات وتهديدات للأمن الداخلي.
وفي الشهر الماضي قال الجنرال ستيفان ميل، رئيس أركان القوات الجوية والفضائية الفرنسية، لمجلة "بريكنج ديفانس"، أن التكنولوجيا اليوم تسمح للمناطيد الحاملة لأجهزة الاستشعار، الوصول إلى ارتفاعات تصل إلى بين 20 و100 كيلومتر وربما أكثر.
من جهة أخرى، قال الديمقراطي البارز في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، جيم هايمز، في تصريحه لصحيفة "الجارديان"، أن هناك ثلاث مزايا محتملة للمناطيد فيما يتعلق بجمع المعلومات الاستخباراتية.
أولها "أن كلفتها لا تبلغ المليار دولار، على عكس الأقمار الاصطناعية".
ويتابع: "الميزة الثانية أن المناطيد لديها ميزة جمع المعلومات المستمرة، وقدرات مراقبة مستمرة لا تمتلكها الأقمار الصناعية. أما الثالثة فهي القرب، الفيزياء تخبرك أنه كلما اقتربت، كانت الصورة أوضح".
ويرى مراقبون أن الصين تسعى لمنافسة القدرات الاستخباراتية العالية للولايات المتحدة التي تجمع معلومات استخباراتية عن الصين من قواعد في اليابان وأستراليا عبر طائرات التجسس P-8 بشكل يومي.
من جهتها، ترى الخبيرة في الشأن الصيني لدى صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، بوني جلاسر في تصريحات صحفية: "يبدو لي أن الصينيين أصبحوا مبدعين في إيجاد طرق جمع المعلومات التي يعتقدون أنها ربما توفر لهم بعض الأفكار حول القدرات الأمريكية أو على الأقل تكشف لهم نقاط الضعف".
ويقول الاستاذ المساعد في جامعة "جون هوبكينز" جريجوري فالكو، في تصريحات لموقع الإذاعة البريطانية بي بي سي، أن المناطيد الهوائية وخاصة التي تم إسقاطها أخيرًا مصممة لعمليات المراقبة، ما ينفي مزاعم الصين بأن هذا المنطاد مخصص لأغراض مدنية.