الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

العفو الرئاسي في عهد ترامب.. سلطة مطلقة لأهداف شخصية

  • مشاركة :
post-title
دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في تاريخ الرئاسة الأمريكية، لم تعرف سلطة العفو استخدامًا أكثر صراحة وتركيزًا على الولاءات الشخصية والأيديولوجية مما تشهده في عهد دونالد ترامب، فوفق موقع "أكسيوس" الأمريكي، فقد استغل ترامب هذه السلطة الفريدة التي لا تخضع لرقابة الكونجرس أو المحاكم، ولا حتى الدستور، لتحويلها إلى أداة سياسية بامتياز، من العفو عن زعماء عصابات المخدرات إلى تخفيف عقوبات حلفائه.

العفو كسلطة مطلقة

تتبنى إدارة ترامب مبدأ العفو كأطهر أشكال السلطة السياسية، إذ لا توجد سلطة رئاسية أكثر مطلقية من هذه، ولا يستخدمها أي رئيس كما فعل ترامب كأداة للولاء الشخصي والأيديولوجي.

وأبرز الأمثلة على ذلك عفو ترامب عن الرئيس الهندوراسي السابق خوان أورلاندو هيرنانديز، المدان العام الماضي بإغراق الولايات المتحدة بأطنان من الكوكايين.

هيرنانديز، الذي حكم هندوراس بين 2014 و2022، تآمر مع عصابات المخدرات لإنشاء طريق سريع للكوكايين إلى الولايات المتحدة، متظاهرًا بمحاربة المخدرات بينما كان يدير بلاده كدولة مخدرات.

وفي رسالة حصل عليها موقع "أكسيوس"، ادعى هيرنانديز أنه كان مستهدفًا سياسيًا من قبل إدارة بايدن-هاريس دون وجود مخالفة حقيقية، ووافق ترامب على طلب العفو، مدعيًا أن هيرنانديز تعرض لـ"قسوة شديدة وظلم"، فيما وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض ذلك بأنه "ملاحقة قضائية مفرطة من بايدن".

ويعكس العفو عن هيرنانديز بوضوح رؤية ترامب للعدالة، التي تضع الولاء الشخصي والأيديولوجي فوق خطورة الجرائم التي ارتكبها المتهمون، حسب "أكسيوس".

استثناءات واضحة

في الوقت الذي يقضي فيه هيرنانديز وقتًا حرًا بعد قضاء 45 عامًا في السجن، يواجه الدكتاتور الفنزويلي نيكولاس مادورو، المتهم بجرائم إرهاب مرتبطة بالمخدرات، تهديد غزو عسكري أمريكي، وعلق ترامب في مقابلة صحفية أن بيع المخدرات في بلد ما لا يعني بالضرورة أن يُعتقل رئيسه ويُسجن مدى الحياة.

على المستوى المحلي، ألغى ترامب عقوبات عن عدد من المقربين والداعمين والمؤيدين لحملته الانتخابية، من بين هؤلاء تشانج بينج تشاو، مؤسس شركة "بينانس" للعملات المشفرة، الذي عُفي عنه رغم إقراره بالذنب في جرائم غسل أموال عام 2023، وادعى ترامب لاحقًا عدم معرفته به، واصفًا الحملة القضائية ضده بأنها "حملة شعواء ضد بايدن".

كما شمل العفو جورج سانتوس، عضو الكونجرس الجمهوري السابق، الذي أُدين بالاحتيال والكذب على مجلس النواب، حيث تم تخفيف عقوبته بعد قضاء أقل من ثلاثة أشهر في السجن، كذلك حصل بول والكزاك، المدير التنفيذي السابق لدار رعاية مسنين، على عفو بعد إقرار ذنبه في جرائم ضريبية، وبعد حضور والدته لحفل لجمع التبرعات بمليون دولار في منتجع مار-أ-لاجو.

بالإضافة إلى ذلك، منح ترامب عفوًا شاملاً لعدد من مؤيدي جهود إلغاء انتخابات 2020، بمن فيهم رودي جولياني ومارك ميدوز، وأكثر من 70 من الحلفاء المرتبطين ببرنامج الناخبين البدلاء، رغم أن العديد منهم لم يواجهوا اتهامات فيدرالية، مما أثار علامات استفهام حول تدخل محتمل في ملاحقات قضائية على المستوى المحلي.

حماية المؤيدين

على الجانب الآخر، وبعد منح العفو لعشرات من "مجرمي الياقات البيضاء"، أمر ترامب وزارة العدل بالتحقيق مع خصومه السياسيين في تهم أقل خطورة مثل الاحتيال في الرهن العقاري.

يشغل إد مارتن، الموالي لترامب، منصب المدعي العام الأمريكي للعفو، ويقود التحقيقات ضد المدعية العامة في نيويورك ليتيتيا جيمس والسيناتور آدم شيف.

وكتب مارتن في تغريدة عقب العفو عن قائد شرطة فرجينيا السابق سكوت جينكينز، أحد أنصار ترامب، أنه لن يُترك أحد من مؤيدي الرئيس خارج الحماية.

وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن عملية اتخاذ قرار العفو لدى ترامب تتم عبر فريق من المحامين المتخصصين الذين يراجعون جميع الطلبات.

وفي رد على الانتقادات، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيجيل جاكسون إن العفو الذي يستحق الانتقاد هو العفو الذي أصدره الرئيس بايدن، مشيرة إلى تخفيفه أحكام مجرمين عنيفين وعفو استباقي لأفراد عائلته، مثل هانتر بايدن.

العفو في عهد ترامب

منذ اليوم الأول لتوليه الرئاسة، أعاد ترامب تعريف مفهوم العفو الرئاسي عبر عفو نحو 1500 متهم في أحداث 6 يناير، بينهم من اتهموا بالتآمر على التحريض على الفتنة، كان هذا إشارة واضحة على أن المؤيدين الذين يتصرفون باسم ترامب سيحظون بالحماية، بينما لن يُحظى الآخرون بذلك.

ويبرز هذا الاستخدام للعفو كأداة لتعزيز الولاءات السياسية والأيديولوجية، وتحويل السلطة الرئاسية إلى قوة لحماية الحلفاء والمعاقبة أو استهداف الخصوم.