نعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الممثلة الفرنسية الشهيرة بريجيت باردو، قائلًا: "نتذكر أفلامها وصوتها وشهرتها الباهرة وأحزانها وشغفها الكبير بالحيوانات ووجهها الذي صار ماريان (الشخصية النسائية التي ترمز إلى قيم الجمهورية الفرنسية) وجسدت بريجيت باردو حياة الحرية، حياة فرنسية وإشراقة عالمية.. أثرت فينا، لذا ننعى أسطورة من أساطير القرن".
وقالت مؤسسة باردو: "كانت بريجيت باردو ممثلة ومغنية عالمية شهيرة، فضلت التخلي عن مسيرتها المهنية المرموقة لتكريس حياتها وطاقتها للدفاع عن الحيوانات ومؤسستها، تتمنى المؤسسة تكريم ذكرى امرأة استثنائية بذلت كل شيء وتخلّت عن كل شيء من أجل عالم أكثر رفقًا بالحيوانات".
ونعت الجمعية الفرنسية لحماية الحيوانات، الممثلة الشهيرة، قائلة: "باردو الشخصية الأيقونية التي دافعت بحماس عن حقوق الحيوان منذ سبعينيات القرن الماضي عبر مؤسستها التي أنشأتها في الثمانينيات، وكرست حياتها للدفاع عن من لا صوت لهم".
وأضافت: "أسهم التزامها الراسخ في تغيير المواقف وتحقيق تقدم كبير في مجال حماية الحيوان.. شكرًا لكِ يا بريجيت باردو على كل إنجازتك".
"معركتي الوحيدة"
شاركت باردو، عام 1973 في آخر فيلم بمسيرتها الفنية التي شملت 42 فيلمًا، لكنها أعلنت لاحقًا أن عالم السينما فاسد واعتزلت الحياة العامة، وقالت في مقابلة تلفزيونية حينها: "منحت السينما 20 عامًا من عمري، وهذا يكفي".
واستقرت باردو بعدها في منتجع سان تروبيه الفرنسي على ساحل البحر المتوسط ووجدت السلوى في الاهتمام بالحيوانات، وبدأت من هناك دفاعًا حماسيًا عن حقوق الحيوانات، وقالت في 2013: "هذه معركتي الوحيدة، المسار الوحيد الذي أريد أن أسلكه في حياتي".
وأسست عام 1986 مؤسسة بريجيت باردو لحماية الحيوانات وأقامت مزادات في العام التالي عرضت فيها مقتنيات شخصية لتجمع أموالًا لهذا الغرض، ووصفت باردو هذا الشغف بأنه ترياق لما شهدته من خيبة أمل في علاقاتها الإنسانية، وقالت: "منحت جمالي وشبابي لرجال.. وسأمنح حكمتي وخبرتي للحيوانات".
أغنية بوب ديلان
نشأت الممثلة الفرنسية -لم يعرف حتى الآن سبب وفاتها- في منزل من الطبقة المتوسطة العليا ووصفت نفسها بأنها كانت طفلة خجولة تضع نظارات وشعرها خفيف، وعند وصولها لسن الـ15، ظهرت على غلاف مجلة "إل" وبدأت مسيرتها في عرض الأزياء وهو طريق قادها بسرعة إلى عالم الأفلام السينمائية.
وشكلت الشخصية التي جسدتها باردو في فيلم "وخلق الله المرأة"، الذي دفع بها إلى الشهرة العالمية، تجسيدًا للأنوثة المحررة ولم يؤدِ الجدل الذي أثاره هذا الفيلم إلا لزيادة جاذبيتها وأصبحت رمزًا أيقونيًا في فرنسا خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
وذاع صيت باردو وسحرها ليتخطى حدود السينما الفرنسية إلى العالم، وقيل إن المغني ومؤلف الأغاني الأمريكي الشهير بوب ديلان، كتب أولى أغانيه لها وهو في الـ15 من عمره، لكن تلك الأغنية لم تذع أبدًا.. كما رسمها الفنان الأمريكي الشهير آندي وارهول في لوحة بورتريه.
عُزلة وانتحار
ورغم تأثيرها الواسع في ذلك الوقت، وصفت باردو حياة الشهرة بأنها تسبب العزلة وتحدثت مرارًا عن إحساسها بأن شهرتها تحبسها وتحرمها من الاستمتاع بمباهج الحياة البسيطة، إذ قالت بعد ذلك بعقود: "لا يمكن لأحد أن يتخيل كيف كان الأمر مروعًا.. لم أستطع أن أواصل الحياة على هذا النحو".
وتزوجت باردو أربع مرات، كما شاع عنها الدخول في العديد من العلاقات العاطفية، وأنها عانت من الاكتئاب، وفي عيد ميلادها الـ26، عُثر عليها فاقدة الوعي داخل منزلها في الريفييرا بعد أن حاولت الانتحار، وشاع أنها حاولت الانتحار مرة أخرى بعد ذلك بسنوات، عندما ألغت فجأة الاحتفال بعيد ميلادها الـ49 ثم ظهرت بعد ذلك في المستشفى.
وقالت لمجلة باريس ماتش، في وقت قريب من عيد ميلادها الـ50: "كنت سعيدة وثرية وجميلة ومحبوبة ومشهورة للغاية.. وأيضًا تعيسة للغاية.. تعرضت للخذلان كثيرًا ومررت بخيبات أمل رهيبة حقًا في حياتي، ولهذا السبب اخترت الانسحاب والعيش وحدي".