يستعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للسفر إلى الولايات المتحدة الأحد المقبل للقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب في فلوريدا، في خطوة حاسمة نحو التوصل لاتفاق سلام ينهي الحرب الدائرة التي شارفت على إنهاء عامها الرابع، في حين يأتي هذا اللقاء بعد موجة من النشاط الدبلوماسي المكثف شهدته الأسابيع الأخيرة بين واشنطن وموسكو وكييف.
مفاوضات على أعتاب الاكتمال
أعلن زيلينسكي عبر منصة إكس، اليوم الجمعة، أن اللقاء سيعقد في موقع بفلوريدا، يُرجح أن يكون منتجع ترامب الشهير مار-أ-لاجو، وفقًا لما أوردته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
وأكد الرئيس الأوكراني، في تصريحات صحفية لاحقة، أن الاجتماع مخصص لبحث أكثر الملفات حساسية في مفاوضات السلام، لا سيما الضمانات الأمنية لأوكرانيا ومستقبل إعادة الإعمار، مشددًا على أن "الكثير يمكن حسمه قبل حلول العام الجديد".
وكشف زيلينسكي عن أن خطة السلام المقترحة المكونة من 20 نقطة باتت "جاهزة بنسبة 90%"، مضيفًا: "مهمتنا التأكد من أن كل شيء سيصل إلى 100%"، بحسب ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست".
وأضاف أن الفرق التفاوضية الأوكرانية والأمريكية أحرزت "تقدمًا ملموسًا"، رغم أن إتمام الوثيقة "ليس سهلًا ولا أحد يقول إنه سيتحقق فورًا".
تمثل هذه الخطة نسخة محدثة من وثيقة سابقة مكونة من 28 نقطة جرى التفاوض عليها قبل أسابيع بين المبعوثين الأمريكيين والمسؤولين الروس، لكنها واجهت انتقادات واسعة لكونها منحازة بشكل واضح لمطالب الروسية، وفقًا لما تشير الصحيفة الأمريكية.
وتراجعت واشنطن عن تهديدها الأولي بقطع كل المساعدات عن أوكرانيا حال رفض كييف التوقيع على تلك المسودة، وفق "واشنطن بوست".
تعقيدات متعددة الأطراف
أوضح زيلينسكي أن هناك خمس وثائق قيد المناقشة، تشمل اتفاقيات ثنائية ونقاطًا تحتاج موافقة أربعة أطراف، وهي أوروبا والولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا.
وشدد على أن "التوقيع على الـ20 نقطة مستحيل دون روسيا والأوروبيين، فهو اتفاق رباعي الأطراف".
لكنه حذَّر من أن "روسيا تبحث باستمرار عن ذرائع لرفض الموافقة"، مضيفًا أنه إذا رفضت موسكو هذه المسودة الجديدة فهذا يعني أن "الضغط غير كافٍ"، وهو ما يخطط لمناقشته مع ترامب.
وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن بلاده لا تتواصل مباشرة مع روسيا حول المسودة، إذ تتم كل الاتصالات عبر واشنطن، متوقعًا تلقي رد موسكو خلال الأيام المقبلة عبر الوسيط الأمريكي.
مطالب روسية متشددة
على الجانب الآخر، لا توجد مؤشرات تذكر على استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتخفيف من مطالبه المتشددة، وفق "ذا جارديان"، إذ رفض مقترح أوكرانيا بهدنة عيد الميلاد، واستمر في إطلاق الصواريخ والطائرات المُسيَّرة على البنية التحتية المدنية الأوكرانية خلال الأيام الماضية.
ونقلت صحيفة "كوميرسانت" الروسية، عن اجتماع مغلق عقده بوتين مع نخبة الأعمال الروسية الأربعاء الماضي، أنه كرر مطلبه بتسليم أوكرانيا منطقة دونباس الشرقية بأكملها كجزء من أي تسوية سلمية.
كما أبدى بوتين انفتاحًا محدودًا على تبادل أراضٍ صغيرة، حيث قد تستبدل موسكو مناطق محدودة تسيطر عليها في شمال خاركيف وجنوب زابوريجيا.
نقاط خلافية جوهرية
تتضمن المسودة الأخيرة التي سيناقشها ترامب وزيلينسكي، الأحد، عدة نقاط وصفتها موسكو سابقًا بأنها غير مقبولة، أبرزها الإبقاء على الجيش الأوكراني بقوام 800 ألف جندي في وقت السلم.
وقال زيلينسكي: "بالنسبة لنا، هذا ضمانة أمنية، والجانب الأمريكي يسمعنا".
كما تشمل الخطة نصوصًا حول منطقة منزوعة السلاح مقترحة في دونباس شرقي البلاد، وأبدى زيلينسكي انفتاحًا على مناقشة هذه المنطقة التي تتصورها واشنطن كـ"منطقة اقتصادية حرة"، لكنه أثار عدة مخاوف وأكد أن أوكرانيا لن تسحب قواتها إلا إذا فعلت روسيا المثل.
وكان زيلينسكي صرح سابقًا بأن أوكرانيا قد تنسحب بـ"القوات الثقيلة" من أجزاء لا تزال تسيطر عليها في دونباس، لكن فقط إذا عكست روسيا الخطوة ضمن مبادرة أمريكية.
من بين القضايا المطروحة أيضًا مستقبل محطة زابوريجيا النووية (الأكبر في أوروبا)، التي استولت عليها روسيا مطلع 2022 دون أن تربطها بشبكتها الكهربائية.
وتقول كييف إن المحطة يجب أن تُدار بشكل مشترك بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، فيما حذَّر خبراء مرارًا من مخاطر كارثة نووية.
انتخابات وضمانات أمنية
كشف زيلينسكي أن الولايات المتحدة بادرت مؤخرًا بمناقشات حول إجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا، مؤكدًا أنه إذا كان هناك تنظيم لانتخابات أو استفتاء على قضايا ضمن الخطة العشرينية، فإن الشركاء الغربيين يجب أن يكونوا مستعدين لتوفير الأمن لهذا التصويت، مضيفًا: "شركاؤنا لديهم القوة الكافية إما لإجبار روسيا أو التفاوض معها لتوفير الأمن المناسب" للانتخابات.
تجدر الإشارة إلى أن أوكرانيا تحت الأحكام العرفية منذ الحرب عام 2022، ما حال دون إجراء الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى نزوح ملايين الأوكرانيين وعيش كثيرين في مناطق تسيطر عليها روسيا أو الخدمة العسكرية، ما يجعل تنظيم الانتخابات معقدًا للغاية.