الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الإضرابات العمالية تنهش اقتصادات "الثلاثة الكبار" في أوروبا

  • مشاركة :
post-title
احتجاجات حاشدة فى مارسيليا الفرنسية

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

فاقمت الإضرابات العمالية التي تشهدها القطاعات الخدمية في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، احتجاجًا على تدنى الأجور، الأزمة التي تعصف باقتصادات الثلاثة الكبار في أوروبا.

فرنسا.. الاقتصاد ينزف والتضخم يتزايد

في فرنسا، أدت الإضرابات التي تنظمها النقابات العمالية، احتجاجًا على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، إلى اضطراب شديد في وسائل النقل العامة، وإلغاء رحلات جوية، وأرصفة قطارات خالية من الركاب، واحتجاجات واسعة النطاق، وانقطاعات في إمدادات الكهرباء.

وتعارض الغالبية العظمى من الفرنسيين تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبرفع سن التقاعد لمدة عامين من 62 إلى 64 عامًا. بينما أكد الرئيس الفرنسي أن لا غنى عنه للإصلاح.

وشهدت فرنسا حتى الآن، خمسة إضرابات، انسحب خلالها الموظفون بأعداد كبيرة، ما أدى إلى ضياع ما يربو عن ثلاثة ملايين يوم عمل، وهو ما كبد اقتصاد البلاد خسائر تقدر بمليارات الدولارات.

وفى ديسمبر الماضي، قدر جان بيير فاراندو، رئيس الهيئة الوطنية لسكك حديد فرنسا، تكلفة الخسائر التي تسببت فيها سلسلة الإضرابات التي بدأها عمال السكك الحديدية منذ 5 ديسمبر الماضي، احتجاجًا منهم على إصلاحات قانون المعاشات التقاعدية، بمبلغ 400 مليون يورو.

وارتفع التضخم في فرنسا خلال يناير ليصل إلى 7% بفعل ارتفاع أسعار الطاقة، والإضرابات العمالية، كما نما الاقتصاد الفرنسي خلال الربع الرابع بأقل من المتوقعات عند 0.1% ما يشير إلى استمرار الضغوط على الاقتصاد المحلي.

بريطانيا.. الركود يخيم على الاقتصاد

وفى بريطانيا، وصلت الإضرابات إلى أعلى مستوى لها منذ 30 عامًا مع ارتفاع معدلات التضخم وتآكل الأجور. وخسرت المملكة المتحدة أيام عمل بسبب الإضرابات في عام 2022 أكثر من أي عام منذ عام 1989، حيث انسحب الموظفون بأعداد كبيرة وسط ارتفاع تكاليف المعيشة.

وأظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية، أن ما يقرب من 2.5 مليون يوم عمل قد ضاع بسبب الإضراب الصناعي بين يونيو وديسمبر، وهو أعلى مستوى منذ عام 1989 عندما ضاع 4.1 مليون يوم. وقال مكتب الإحصاء الوطني إن 843.000 يوم عمل ضاعت في ديسمبر 2022 وحده، وهو أعلى رقم شهري منذ نوفمبر 2011.

ويطالب العمال في القطاعات الخدمية الحيوية بالمملكة المتحدة، بأجور أعلى في الوقت الذي يصارعون فيه أزمة تكاليف المعيشة، حيث اقترب التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود.

وعرضت الحكومة البريطانية على العديد من العاملين في القطاع العام زيادات قدرها 4٪ أو 5٪ للسنة المالية الحالية، وهي أقل بكثير من معدل التضخم السنوي البالغ 10.5٪ في ديسمبر.

ورفضت حكومة المملكة المتحدة حتى الآن منح موظفي القطاع العام مكافآت رواتب أعلى، بحجة أن القيام بذلك يخاطر بجعل مشكلة التضخم أسوأ، وتقوم الحكومة بإدخال قوانين ستجعل من الصعب على العمال الرئيسيين الإضراب.

توقعات بانكماش الاقتصاد البريطاني

ومع تواصل الإضرابات العمالية، يخيم شبح الركود فوق الاقتصاد البريطاني، إذ أفاد بنك إنجلترا الأسبوع الماضي بأن الاقتصاد البريطاني سينكمش في كل فصل من عام 2023.

وسدد صندوق النقد الدولي ضربة أخرى لحكومة رئيس الوزراء المحافظ ريشي سوناك عندما توقّع أن تكون المملكة المتحدة الدولة الوحيدة ضمن بلدان مجموعة السبع التي تسجّل نموا سلبيا في 2023.

وسجّلت المملكة المتحدة عام 2020 أكبر انكماش ضمن مجموعة السبع جرّاء تداعيات كوفيد. وما زالت البلد الوحيد في المجموعة الذي لم يعد الناتج فيه بعد إلى مستويات ما قبل الوباء.

ويشهد الاقتصاد البريطاني تدهورا متزايدا في الآونة الأخيرة فلا يزال يتجه بقوة إلى دائرة الركود، ليس فقط بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والجائحة، وإنما أيضا جراء بريكست، والإضرابات.

وانكمش اقتصاد المملكة المتحدة بوتيرة أسرع من المتوقع خلال الربع الثالث من العام الماضي، نتيجة تباطؤ استثمار الشركات وانخفاض دخل الأسر. وحذر البنك المركزي البريطاني من أن الاقتصاد قد يواجه أطول فترة ركود منذ أن بدأت السجلات الموثوقة قبل قرن من الزمان.

وأكبر قوة اقتصادية في أوروبا انكمش إجمالي الناتج الداخلي فيها بنسبة 0,2 في المئة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2022 على خلفية الحرب في أوكرانيا.

يقول جون سبرينجفورد، نائب مدير مركز الإصلاح الأوروبي، إن مغادرة لندن للسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي قلل من حجم الاستثمارات التي تأتي إلى بريطانيا بنسبة 11 بالمئة، ومن تجارة السلع بنسبة 7 بالمئة في الربع الثاني من عام 2022، وقد ساهم ذلك في تأخر بريطانيا عن جميع الاقتصادات الرئيسية الأخرى.

ألمانيا.. توقعات بخسائر اقتصادية تصل لـ 595 مليار يورو

وفى ألمانيا، حذرت الشركة المشغلة لأكبر مطار في البلاد في فرانكفورت، أمس الأربعاء، من أن الإضرابات المخطط لها في 7 مطارات ألمانية، غدا الجمعة ستؤدي إلى "اضطرابات هائلة"، مما يمهد الطريق ليوم آخر من فوضى السفر الناجمة عن الخلافات على الأجور.

ودعت نقابة العمال الألمانية "فيردي"، العمال في مطارات فرانكفورت وميونيخ وشتوتجارت وهامبورج ودورتموند وهانوفر وبريمن إلى الإضراب عن العمل لمدة 24 ساعة، قائلة إن جهود المفاوضة الجماعية لم تحرز سوى تقدم ضئيل.

وقالت شركة "فرابورت"، مشغل مطار فرانكفورت، الذي أحصى أكثر من 48 مليون مسافر في عام 2022: "يوم الجمعة، 17 فبراير 2023، سيكون هناك بالتالي اضطرابات كبيرة في الحركة الجوية"... وحثت المسافرين على تجنب المطار غدا.

ومن المتوقع أن يؤثر الإضراب على السفر الداخلي على وجه الخصوص، وفقًا لفيردي، التي قالت إنها أعطت تحذيرًا مسبقًا بشأن الإضراب حتى يتمكن الركاب من إيجاد بدائل.

يتزامن الإخلاء أيضًا مع بدء مؤتمر ميونخ للأمن التاسع والخمسين، الذي يجمع مئات المندوبين، بما في ذلك العديد من القادة العالميين.

وقال مطار ميونيخ، ثاني أكبر مطارات ألمانيا، إنه لن تكون هناك رحلات ركاب منتظمة يوم الجمعة، لكن الرحلات الخاصة، بما في ذلك رحلات مؤتمر ميونخ للأمن لن تتأثر.

ومع ذلك، قال متحدث باسم لجنة السلامة، إن الإضراب سيكون له تأثير على جدول المؤتمر، مضيفًا أن المنظمين على اتصال وثيق مع جميع الأطراف لتقليل التأثير.

مفاوضات مع العمال

وتجري النقابة حاليًا مفاوضات بشأن ثلاث مجموعات من العمال، وهي موظفو الخدمة الأرضية ومسؤولو القطاع العام وعمال أمن الطيران.

وقالت كريستين بيهلي، عضو مجلس إدارة شركة فرابورت، في بيان: "لا يزال هناك نقص كارثي في العاملين في الخدمات الأرضية، وقد شعر بذلك بوضوح المسافرون الصيف الماضي".

ويواصل قطاع البريد الألماني (دويتشه بوست)، تنظيم إضرابات عن العمل، بعد فشل المفاوضات مع الحكومة بشأن الأجور.

ومع استمرار الإضرابات العمالية في ألمانيا، توقع تقرير حديث لمعهد كولونيا الألماني للأبحاث الاقتصادية، أن تصل خسائر الاقتصاد الألماني إلى 595 مليار يورو بنهاية عام 2023. وكشف المعهد الألماني في الدراسة أنه وفقًا للبيانات الأخيرة للناتج المحلي الإجمالي في البلاد، فإن نصيب المواطن الألماني من هذه الخسائر سيصل إلى ما يقرب من 2000 يورو.