أقرَّ مجلسُ الشيوخ الأمريكي تشريعًا، مساء أمس الاثنين، لإنهاء أطول إغلاقٍ حكوميٍّ في الولايات المتحدة، بعد أن انضمَّت مجموعةٌ منشقةٌ مهمةٌ من الديمقراطيين إلى الجمهوريين ودعمت حزمةَ إنفاقٍ حُذِف منها التنازلُ الرئيسيُّ الذي طالب به حزبهم لأسابيع، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
أشارت نتيجة التصويت التي بلغت 60 مقابل 40، في اليوم الـ41 من الإغلاق الحكومي، إلى كسر الجمود الذي أدَّى إلى إغلاق الحكومة لأسابيع، مما أدَّى إلى إجازة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين، وملايين الأمريكيين المعرَّضين لخطر فقدان المساعدات الغذائية، وملايين آخرين يواجهون اضطراباتٍ في السفر الجوي.
ومن المتوقَّع أن يناقش مجلسُ النواب الأمريكي هذا الإجراءَ غدًا الأربعاء، حيث قد يؤدي هامشُ سيطرة الجمهوريين الضئيل والمعارضةُ الديمقراطيةُ الشديدةُ إلى تصويتٍ متقارب. وقد أشار الرئيس ترامب إلى أنه سيوقِّع عليه.
وجاء هذا الاختراق بعد أن كسر 8 أعضاءٍ في مجلس الشيوخ في الكتلة الديمقراطية الحصارَ الذي فرضه حزبُهم على تشريع الإنفاق الذي يحاول الجمهوريون تمريرَه منذ أسابيع لإعادة فتح الحكومة، مما أثار ردَّ فعلٍ عنيفًا في صفوفهم.
وقالوا إنهم فعلوا ذلك بعد أن خلصوا إلى أن الجمهوريين لن يستجيبوا أبدًا للمطلب الرئيسي للديمقراطيين في معركة الإغلاق، وهو تمديدُ إعانات الرعاية الصحية الفيدرالية المقرَّر أن تنتهي في نهاية العام، في حين استمرَّ ملايينُ الأمريكيين في المعاناة وسط الإغلاق الفيدرالي.
قال السيناتور تيم كاين، الديمقراطي من ولاية فرجينيا: "لم يكن أمامنا طريقٌ للمضيِّ قُدمًا في مجال الرعاية الصحية لأن الجمهوريين رفضوا الحديثَ عن الرعاية الصحية في ظلِّ إغلاق الحكومة، وكان لدينا مستفيدون من برنامج المساعدة الغذائية التكميلية، ومن يعتمدون على خدماتٍ مهمةٍ أخرى، والذين فقدوا استحقاقاتهم بسبب الإغلاق".
ومن المتوقَّع أن يستغرقَ إعادةُ فتح الحكومة أيَّامًا. وحثَّ رئيسُ مجلس النواب مايك جونسون أمس الاثنين أعضاءَ المجلس، الذين لم يجروا تصويتًا منذ قرابة شهرين بسبب عطلتهم المطوَّلة خلال فترة الإغلاق، على بدء إجراءات العودة إلى واشنطن فورًا.
في البيت الأبيض، أعلن ترامب موافقتَه على الخطة، وقال: "سنفتح بلادنا بسرعةٍ كبيرة"، واصفًا الحزمة بأنها "جيدة جدًّا".
في حين يُغفل التشريع أيَّ ذكرٍ للاعتمادات الضريبية، قال الديمقراطيون إنهم سيقبلون عرضًا من السيناتور جون ثون، الجمهوري من ولاية داكوتا الجنوبية وزعيم الأغلبية، لإجراء تصويتٍ على هذه القضية في وقتٍ لاحقٍ من هذا العام، عندما تنتهي صلاحية الإعانات.
هذا الإجراء، الذي يتطلَّب 60 صوتًا للموافقة عليه، يواجه صعوباتٍ كبيرةً في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بل وحتى فرصةً أقلَّ للتقدُّم في مجلس النواب، حيث من غير المرجَّح أن يطرحه جونسون وسط معارضةٍ واسعةِ النطاق في حزبه.
وقد وصف العديدُ من الديمقراطيين، بما في ذلك مجموعةٌ كبيرةٌ من أعضاء مجلس الشيوخ من مختلف الأطياف الأيديولوجية، هذا الالتزام بأنه غيرُ كافٍ على الإطلاق، واستنكروا بشدَّةٍ اتفاقَ الإنفاق.
بعد أن نجح في الحفاظ على تماسك حزبِه لمدة 40 يومًا في معركة الإغلاق، عارض السيناتور تشاك شومر من نيويورك، زعيمُ الأقلية، الصفقةَ التي توصَّل إليها بعضُ أعضائه لأنها، كما قال: "فشلت في فعل أيِّ شيءٍ جوهريٍّ لإصلاح أزمة الرعاية الصحية في أمريكا".
وزعم آخرون أن الاتفاق يهدف إلى تمكين أجندة ترامب وتكتيكاته، في حين كان ينبغي للديمقراطيين بدلًا من ذلك الوقوفُ في وجهه وفي وجه الجمهوريين.
قال السيناتور إدوارد جيه. ماركي، الديمقراطي من ماساتشوستس: "لقد عمد ترامب والجمهوريون المؤيدون لترامب إلى إغلاق الحكومة منذ يوم التنصيب، وهدموا برنامجي الرعاية الصحية (ميديكير) و(ميديكيد) وقانون الرعاية الصحية بأسعارٍ ميسورة، وتورَّطوا في أكبر عملية سطوٍ على الرعاية الصحية في التاريخ، كلُّ ذلك لتمويل تخفيضاتٍ ضريبيةٍ للرؤساء التنفيذيين المليارديرات". وأضاف: "يريد الشعبُ الأمريكي منا أن نوقفَ هذه العملية، لا أن نقودَ سيارةَ الهروب".
تضمَّن الإجراء التوفيقي، الذي تم التفاوض عليه إلى حدٍّ كبيرٍ من قبل القادة في لجنة المخصَّصات بمجلس الشيوخ، حزمةَ إنفاقٍ من شأنها تمويلُ الحكومة حتى يناير، بالإضافة إلى ثلاثة مشاريع قوانين إنفاقٍ منفصلةٍ لتغطية البرامج المتعلقة بالزراعة والبناء العسكري والوكالات التشريعية لمعظم عام 2026.
تتضمَّن الحزمة أيضًا بندًا من شأنه عكسُ عملياتِ تسريحِ العمال الفيدراليين التي تمت أثناء الإغلاق، وضمانُ دفعِ أجورٍ بأثرٍ رجعيٍّ لأولئك الذين تم منحُهم إجازات.
ترامب، الذي تحدَّى مرارًا وتكرارًا أوامرَ الكونجرس بشأن مسائل الإنفاق، صرَّح أمس الاثنين بأنه سيلتزم بتلك البنود، وقال: "سألتزم بالاتفاق".
اجتمع ما يصل إلى 12 ديمقراطيًّا، كثيرٌ منهم من الوسطيين القادمين من ولاياتٍ ديمقراطية، والذين لم يكونوا مرتاحين لفكرة دعم إغلاق الحكومة، في هدوءٍ لأسابيع بحثًا عن مخرج. ووافق العديدُ منهم سرًّا على التمسك بموقفهم حتى الأول من نوفمبر على الأقل، وهو تاريخُ بدء فترة التسجيل المفتوحة السنوية للأشخاص الذين يحصلون على تغطيةٍ صحيةٍ من خلال السوق الفيدرالية، وفقًا لشخصٍ مطَّلعٍ على المفاوضات.
مع تفاقم تأثير الإغلاق الحكومي وانتشاره في جميع أنحاء البلاد، وتزايد إلغاء الرحلات الجوية قبل عطلة عيد الشكر، وتزايد الشكوك حول إمكانية الحصول على قسائم الطعام، كان الديمقراطيون المعتدلون على استعدادٍ للانشقاق عن حزبهم.
في النهاية، كان الثمانيةُ الذين انشقوا جميعُهم أعضاءً في مجلس الشيوخ قادرين على تحمُّل تبعاتٍ سياسيةٍ، اثنان منهم على وشك التقاعد، بينما الستةُ الآخرون غيرُ مرشَّحين لإعادة الانتخاب العام المقبل.
وفي تصويتٍ حزبيٍّ بأغلبية 53 صوتًا مقابل 47 صوتًا، أحبط الجمهوريون محاولةً أخيرةً من جانب الديمقراطيين أمس الاثنين لإضافة اقتراحٍ إلى حزمة الإنفاق من شأنه أن يمدِّدَ الاعتماداتِ لمدة عامٍ واحد.