يعتقد خبراء أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لاستئناف تجارب الأسلحة النووية، وتخاطر بخسارة أرضها أمام الصين وروسيا إذا مضت قدمًا في خطط دونالد ترامب، بحسب صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده ستجري تجارب على الأسلحة النووية لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود، كاسرة بذلك واحدة من المحرمات القليلة المتبقية بين القوى العظمى.
وبحسب " ذا تليجراف" يخشى الخبراء من أن يكون ترامب قد أطلق بذلك إشارة البدء في سباق لا تستعد واشنطن للفوز به، وأنها قد تجد نفسها في مواجهة موسكو وبكين، وسط مخاوف، من فتح "صندوق باندورا" الذي ظل مغلقًا منذ نهاية الحرب الباردة تقريبًا.
منذ عام 1992، تلتزم الولايات المتحدة والصين وروسيا بوقف مؤقت للتجارب النووية، على الرغم من أن أحد المسؤولين الأمريكيين ألمح قبل عدة سنوات إلى أن موسكو ربما تجري تجارب سرية. وبما أن القوى العظمى لم تصادق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي تحظر "أي تفجير تجريبي لسلاح نووي أو أي تفجير نووي آخر"، فإن هذه المعاهدة ليست ملزمة قانونيًا.
بدوره قال داريل جي كيمبال، مدير جمعية الحد من الأسلحة: "على رئيس الولايات المتحدة أن يتحدث بوضوح ودقة وأن يُولي اهتمامًا للمسائل النووية، إذا حدثت أزمة نووية. وإذا كان ترامب يتواصل بهذه الطريقة، فقد يؤدي ذلك إلى كارثة".
ويعتقد خبراء أن الولايات المتحدة حافظت على صدارتها بين الدول صاحبة الترسانات النووية العالمية تحديدًا بفضل التجارب التي أجرتها قبل أن تُصبح هذه الممارسة محظورة في التسعينيات.
منذ عام 1945، فجرت واشنطن 1149 قنبلة نووية مقارنة بـ969 قنبلة نووية قامت بها روسيا، أما الصين، القوة العظمى الناشئة خلال نفس الفترة، فلم تفجر سوى 45 قنبلة.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن كوري هيندرشتاين، وهو مسؤول كبير سابق في الإدارة الوطنية للأمن النووي، إن الولايات المتحدة لديها فهم أكثر تطورًا للأسلحة النووية بسبب تلك الاختبارات، وليس هناك حاجة تقنية لإجراء تجارب كاملة النطاق لضمان موثوقية وسلامة مخزونها الحالي من الأسلحة.
وأشار إلى إنه يمكن استخدام المعلومات المتوفرة لديها بالفعل من التجارب السابقة جنبًا إلى جنب مع حواسيب عملاقة بمليارات الدولارات في مواقع تُحاكي التجارب النووية دون الحاجة إلى تفجيرات، ومن بين هذه المواقع لوس ألاموس في نيو مكسيكو، حيث قاد روبرت أوبنهايمر جهود بناء قنبلة نووية خلال الحرب العالمية الثانية.
إلى جانب ذلك يجب توظيف عمال مناجم وحفارين مؤهلين للعمل في منطقة التجارب النووية. كما يجب توفير معدات مثل رافعة متخصصة لإنزال الجهاز في باطن الأرض، ويجب تخزين الرمل والصخور لملء الآبار ومنع انتشار المواد المشعة.
وتتمثل الأزمة في مشاكل التوظيف في الإدارة الوطنية للأمن النووي، والتي تفاقمت بسبب تخفيضات إيلون ماسك، في برنامج "دوج"، لن تؤدي إلى تسريع العملية، والتي قد تتأخر أكثر إذا شن سياسيون في نيفادا معركة قانونية لمنع إجراء الاختبارات، وعلاوة على كل ذلك، فإن موقع الاختبار ليس مناسبًا لأغراض ترامب.
وأضاف:"الولايات المتحدة أكثر استعدادًا للقيام بكل هذا دون تجارب نووية من أيٍّ من خصومنا، إن بدء سلسلة من التجارب النووية، حيث سيتبعها آخرون، هو في الواقع إعطاء خصومنا رمز غش لا يملكونه".
وفي الوقت نفسه، يبدو أن صور الأقمار الصناعية تظهر أن روسيا والصين تعملان على تطوير مواقع التجارب النووية في نوفايا زيمليا ولوب نور حتى تصبح جاهزة لاستئناف التفجيرات النووية.
وأكد خبراء لصحيفة "واشنطن بوست" أن المعدات التي سيتم استخدامها لحفر الموقع لإجراء تفجير نووي تحت الأرض كانت بمثابة "حفرة صدأة"، وهو ما يتوافق مع ما قاله داريل جي كيمبال، مدير جمعية الحد من الأسلحة الذي زار الموقع قبل عامين، قائلاً: "المنطقة التي يتم فيها تخزين المعدات لبرنامج الاستعداد للاختبار مليئة بالكابلات والمعدات الصدئة".
وتشير التحذيرات الملاحية إلى أن الولايات المتحدة حددت موعدًا لأول اختبار لصاروخ باليستي عابر للقارات قادر على حمل رؤوس نووية، لكنه غير مسلح، بعد أن أمر الرئيس دونالد ترامب بتجديد الاختبارات، وفقًا لخريطة نشرتها مجلة "نيوزويك".
وفقًا لمشروع المعلومات النووية التابع لاتحاد العلماء الأمريكيين، يمتلك سلاح الجو الأمريكي 400 صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز مينيوتمان 3، منتشرة في صوامع تحت الأرض في ولايات كولورادو ومونتانا ونبراسكا وداكوتا الشمالية ووايومنج، ويبلغ مداها أكثر من 6000 ميل.
وبينما تم تخصيص 800 رأس حربي نووي لأسطول صواريخ مينيوتمان 3، مع تجهيز كل صاروخ برأس حربي واحد فقط، إلا أن هذه الصواريخ قادرة تقنيًا على حمل رأسين أو ثلاثة رؤوس حربية إذا اختار سلاح الجو تجهيزها برؤوس إضافية.