جاءت زيارة وزير الجيش الأمريكي، دان دريسكول، إلى أوكرانيا، الأسبوع الماضي، لتقديم أحدث خطة سلام لإدارة الرئيس دونالد ترامب، لتضعه في دور المفاوض الدولي الرئيسي، وهو ما يبدو وكأنه تناقض حاد مع رئيسه، وزير الحرب بيت هيجسيث، الذي قضى وقته في واشنطن يحضر اجتماعات البيت الأبيض ويطلق رسائل غاضبة من الديمقراطيين على وسائل التواصل الاجتماعي.
يوم الخميس الماضي، التقى دريسكول، الصديق المقرب لنائب الرئيس جيه دي فانس، بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وكان من المقرر أيضًا أن يجري محادثات مع حلفاء الناتو. يُعد هذا الدور البارز لدريسكول، الذي يطلق عليه الرئيس دونالد ترامب لقب "رجل المسيّرات"؛ نظرًا لتبنيه أحدث التقنيات، رمزًا لتنامي مكانته في الإدارة.
وتلفت النسخة الأوروبية من صحيفة بوليتيكو إلى أن وزير الجيش "يصبح بشكل متزايد الوجه الإعلامي للمشاريع الطموحة، وغالبًا ما يسوّق خطط الإدارة للصحفيين، على عكس هيجسيث، الذي ركز على المهام الأقل بريقًا، مثل تعزيز إصلاح نظام المشتريات واللياقة البدنية للقوات، وأبعد معظم الصحفيين عن البنتاجون".
هكذا كانت زيارة قائد الجيش بمثابة انقسام عميق بين نجم صاعد ووزير مبتدئ في البنتاجون، والذي واجه فضائح عديدة وخسر الدعم من بعض أفراد الإدارة.
وتنقل الصحيفة عن شخص مطلع على ديناميكيات الإدارة الأمريكية أنه "لا توجد ثقة كبيرة في هيجسيث لإيصال هذه الرسائل إلى القادة الرئيسيين. هناك ثقة أكبر في دان للقيام بذلك الآن".
دور أوسع
لا يزال دريسكول، الذي التحق بكلية الحقوق بجامعة ييل ودرس مع دي فانس، صديقًا مقربًا له. قضى في الجيش ثلاث سنوات ونصف السنة، من ضمنها إرساله إلى العراق كقائد فصيلة كشافة من سلاح الفرسان مع الفرقة الجبلية العاشرة. ثم عمل لاحقًا في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية في ولاية كارولينا الشمالية.
نظريًا، تعد وظيفة دريسكول كوزير للجيش بيروقراطية في معظمها، فهو يدير الميزانية السنوية للجيش وقواه العاملة التي تضم أكثر من مليون جندي في الخدمة الفعلية والحرس الوطني والاحتياط، بالإضافة إلى أكثر من 330 ألف موظف مدني.
لكن مؤخرًا، بدأ صديق نائب الرئيس يتولى دورًا أوسع نطاقًا، ما دفعه لزيارة البيت الأبيض بشكل متكرر، فهو يشغل منصب القائم بأعمال رئيس مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات (ATF)، وهو أيضًا المسؤول عن عمليات نشر الحرس الوطني (ARNG) على الحدود وفي المدن الأمريكية.
وتنقل بوليتيكو عن شخص مقرب من البيت الأبيض: أنه "لا شك أن علاقة دان ودي فانس ساعدته في الحصول على الوظيفة، لكن نجاحه كله كان بفضل جدارته، إنه بارع للغاية في عمله".
وقال مصدر ثانٍ: "كان دريسكول من أبرز أعضاء إدارة ترامب منذ تعيينه"، لافتًا إلى أن هذا حدث مع أنه لم تكن لديه علاقات كثيرة مع دوائر ترامب خارج نطاق منصب نائب الرئيس قبل ترشيحه، "إلا أنه بنى علاقات قوية داخل الجناح الغربي للبيت الأبيض خلال العام الماضي، ويحظى بإعجاب كبار الموظفين".
احترام كبير
يبدو أن الثقة المتزايدة التي منحها البيت الأبيض لدريسكول تختلف عن هيجسيث، الذي كانت رحلته إلى المحيط الهادئ الشهر الماضي هي الأولى منذ مايو التي يقوم فيها بجولة خارجية منفردة إلى حد كبير. وقد نشأ خلاف بين هيجسيث والبيت الأبيض بشأن اختياراته للمسؤولين في المناصب العليا في البنتاجون، بما في ذلك رئيس الأركان، ريكي بوريا، وفقًا للشخص المقرب من البيت الأبيض.
وقال المصدر إن سوزي وايلز، كبيرة موظفي البيت الأبيض، "لا تثق ببيت. إنها تشكك في حكمه بسبب قضية ريكي". في المقابل، نفى البيت الأبيض وجود أي توتر.
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي: "تتمتع سوزي بعلاقة طويلة الأمد مع الوزير هيجسيث، وتقدره تقديرًا كبيرًا على الصعيدين الشخصي والمهني. إنه يؤدي عملًا رائعًا في قيادة البنتاجون، كما يحظى دان دريسكول باحترام واسع، وتثبت موهبته وخبرته أنه الشخص الأمثل لمساعدة الإدارة على إحلال السلام في الحرب الدائرة في روسيا وأوكرانيا".
وقال مسؤول دفاعي إن دريسكول سيلتقي بعد ذلك بحلفاء الناتو في أوروبا وسيحاول جدولة لقاء مع وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف "للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام".
أضاف المسؤول أن زيارة وزير الجيش إلى كييف "كانت تهدف في الأصل إلى التوصل إلى صفقة حول بعض تقنيات المسيّرات الأكثر ابتكارًا في أوكرانيا، وهو ما يتوق ترامب إلى إنجازه".
لكن الزيارة اكتسبت أهمية أكبر بعد اجتماع في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، حيث منح ترامب موافقته الحماسية على تولي دريسكول مسؤوليات دبلوماسية جديدة رئيسية، وفقًا للمسؤول.
ووصف المسؤول الدفاعي اجتماعات دريسكول بأنها "أجزاء متساوية" من الابتكار في ساحة المعركة والدبلوماسية، مؤكدًا أن "الجيش الأمريكي هو حليف موثوق لأوكرانيا".