شهدت ندوة الفنان أمير المصري، ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، حضورًا لافتًا وتفاعلًا كبيرًا من الجمهور، حيث قدّم الفنان المصري رؤية شاملة لمسيرته الفنية الممتدة بين الشرق والغرب، متطرقًا إلى بداياته في السينما المصرية، والتحديات التي واجهها للوصول إلى العالمية، وصولًا إلى منهجيته الدقيقة في التحضير لشخصياته، ورؤيته لمسؤولية الفنان العربي في السينما الدولية.
نصيحة عمر الشريف
استعاد الفنان ذكريات لقائه بالنجم العالمي الراحل عمر الشريف خلال وجوده في فرنسا مع والده، مؤكدًا أن تلك اللحظة مثّلت علامة فارقة في تشكيل وعيه الفني. وقال: "قابلت عمر الشريف مع والدي في فرنسا، وكانت نصيحته لي بأن أبدأ مسيرتي من بلدي. قال لي حينها: العرب سيدعمونك، لكن الغرب قد يستغلك.. هذا الكلام ظل محفورًا في ذهني".
وأشار إلى أن كلمات الشريف رسّخت داخله قناعة بضرورة الانطلاق من الجذور العربية قبل خوض التجربة العالمية.
مصادفة صنعت البداية
تحدث أمير المصري عن بداياته في السينما المصرية، مؤكدًا أن لحظة التحوّل جاءت بمحض المصادفة: "حضرت العرض الخاص لفيلم حسن ومرقص، وجلست بالمصادفة بجانب الكاتب يوسف معاطي، الذي رشّحني لاحقًا للمشاركة في فيلم مبروك أبو العلمين حمودة. من هنا بدأت رحلتي الفنية".
حب الجمهور العربي
شدّد الفنان على أهمية الجمهور العربي في مسيرته، معتبرًا أن العلاقة بين الفنان وجمهوره تشكل حجر الأساس للنجاح، قائلًا: "أنا مؤمن بأن الدعم الذي يقدمه الجمهور العربي مختلف.. هذا الحب هو الذي يثبّت قدمي في كل خطوة".
من الصفر إلى العزف باحترافية
تحدّث عن استعداده لشخصية عازف البيانو في أحد أعماله، موضحًا أنه لم يكن يجيد العزف قبل بدء التحضير، إلا أنه خضع لتدريب مكثف مع الدكتورة أمنية عز الدين، وقال: "كانت صبورة جدًا معي، وفي خلال شهرين وصلت إلى مستوى أشعر بالفخر به. ربما لست بيتهوفن أو باخ، لكنني حققت تقدمًا يصنع الرضا".
العزلة
كشف أمير المصري عن أسلوبه الخاص في التحضير للأدوار الجديدة، موضحًا أنه يفضل العزلة التامة للانغماس في الشخصية، قائلًا: "أركز فقط على الشخصية.. حياتي الشخصية يجب أن تبقى خارج إطار الكاميرا".
ووصف نفسه بأنه شديد الحساسية، ما يجعله حريصًا على الفصل بين حياته الخاصة وتمثيله، وقال: "أي شيء يؤثر بي يظهر على وجهي، لذلك أعمل على الفصل التام بين مشاعري الخاصة والشخصيات التي أؤديها".
وأشار كذلك إلى تدريبه في أحد معاهد التمثيل في لندن، الذي وصفه بـ"المعسكر المكثف"، مؤكدًا أن الدراسة إلى جانب الموهبة تمنح الفنان أدوات التطور والاستمرارية.
وتحدث الفنان عن تجربته في فيلم العملاق Giant، كاشفًا تفاصيل تحضيره للدور، وقال: "ذهبت إلى المخرج وكنت أعاني من زيادة في الوزن، فاضطررت للالتزام بنظام غذائي خاص ليتناسب شكلي مع متطلبات الشخصية".
وأضاف أن هذا العمل فتح أمامه بابًا جديدًا نحو رياضة الملاكمة التي ارتبط بها لاحقًا، كما جعلته تجربته في فيلم "القصص" يقع في حب الموسيقى الكلاسيكية، قائلًا: "أصبح أول ما أفعله بعد الاستيقاظ هو الاستماع للموسيقى الكلاسيكية".
تمثيل العرب عالميًا
عبّر المصري عن شعوره بالمسؤولية تجاه الصورة التي يقدمها الفنان العربي في الغرب، وقال: "أنا عربي وملامحي عربية، وهذا يحملني مسؤولية كبيرة، يجب أن أحافظ على التوازن في تقديم الصورة".
وكشف عن رفضه بعض الأدوار في بداياته لأنها كانت تشوه صورة العرب أو المسلمين، مضيفًا: "المهم أن أقدم صورة إيجابية، لا يمكن أن أقبل دورًا يسيء للعرب أو المسلمين".
نصائح أبو بكر شوقي
وتوقف عند تجربته في فيلم "القصص"، مشيرًا إلى أن المخرج أبو بكر شوقي طلب منه التخلص من البنية الجسدية القوية التي اكتسبها من فيلم "العملاق"، والعودة إلى شكله الطبيعي نظرًا لاختلاف متطلبات الشخصية.
تكريم عالمي
حظي أمير المصري بتكريم لافت خلال المهرجان، حيث نال جائزة International Vanguard Actor Award من مجلة "فاريتي" العالمية تقديرًا لمسيرته وإنجازاته، وقال: "مسيرتي تشكلت بين الشرق الأوسط والغرب، أنا نتاج صناعتين مختلفتين. كنت محظوظًا لأنني واصلت المحاولة لمدة 15 أو 16 سنة، وآمل أن يفتح هذا النجاح الأبواب لكل من يشبهني".
وأضاف: "هذه الجائزة تمثل بالنسبة لي شكلًا من أشكال التشجيع.. وتقديرًا يعني لي الكثير".