لم يتوقف الضجيج الإعلامي في إسرائيل، أمس الأربعاء، بين تحركات وزير الدفاع يسرائيل كاتس، و"خطاب العفو" عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من رئيس الولايات المتحدة إلى الرئيس إسحاق هرتسوج. لكن في الوقت نفسه، كان هناك أيضًا يوم طويل من جلسات الاستماع في محكمة تل أبيب المركزية.
في المحكمة، أدلى نتنياهو بشهادته في القضية 1000، قضية الهدايا المعروفة بـ"السيجار والشمبانيا"، وهي الهدايا التي تلقاها من رجل الأعمال أرنون ميلشان، كما سُئل عن المجوهرات والمعاطف التي تمتعت بها زوجته سارة.
في القاعة، ظهرت وزيرة المواصلات ميري ريجيف داعمةً لرئيسها، وقبلها وزير التعليم يوآف كيش، وهو ما أثار حفيظة صحيفة "معاريف" التي أشارت إلى أنهم "ظهروا لأن أحدهم طلب ذلك"، مشيرةً إلى أن "معظم الجمهور لا يتقبل إضاعة كبار الوزراء وقتهم كمتفرجين، بينما يُفترض بهم أن يُديروا مكاتبهم".
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنه "من الواضح أن نتنياهو واجه صعوبة في مواجهة المحامي الكبير ذي الخبرة الواسعة في استجواب الشهود (نائب المدعي العام جوناثان تدمر)، حيث اعتاد نتنياهو الوقوف أمام الكاميرا بعد اختيار كل كلمة بعناية، أو التحدث في الكنيست، حيث لا منافس له في خطاباته".
لكن على منصة الشهود، يُجبر رئيس الوزراء الإسرائيلي على مواجهة ساعات طويلة مع رجل مُلِمٍّ بملفات التحقيق، في قضية تُعدّ نقطة ضعف لنتنياهو في المحاكمة. وتلفت "معاريف" إلى أن نتنياهو "وجد نفسه يُحرّف تفسيرات من غير المرجح أن تُقنع القضاة".
أكثر انزعاجًا
في تحليل "معاريف" للغة جسد رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال جلسة الاستجواب في المحكمة، بدا أن نتنياهو "في كثير من الأحيان، عندما يُطرح عليه سؤالٌ مُزعج أو يُتحقق من صحته بمعلوماتٍ لا تتوافق تمامًا مع روايته، يتجلى الانزعاج في حركاته الجسدية".
وتوضح: "خلال الرد على أسئلة المدعي العام، يُوضح نتنياهو أنه هو نفسه لا يُحب الشمبانيا، وأن سارة زوجته، حسب قوله، تشربها باعتدال شديد، لكن ليس بهذه الكميات (يقصد المذكورة في القضية). لكن من يُحبها، حسب قول رئيس الوزراء الإسرائيلي، هو ميلشان نفسه. وأضاف نتنياهو أن فريق ميلشان يشرب أيضًا في الاجتماعات، وكذلك الرئيس الإسرائيلي الراحل شمعون بيريز".
ومع ذكر بيريز، تشير "معاريف" إلى أن نتنياهو "يُؤيد أسلوب (انظر إلى العصفور)". وتضيف أنه "عندما يأتي سؤالٌ مُزعج، يرفع صوته قليلًا، ويُصبح حازمًا، ثم يُسلّط الضوء فورًا على (حملة البحث التي يقوم بها المحققون) أو (الحملة الغريبة في التحقيق)".
وعندما يُجبر نتنياهو على مواجهة رواية ميلشان، ينتقده نائب المدعي العام تدمر بشدة: "ميلشان، الصديق المقرب، يخبرك أنهم (ميلشان وزوجته) يشربان زجاجتين فقط أسبوعيًا"، وهذا يتناقض مع رواية نتنياهو بأن رجل الأعمال وزوجته يستهلكان الكثير من الشمبانيا. لكن نتنياهو يرد: "هذا عكس ما رأيته وعرفته، لا أعرف لماذا قال هذا الكلام".
مشكلة المجوهرات
خلال التحقيق، أثار جوناثان تدمر مسألة المجوهرات التي اشترتها زوجة ميلشان لزوجة نتنياهو بأكثر من 10,000 شيكل. عندها، حاول نتنياهو تقديم تفسيرات وتحدث عن صداقته الوثيقة بميلشان. وأظهر له المحقق أنه خلال استجواب الشرطة، ادعى نتنياهو في البداية أن الأمر كله "كذب وافتراء"، وأضاف: "لا أعرف شيئًا".
لكن رئيس الوزراء شهد لاحقًا أنه تذكّر الهدية وحصل بالفعل على الموافقة عليها بعد استشارة قانونية من المحامي الراحل واينروث.
تقول "معاريف": عندما أكد التحقيق أن نتنياهو لم يتذكّر المجوهرات، رفع صوته قليلًا مجددًا، وشعر بعدم الارتياح لروايته المتغيرة. قال بغضب: "لم أتذكّر في البداية، ثم تذكّرت. أنا أقول الحقيقة، لستُ غبيًا".
ثم غضب نتنياهو قائلًا: "لم أتذكّر، كان هناك انقطاع في التيار الكهربائي، ثم تذكّرت. لسببٍ ما، ما أصفه دقيق تمامًا، إنه تطور في الذاكرة. ليس لدي ما أخفيه".