الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بدء تركيب مركب الملك خوفو الثانية في المتحف المصري الكبير

  • مشاركة :
post-title
تركيب مركب الملك خوفو الثانية

القاهرة الإخبارية - محمد أبوعوف

شهد وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي، بحضور ميادة مجدي، الممثل الأول الإقليمي للوكالة اليابانية للتعاون الدولي مصر "الچايكا"، اليوم الثلاثاء، أعمال تثبيت أول قطعة خشبية من ألواح مركب الملك خوفو الثانية التي تم ترميمها، على الهيكل الخشبي المُعد خصيصًا، إيذانًا ببدء المرحلة الأهم من مشروع إعادة تركيب المركب داخل متحف مراكب خوفو بالمتحف المصري الكبير.

حدث أثري فريد

وأعرب وزير السياحة والآثار المصري، عن بالغ سعادته وفخره بهذا الحدث العلمي والأثري الفريد، مُؤكدًا أن ما نشهده اليوم لا يقتصر على إعادة تركيب لمركّب أثري، بل يُمثّل إحياءً حقيقيًا لفصل بالغ الأهمية من عبقرية المصري القديم، ويُعد أحد أهم وأضخم مشروعات ترميم الآثار في القرن الـ21، لما يحمله من قيمة تاريخية وإنسانية استثنائية، ولما يعكسه من تقدم علمي وتقني في مجال صون التراث.

وثمّن الوزير المصري، التعاون الوثيق والممتد بين مصر واليابان في مجال العمل الأثري، مُشيرًا إلى أن هذا المشروع يُجسد نموذجًا ناجحًا للشراكة العلمية الدولية القائمة على تبادل الخبرات، وتطبيق أحدث الأساليب العلمية في الترميم والحفظ.

تثبيت أول قطعة خشبية على الهيكل الخاص بإعادة تركيب مركب الملك خوفو الثانية
تجربة استثنائية

وأوضح وزير السياحة والآثار المصري، أنَّ تنفيذ أعمال ترميم وإعادة تركيب المركب داخل متحف مراكب خوفو يُتيح لزائري المتحف من المصريين والأجانب تجربة استثنائية غير مسبوقة، إذ يمكنهم متابعة مراحل العمل العلمي والهندسي لحظة بلحظة، في تجربة حية تمزج بين المعرفة العلمية والمتعة البصرية، ومن المقرر أن تستغرق أعمال التركيب نحو 4 سنوات، حتى الانتهاء من إعادة تجميع المركب بالكامل داخل متحف المراكب.

وأكد "فتحي" أنَّ هذه التجربة الجديدة ستضيف بعدًا نوعيًا للسياحة الثقافية بمصر، وتسهم في جذب شرائح جديدة من الزائرين المهتمين بالعلم والتراث والتجارب التفاعلية، إذ إنَّ المتحف المصري الكبير لا يقدم آثارًا فقط، بل يقدم قصة علمية وإنسانية متكاملة، تجعل الزائر شريكًا في رحلة الاكتشاف والترميم، ما يعزز مكانة المتحف كأحد أهم المتاحف في العالم.

رواية أعمال الترميم

ومن جانبه، أشار الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، الدكتور أحمد غنيم، إلى أنَّ المتحف يشهد اليوم تجربة عرض متحفي فريدة على المستوى العالمي، تقوم على نقل الأثر وعرض مراحل ترميمه أمام الجمهور، بما يتيح للزائر رؤية الأثر ليس فقط في صورته النهائية، وإنما من خلال رحلته الكاملة منذ لحظة اكتشافه وحتى إعادة إحيائه.

وأضاف أنَّ هذه التجربة تُمثل نقلة نوعية في مفاهيم العرض المتحفي الحديثة، إذ تروي أعمال الترميم قصة علمية وإنسانية طويلة بدأت منذ اكتشاف المركب، مرورًا بمراحل دقيقة من الدراسة والتوثيق والترميم، وصولًا إلى إعادة تركيبها وفق أسس علمية مدروسة وصارمة.

وأكد "غنيم" أن الحالة التي كانت عليها المركب عند اكتشافها كانت شديدة التدهور، ما جعل من عملية ترميمها تحديًا علميًا كبيرًا، نجح فريق العمل "المصري–الياباني" المشترك في تجاوزه بكفاءة عالية، في تجسيد واضح لالتزام المتحف المصري الكبير بتقديم تجارب مبتكرة تعزز وعي الزائر بقيمة الجهد المبذول في الحفاظ على التراث المصري للأجيال المقبلة.

متى بدأت أعمال الترميم؟

وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور عيسى زيدان، مدير عام ترميم الآثار ونقل القطع بالمتحف المصري الكبير، أن فريق العمل انتهى من أعمال الترميم النهائي لجميع أجزاء المركب، التي بدأت منذ عام 2022، عقب الانتهاء من استخراج جميع القطع الخشبية من موقع اكتشافها بالحفرة الجنوبية المجاورة لهرم الملك خوفو، وترميمها داخل معامل الترميم المتخصصة بالمتحف، مؤكدًا أن جميع أعمال التجميع وإعادة التركيب تتم داخل مبنى مراكب الملك خوفو الجديد.

ويُعد مشروع مركب الملك خوفو الثانية واحدًا من أهم مشروعات الترميم الأثري في العصر الحديث، إذ بدأ منذ اكتشاف حفرتي المراكب عام 1954، فبينما أُعيد تركيب المركب الأولى وعُرضت للجمهور، ظلت الحفرة الثانية مغلقة لعقود طويلة حفاظًا على بيئتها الداخلية. وفي عام 1992 انطلق المشروع المصري-الياباني بخطة علمية متكاملة شملت دراسات بيئية ومعملية دقيقة، وأعمال توثيق ورفع وترميم بالغة التعقيد.

1650 قطعة خشبية

وشهدت مراحل العمل إنشاء منشآت حماية ومعامل ترميم متخصصة، ورفع أحجار الغطاء الجيري الضخمة، ودراسة مظاهر التلف التي لحقت بالأخشاب عبر آلاف السنين، إلى جانب توظيف أحدث تقنيات التوثيق، بما في ذلك التصوير والرسم والمسح ثلاثي الأبعاد، إذ تم استخراج نحو 1650 قطعة خشبية كانت مرتبة داخل 13 طبقة.

ويبلغ طول المركب الثانية نحو 42 مترًا، ويتميز بخصائص إنشائية ووظيفية تختلف عن المركب الأولى، من بينها عدد المجاديف والعناصر المعدنية المصاحبة، وهي عناصر تعكس دقة التخطيط والتنظيم في صناعة السفن لدى المصريين القدماء خلال عصر الأسرة الرابعة.

ويؤكد مشروع مركب خوفو الثانية ما بلغه المصري القديم من تقدم هندسي ومعرفي في بناء السفن، ويُعمق فهم الدور الرمزي والجنائزي للمراكب الملكية، كما يُجسد ريادة الخبرة المصرية في صون التراث الإنساني، وأهمية التعاون الدولي في إحياء كنوز الحضارة القديمة وتقديمها بصورة معاصرة للأجيال الجديدة.