كشف رئيس "مجلس السيادة" القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أنه أبلغ مبعوثين أجانب مختلفين أن أي حل لا يفكك "قوات الدعم السريع" ويجردها من السلاح لن يكون مقبولًا على الإطلاق، وفق ما أوردت صحيفة "سودان تريبيون".
ونقلت الصحيفة عن البرهان قوله، في كلمة ألقاها في حفل تأبين مقاتلي حركة "جيش تحرير السودان" التي يقودها مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور، إنه سلّم الرسالة نفسها إلى مبعوثي مختلف الدول، بمن فيهم المستشار الأمريكي الكبير لشؤون إفريقيا مسعد بولس، ومبعوث النرويج، والممثل الخاص لبريطانيا، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة.
قال البرهان: "موقفنا غير قابل للتفاوض. على قوات الدعم السريع الانسحاب من كل منطقة تحتلها، والتجمع في مواقع محددة، وتسليم أسلحتها، والسماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم. حينها فقط يمكن بدء محادثات الانتقال السياسي".
وأكد أن الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، خاصة تلك التي ارتكبتها في مدينة الفاشر شمال دارفور، حدّت من خيارات الحكومة في أي تسوية.
واستقبل البرهان، أمس، بمكتبه في بورتسودان، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، وخلال اللقاء أكد ضرورة إعادة صياغة الدولة السودانية على أسس حقيقية، مشددًا على أن الخرطوم "لا تقبل بأي حل لا يفكك قوات الدعم السريع ويجردها من سلاحها".
وقال البرهان إن الحرب أثرت على جميع السودانيين، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"المعاناة والمأساة الخاصة في الفاشر". وأضاف أن "الحل الوحيد في السودان هو زوال الميليشيات"، داعيًا كل سوداني قادر على حمل السلاح إلى الانضمام للقتال ضد قوات الدعم السريع.
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، سيطرت قوات الدعم السريع على معظم دارفور – باستثناء جيوب شمال دارفور في الطينة وكنوي والجيوب التي يسيطر عليها فصيل عبد الواحد النور في جيش تحرير السودان – وأجزاء كبيرة من كردفان.
وكشفت تقارير موثقة أن قوات الدعم السريع ارتكبت فظائع في المناطق التي سيطرت عليها، في الخرطوم، والجزيرة، وسنار، ودارفور، وغرب وجنوب وشمال كردفان، بما في ذلك الإبادة الجماعية، والقتل على أساس عرقي، والاغتصاب الجماعي، والنهب، وتدمير البنية التحتية، والتهجير القسري لملايين الأشخاص.
ويشهد السودان محاولات دولية وعربية وإفريقية متعددة لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تسفر حتى الآن عن اتفاق دائم، وسط تصاعد المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وبينما قالت "الدعم السريع" إن قواتها تمكنت من تحرير مقر "الفرقة 22 مشاة" والسيطرة تمامًا على مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، أعلن الجيش السوداني التوغل في عدد من بلدات ولاية جنوب كردفان.
وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية. ويقول دبلوماسيون إن الجمود بين الجيش وقوات الدعم السريع أعاق وصول المساعدات الإنسانية إلى 25 مليون شخص محتاج.
وينتظر المبعوثون الآن ردًا رسميًا على خطة وقف إطلاق النار المعدلة التي عُرضت الأسبوع الماضي في جدة، لكن تصريحات البرهان تشير إلى أن نزع السلاح – وليس تقاسم السلطة – يبقى أولوية الخرطوم الأولى، وفق ما ذكرت "سودان تريبيون".
وتستمر الحرب منذ أكثر من عامين بين الجيش الوطني السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة، وقد أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وتسببت في أكبر أزمة إنسانية في العالم. واتهمت الولايات المتحدة قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية.