الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

انقسام أمريكي حول دعم إسرائيل.. هاكابي يؤيد تل أبيب بـ"قناعة دينية"

  • مشاركة :
post-title
السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

في وقت يشهد فيه معسكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انقسامًا متزايدًا بشأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، يبرز سفير واشنطن لدى تل أبيب مايك هاكابي كأحد أكثر الأصوات وضوحًا وحسمًا في الدفاع عن إسرائيل، مستندًا إلى قناعات دينية راسخة بقدر ما يستند إلى مواقف سياسية.

ولا يرى هاكابي -المسيحي الإنجيلي البالغ من العمر 70 عامًا- في إسرائيل مجرد حليف إستراتيجي، بل يعتبرها تحقيقًا لنبوءات توراتية وامتدادًا لإيمانه الشخصي، فمنذ زيارته الأولى لإسرائيل قبل أكثر من 50 عامًا، بنى علاقة خاصة مع البلاد، تُرجِمَت لاحقًا إلى أكثر من 100 زيارة، وتنظيم رحلات حج لعشرات الآلاف من الإنجيليين الأمريكيين.

وخلال مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قال هاكابي: "أشعر أنني في وطني هنا.. أحب هذا المكان وأشعر براحة كبيرة فيه"، وهو تصريح يعكس حجم الارتباط العاطفي الذي يمز مقاربته، لكنه في الوقت نفسه يضعه خارج الإطار التقليدي للدبلوماسية الأمريكية التي سعت تاريخيًا إلى موازنة دعم إسرائيل مع الحديث عن حقوق الفلسطينيين.

وعقب هذه التصريحات، وجد السفير الأمريكي نفسه في مواجهة مباشرة مع جناح متنامٍ داخل حركة "ماجا" المُقرَّبة من ترامب، والذي يضم شخصيات بارزة مثل تاكر كارلسون وستيف بانون والنائبة مارجوري تايلور جرين، الذين يرون أن الدعم غير المشروط لإسرائيل بات يتعارض مع المصالح القومية الأمريكية.

وبلغ الخلاف ذروته عندما شن كارلسون هجومًا علنيًا على ما وصفه بـ"الصهيونية المسيحية"، مستهدفًا هاكابي بشكل مباشر، ومعتبرًا هذا التيار "انحرافًا دينيًا".

ويرد هاكابي على هذه الانتقادات بلهجة حادة، قائلًا إن كارلسون "كشف مستوى من الكراهية تجاه المسيحيين الإنجيليين"، مؤكدًا أنه لا يحتاج إلى "دروس لاهوتية" من إعلاميين، ومشددًا على أن مواقفه نابعة من إيمانه وقيمه الشخصية.

يأتي هذا الجدل في توقيت بالغ الحساسية، إذ تواجه إسرائيل انتقادات دولية متصاعدة بسبب الحرب في غزة، في وقت تعتمد فيه بشكل كبير على الدعم العسكري الأمريكي، سواء في إمدادات السلاح أو في التصدي للهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة.

ويثير الانقسام داخل اليمين الأمريكي تساؤلات جدية حول مدى استدامة هذا الدعم في المستقبل.

ويحظى هاكابي بدعم قوي من القاعدة الإنجيلية، التي تشكل نحو ربع السكان البالغين في الولايات المتحدة، وكان أكثر من 85% من الإنجيليين البيض صوتوا لترامب في انتخابات 2024، كما تشير استطلاعات مركز "بيو" إلى أن 72% من الإنجيليين البيض ينظرون إلى إسرائيل بإيجابية، وهي نسبة تقارب موقف اليهود الأمريكيين أنفسهم.

غير أن هذه القاعدة تشهد تحولات لافتة، إذ تُظهِر استطلاعات حديثة أن دعم إسرائيل يتراجع بين الإنجيليين الشباب، إذ لا تتجاوز نسبة المتعاطفين مع إسرائيل في الفئة العمرية بين 18 و34 عامًا ثلث المستطلعين، مقارنة بأغلبية ساحقة بين كبار السن، وهو ما دفع هاكابي إلى التحذير من أن "جيلًا جديدًا تربى على قراءة مخففة للكتاب المقدس" بات أقل ارتباطًا بالقضية الإسرائيلية.

على المستوى السياسي، يعد هاكابي أول زعيم إنجيلي صريح يتولى منصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل في إدارة، وعلى حد وصف "وول ستريت" تخلت خلال ولاية ترامب الأولى عن ثوابت دبلوماسية راسخة، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، دون بلورة رؤية واضحة للحل النهائي.

ويعرف هاكابي بمواقفه المتشددة حيال الضفة الغربية، إذ يرفض تسميتها بهذا الاسم ويفضل استخدام مصطلح "يهودا والسامرة" (الاسم العبري)، وينفي وجود "احتلال" أو "مستوطنات"، وهو ما أثار انتقادات حادة من داعمي حل الدولتين وقلقًا داخل أوساط دبلوماسية أمريكية سابقة. ورغم ذلك، يتمسك السفير بكل تصريحاته، معتبرًا أن مسألة ضم الضفة الغربية "قرار يعود للإسرائيليين وحدهم".