وكأن أقدارهم تظل تنصب نحو الكوارث أو الحروب، فأكثر البلدان التركية العشرة المتضررة من الزلزال، ومعها المدن السورية المجاورة، هى أكثر المدن التي نزح إليها ضحايا الحرب المدمرة التي تعاني منها سوريا منذ أكثر من عقد كامل، لتزداد مأساة هؤلاء اللاجئين ألمًا على ألم.
فطبقا لإحصائيات معلنة، تستضيف تركيا أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري نصفهم تقريبًا من الأطفال، ونقلت وكالة "فرانس برس"، أن أكثر من 1.7 مليون من أصل 15 مليون نسمة من اللاجئين السوريين في المقاطعات التركية العشر المتضررة من الزلزال.
بينما ذهب عمال الإنقاذ من جميع أنحاء العالم إلى تركيا وسوريا، لإيجاد ومساعدة المتضررين والضحايا لهذا الزلزال الذي وصلت قوته 7.8 درجة بمقياس رختر، أعلنت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، أنها تحاول الوصول إلى اللاجئين المتضررين، على الرغم من أن برامج المساعدات الحالية لديها تعاني نقص التمويل.
وقال ماثيو سالتمارش، المتحدث باسم المفوضية العليا لشئون اللاجئين، في تصريحات صحفية: "لا نعرف العدد الدقيق للاجئين المتأثرين ولا نعرفه لبضعة أيام، لكننا نخشى أن يكون العدد كبيرًا".
وأضاف ماثيو سالتمارش، أنه "يصعب الوصول إلى بعض المناطق، مما يبطئ التقييم الشامل للخسائر في الأرواح والأضرار".
اللاجئون أكثر الضحايا
من جهته، قال فيليب لوكلير، ممثل المفوضية في تركيا: إنه في مقاطعة كيليس واحد من كل شخصين من اللاجئين السوريين، بينما في منطقة غازي عنتاب وسانليورفا وهاتاي، تصل النسبة ما يقرب من 20% من سكانهم من اللاجئين السوريين.
وفي الوقت نفسه، نزح أكثر من 6.8 مليون شخص داخل سوريا قبل الزلزال، وكان ما يقرب من 60 ألف لاجئ فلسطيني في شمال سوريا المتضرر من الزلزال.
من جانبه، أوضح برنامج الأغذية العالمي، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، أن تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم، يعمل برنامج الأغذية العالمي مع الحكومة التركية والهلال الأحمر، على تقديم المساعدات الغذائية ودعم سبل كسب العيش، ويشمل ذلك تقديم المساعدة لأكثر من 42 ألف لاجئ سوري يعيشون في 6 مخيمات بجنوب شرق تركيا، التي شهدت التداعيات الأسوأ لموجة الزلازل.
أما في سوريا، فقد أدت موجة الزلازل إلى تدمير المناطق التي تعرضت بالفعل لأضرار جسيمة على مدار 12 عامًا من النزاع.
وفي شمال غرب سوريا، يعتمد 90% من السكان البالغ عددهم 4.4 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية بما فيهم 8.2 مليون نازح يعيشون في المخيمات أو المواقع الأخرى لعدم وجود خيارات أفضل.
ويعتمد ملايين السوريين على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود بالقرب من مركز الزلازل، بموجب قرار من مجلس الأمن.
الضربة القاسية
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: إن الزلزال كان "ضربة قاصمة" للنازحين السوريين الذين عانوا بالفعل أكثر من عقد من الحرب والأزمة الاقتصادية وعواصف الشتاء، إذ يتمركز أكبر عدد من اللاجئين السوريين في الجنوب التركي وهي أكثر المناطق المتضررة من الزلزال وتوابعه.
وعلى الصعيد نفسه، أوضح عدنان أبو حسنة، المستشار الاعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين "الأونروا"، أن الوكالة تحتاج إلى 2.7 مليون دولار أمريكي لدعم نحو 57 ألف لاجئ فلسطيني تضرروا من الزلزال في سوريا، مضيفًا أنه يوجد نحو 438 ألف لاجئ فلسطيني في 12 مخيمًا يعيشون في جميع أنحاء سوريا.
وأضاف المستشار الاعلامي لوكالة "الأنروا"، أن شمال سوريا هي موطن لنحو 62 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في المخيمات الأربعة التالية "مخيم اللاذقية، النيرب، عين التل، ومخيم حماة"، موضحًا أن هذه المخيمات يمكن الوصول إليها من دمشق.
وتقدر الأونروا أن نحو 90% من هذه العائلات التي تعيش في شمال سوريا بحاجة للمساعدة بسبب تأثرها الزلزال، كما أكدت تقارير الوكالة وجود ضحايا من اللاجئين الفلسطينيين في تركيا وفي شمال غرب سوريا، ومن المتوقع أن يزداد عدد الضحايا بشكل كبير مع تقدم عمليات البحث.
من جانبها، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "UNHCR"، استمرارها في إرسال المساعدات في المناطق المتضررة بسوريا وتركيا للاجئين
وقالت رولا أمين، المتحدثة باسم المفوضية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: إن المفوضية أرسلت دفعة أولى من المساعدات إلى المناطق المتضررة، مشيرة إلى وجود احتياطي من المساعدات لدى المفوضية في إدلب والشمال السوري، لكنها تحدثت عن صعوبة في إيصال تلك المساعدات، بسبب الزلزال والعواصف وإغلاق طرق وانقطاع للكهرباء والإنترنت، قائلةً إن "الوضع مأساوي وكارثي".