واصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصعيد حملته ضد شرعية القرارات والإجراءات التي اتُخِذت خلال إدارة جو بايدن، موجهًا اتهامات غير مسبوقة عبر منشور على منصة "تروث سوشيال"، أعلن فيه أن كل الوثائق الموقّعة باستخدام جهاز القلم الآلي "Autopen" خلال ولاية بايدن هي "لاغية وباطلة".
ووصِفت تلك الخطوة بأنها غير مسبوقة في التاريخ السياسي الأمريكي، وتفتقر لأي سند دستوري أو قانوني، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وكتب "ترامب" في منشوره عبر منصة "تروث سوشيال": "أي وثائق، إعلانات، أوامر تنفيذية، مذكرات أو عقود، جرى توقيعها بأمر من جهاز الأوتوبن الشهير وغير المصرّح به خلال إدارة بايدن، تعتبر لاغية وباطلة، ولا يُعتد بها قانونيًا".
وأضاف موجهًا حديثه لكل من حصل على عفو رئاسي أو تخفيف عقوبة أو وثيقة رسمية حُررت بهذه الوسيلة: "هذه الوثيقة تم إنهاؤها بالكامل، ولم يعد لها أي أثر قانوني".
ورغم حساسية الموضوع، لم تقدم إدارة ترامب أو البيت الأبيض قائمة بالوثائق التي يُزعم أنها وُقّعت باستخدام القلم الآلي، ما فتح الباب أمام موجة من التساؤلات. وفي حال حاولت إدارة ترامب إبطال عفو رئاسي صدر في عهد بايدن، فسيشكّل ذلك خطوة بلا أي سابقة دستورية، إذ لا يتيح القانون الأمريكي للرئيس إلغاء عفو صدر عن رئيس سابق.
ما هو القلم الآلي "Autopen"؟
القلم الآلي هو جهاز ميكانيكي يحمل قلمًا أو أداة كتابة ويعيد إنتاج توقيع الشخص الأصلي بناءً على عينة مبرمجة مسبقًا، ويختلف عن الأختام المطاطية والحبر التقليدي والتوقيعات الإلكترونية على ملفات PDF واستخدامه راسخ منذ عقود في البيت الأبيض، بما في ذلك خلال إدارة ترامب نفسها.
كيف يستخدم الرؤساء القلم الآلي؟
ويعود استخدام القلم الآلي إلى عقود طويلة في البيت الأبيض، ويستعمل عادة في توقيع الرسائل الروتينية، ورسائل التهنئة بالمناسبات والاعتراف بالإنجازات الشخصية للمواطنين وتوقيع صور فوتوجرافية ترسل للناخبين.
وخلال إدارة جيرالد فورد، كان الرئيس والسيدة الأولى بيتي فورد يوقعان بعض الوثائق يدويًا، لكن الجزء الأكبر من الرسائل والصور كان يُوقع عبر القلم الآلي.
هل استخدم ترامب القلم الآلي؟
بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، فإن ترامب سبق واعترف باستخدام القلم الآلي، لكنه قال إنه كان يخصصه لـ"الأوراق غير المهمة". وفي تعليق للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية قال: "قد نستخدمه لإرسال رسالة إلى شاب. شيء لطيف كهذا. نحتاج لتوقيع آلاف الرسائل. لكن توقيع قرارات العفو باستخدام القلم الآلي أمر مشين".
ماذا يقول القانون الأمريكي؟
لا يوجد في الدستور الأمريكي أي نص ينظم استخدام القلم الآلي، ولا يمنع الرئيس من استخدامه. وفي عام 2005، أصدر مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل - في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن - رأيًا مفاده أن: "الرئيس ليس ملزمًا بأداء الفعل المادي المتمثل في وضع توقيعه بيده ليصبح التوقيع نافذًا وفق المادة الأولى من الدستور".
وبناء على هذا الرأي استخدم باراك أوباما القلم الآلي رسميًا عام 2011 لتوقيع تمديد قانون "باتريوت" أثناء وجوده في فرنسا، كما استخدم عدة رؤساء - جمهوريون وديمقراطيون - الجهاز لعقود دون اعتراض قانوني.
وتنص توجيهات تعود إلى عام 1929 على أنه لا يوجد أي نص دستوري يحدد شكل توقيع العفو الرئاسي أو طريقة إثباته.
لماذا تصاعد الجدل الآن؟
بدأت الأزمة بعد تقرير أصدره مشروع الرقابة التابع لمؤسسة "هيريتيج" المحافظة، قال فيه إن تحليل آلاف الوثائق التي تحمل توقيع بايدن يشير إلى أن معظمها وقِّع عبر القلم الآلي، بما في ذلك وثائق العفو. وانتقل التقرير سريعًا إلى وسائل إعلام يمينية، ثم تبناه ترامب كجزء من حملته لإثبات أن "قرارات بايدن غير شرعية".
وقال مايك هاول، مدير المشروع، إن فريقه يدقق في قرارات العفو تحديدًا لأنها صلاحية لا يمكن تفويضها لجهاز آلي، مشيرًا إلى أن بعض قرارات العفو تحمل تواريخ موقعة في واشنطن بينما كان بايدن خارج المدينة.