في ظل تزايد الخلاف مع الولايات المتحدة، وأوكرانيا التي من المتوقع أن تنفد أموالها في النصف الأول من العام المقبل، يمثل اجتماع المجلس الأوروبي، اليوم الخميس، الفرصة الأخيرة للتكتل لإثبات أنه يمكن أن يكون أكثر من مجرد منتدى للنقاش.
وبالأحرى، ستُظهر القمة ما إذا كان بإمكان قادة الكتلة الأوروبية تحقيق النتائج المرجوة بالفعل، أو ما إذا كانت خلافاتهم الوطنية أكبر من أن يتم التغلب عليها؛ كما يُشير رصد للنسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو".
أيضًا، السؤال الملحّ هو ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادرًا على إقناع بلجيكا بالموافقة على خطته لتحويل مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا للحفاظ على استقرارها المالي، خاصة وقد حذّر المستشار الألماني فريدريش ميرز من أن فشل الاتحاد الأوروبي في ذلك سيُلحق به "ضررًا بالغًا" لسنوات قادمة.
210 مليارات يورو
بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق في المجلس الأوروبي الأخير في أكتوبر، أو في الجولات العديدة من المحادثات العاجلة والمشاحنات التي جرت خلف الكواليس منذ ذلك الحين، يمثل اجتماع اليوم الفرصة الأخيرة لقادة الاتحاد الأوروبي للموافقة على اقتراح للاستفادة من 210 مليارات يورو من الأصول الروسية في جميع أنحاء التكتل لتمويل قرض لأوكرانيا.
يُعد دعم بلجيكا أمرًا بالغ الأهمية، حيث إن الجزء الأكبر من الأصول المجمدة موجود في شركة الإيداع المالي "يوروكلير" التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، وتخشى حكومتها من تحمل مسؤولية أضرار جسيمة أو التعرض لرد فعل انتقامي من موسكو.
ورغم أسابيع من المحاولات لإقناعه، لم يتزحزح رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر، وهو يميني فلمنكي معروف بتشدده، عن موقفه، ولا يزال يحظى بدعم داخلي قوي. وقبل أقل من 24 ساعة من اللحظة الحاسمة، صرّح السفير البلجيكي لنظرائه خلال محادثات مغلقة قائلًا: "إننا نتراجع إلى الوراء".
وكما أعربت إيطاليا وبلغاريا ومالطا عن معارضتها، اقترحت بعض الدول الأعضاء، مثل ألمانيا ولاتفيا، اتخاذ قرار الاستيلاء على الأصول عن طريق التصويت بالأغلبية المؤهلة بدلًا من الإجماع، مما أدى فعليًا إلى تهميش بلجيكا.
وتشير "بوليتيكو" إلى أنه في هذه الحالة، سيتعين على 15 دولة من أصل 27 دولة عضو التصويت لصالح القرار. لكن نقلت الصحيفة عن مسؤولين بلجيكيين أنه لا جدوى من محاولة تجاهل مخاوفهم، إذ لن يتم الإفراج عن الأموال الموجودة في "يوروكلير".
وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إن الهدف الرئيسي من قمة الخميس هو إقناع بلجيكا بالتخلي عن معارضتها "حتى لو كان ذلك يعني الاجتماع حتى وقت متأخر من الليل".
تمويل كييف
إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الأصول، فسيتعين على الاتحاد الأوروبي إيجاد طريقة أخرى لدعم أوكرانيا، وهو ما التزم بفعله، بطريقة أو بأخرى، في القمة الأخيرة في أكتوبر.
مساء الأربعاء، انقسم قادة أوروبا إلى معسكرين متناحرين، على الأقل علنًا، وبدا من غير المرجح أن يتفقوا على كيفية تمويل كييف. لكن ملامح أولية لمسار محتمل للخروج من هذا المأزق —وهو مسار سيتطلب ساعات من المفاوضات— بدأت تتضح، حيث يعمل الدبلوماسيون على حل وسط في اللحظات الأخيرة لإنقاذ الاتفاق.
وفيما فتحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الباب بحذر أمام الدين المشترك، المدعوم بميزانية الاتحاد الأوروبي للسنوات السبع المقبلة، كخطة احتياطية، ينقل التقرير عن أربعة دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي أن مفتاح نجاح هذه الخطة يكمن في استبعاد المجر وسلوفاكيا، اللتين تعارضان تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا، من خطة الدين المشترك.
المنافسة الأوروبية
يشير التقرير إلى أنه بينما يطلق الاتحاد الأوروبي تدابير مختلفة لتنشيط اقتصاده المتعثر، سينصب تركيز المحادثات على كيفية تأثير الضغوط الخارجية —أي الولايات المتحدة والصين— على سعي التكتل ليصبح قادرًا على المنافسة.
وأوضح مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي أن القادة سيناقشون كيفية التعامل مع مواقف الولايات المتحدة والصين في الاقتصاد العالمي. فقد أحدثت واشنطن اضطرابًا في النظام التجاري العالمي بفرضها تعريفات جمركية باهظة، بينما أثارت بكين قلق بروكسل بتشديدها الرقابة على صادرات المعادن النادرة.
وهناك أمر واحد ليس مدرجًا رسميًا على جدول الأعمال، وهو اتفاقية "ميركوسور"، التي من شأنها أن تخلق منطقة تجارة حرة ضخمة مع كتلة دول أمريكا الجنوبية، وهي أخيرًا على وشك الاتفاق عليها بعد 25 عامًا من المحادثات.
حاليًا، ترغب فرنسا وإيطاليا في تأجيل التصويت الحاسم على الاتفاقية بسبب مخاوف تتعلق بضمانات القطاع الزراعي. لكن الدنمارك، التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، تعهدت بإجراء التصويت في الوقت المناسب لسفر فون دير لاين إلى البرازيل في 20 ديسمبر لتوقيع الاتفاقية.
على الرغم من أنه ليس من المقرر مناقشة التصويت يوم الخميس، فإن هذا لا يعني أنه لن يُطرح عندما يجتمع القادة.