الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بين شبح الديون ونداء الناتو.. إيطاليا تتورط في معادلة الإنفاق المستحيلة

  • مشاركة :
post-title
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني

القاهرة الإخبارية - أحمد أنور

تواجه إيطاليا معضلة اقتصادية متزايدة بين التزاماتها الدفاعية تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو) وبين أعباء ديونها العامة المتصاعدة، إذ تُظهر تقديرات جديدة أنّ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي قد تقترب من 148% في حال أوفت روما بوعودها الدفاعية عبر تمويل إضافي بالاقتراض، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وخلال جلسة برلمانية الأسبوع الماضي حول ميزانية عام 2026، تجنّب وزير المالية الإيطالي جيانكارلو جيورجيتي الخوض في تفاصيل الإنفاق العسكري المستقبلي، مكتفيًا بالقول: "ستُبلغ الحكومة البرلمان في بداية السنة المالية المقبلة بشأن الإنفاق العسكري على مدى السنوات الثلاث المقبلة".

وحذّر خبراء اقتصاديون في تصريحات للصحيفة، من أنّ الوفاء بالتزامات الناتو الدفاعية سيشكّل تحديًا كبيرًا لإيطاليا، التي تجاوز حجم دينها مستويات اليونان لأول مرة منذ أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو قبل أكثر من عقد.

وتحت ضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحمّل الحلفاء الأوروبيين حصة أكبر من تكلفة أمنهم، وافقت إيطاليا وبقية أعضاء الناتو في يونيو الماضي على رفع الإنفاق الدفاعي الأساسي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، مع تخصيص 1.5% إضافية سنويًا للبنية التحتية الاستراتيجية.

لكنّ روما ما زالت بعيدة عن هذا الهدف؛ إذ بلغ إنفاقها الدفاعي في عام 2024 نحو 1.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أدنى من الهدف الحالي للحلف البالغ 2%، رغم تعهّد الحكومة بالوصول إليه بنهاية هذا العام.

ووفقًا لتقديرات وكالة التصنيف الائتماني S&P Global Ratings، فإنّ الدين العام الإيطالي قد يبلغ 137.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، غير أنّ تحقيق أهداف الناتو من خلال الاقتراض سيرفع النسبة إلى 148.4%، وهو مستوى لم يُسجَّل منذ ذروة جائحة كوفيد-19 في عام 2020، عندما بلغت 154%.

ويرى أليساندرو ماروني، رئيس برنامج الدفاع في معهد روما للشؤون الدولية، إن الوفاء بالالتزامات الطموحة سيكون "ممكنًا، ولكنه صعب"، نظرًا لأن روما ستضطر إلى مضاعفة إنفاقها الدفاعي عن مستويات عام 2024.

وقال "ماروني": "إنهم جادون وسيحاولون زيادة ميزانية الدفاع تدريجيًا وبشكل تدريجي". لكنه أشار إلى أن 10 سنوات هي فترة زمنية طويلة وقد تحدث أشياء كثيرة".

من جهتها، أكدت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني أنّ حكومتها الائتلافية اليمينية "لن تُحوّل ولو يورو واحد" من مخصصات البرامج الاجتماعية لتمويل الزيادة الدفاعية، مشددةً على أنّ روما ستوجّه الإنفاق الجديد لدعم شركات الدفاع الإيطالية مثل ليوناردو وفينكانتيري وغيرهما، في خطوة قد تُنشئ ما وصفته بـ"حلقة اقتصادية إيجابية" تعزز النمو المحلي.

طلبت روما هذا الأسبوع، 21 مركبة قتالية مدرعة من مشروع مشترك جديد بين ليوناردو الإيطالية وراينميتال الألمانية، وهي الخطوة الأولى نحو تجديد أسطول المركبات الثقيلة المتقادم للجيش الإيطالي.

ووفق "فايننشال تايمز" يشكك معظم المحللين في أن زيادة الإنفاق الدفاعي في أوروبا ستوفر حافزًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث سيُخصص جزء كبير من الإنفاق لاستيراد المعدات والإدارة، مع تركيز أقل على البحث والتطوير.

تُعدّ المملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا من بين العديد من الحكومات الأوروبية التي تُخاطر برفع الدين العام بشكل حاد إذا سعت إلى تمويل التزامات دفاعية إضافية عن طريق الاقتراض، وفقًا لتوقعات ستاندرد آند بورز.

وتجاوز عجز الموازنة في فرنسا والمملكة المتحدة وبلجيكا 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي - وسيرتفع هذا العجز مع زيادة الإنفاق الدفاعي.