الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

توثيقًا لكنوز الأجداد.. مطالب بإحياء مجد "الفراعنة" على الشاشة

  • مشاركة :
post-title
تمثال رمسيس الثاني من المتحف المصري الكبير

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

في الوقت الذي لا تزال فيه الحضارة المصرية القديمة تحتفظ بأسرارها التي لم تُروَ بعد، فإنها تواصل إبهار العالم بعظمتها، وهيبتها، وقدسيتها، وبما تركته من آثار تشهد على عبقرية المصري القديم. وقد نجح الفن المصري في تجسيد جانب من هذه الحضارة الساحرة، مقدّمًا أعمالًا فنية خالدة تروي قصص الملوك والملكات، وتوثّق جزءًا من التاريخ الذي أبهر الإنسانية، وسط مطالب متزايدة بتقديم مزيدٍ من هذه الأعمال.

ومع اقتراب الموعد المنتظر لافتتاح المتحف المصري الكبير غدًا السبت، الحدث الأبرز الذي تتجه إليه أنظار العالم، يرصد موقع "القاهرة الإخبارية" كيف استطاع الفن المصري أن يُعيد إحياء التاريخ الفرعوني على الشاشة، من خلال عددٍ من الأعمال الفنية التي غاصت في عمق الحضارة المصرية القديمة، إضافةً إلى آراء عددٍ من الفنانين والنقّاد حول ضرورة إنتاج المزيد من هذه الأعمال الفنية الثرية.

سوسن بدر.. توثّق "أم الدنيا"

استطاعت الفنانة سوسن بدر بملامحها الفرعونية أن تخطف الأنظار في سلسلة الأفلام الوثائقية الدرامية "أم الدنيا"، التي تتألف من 15 فيلمًا توثيقيًا دراميًا يسرد تاريخ مصر القديمة بطريقة حديثة، تهدف إلى ربط المشاهد بجذوره الحضارية والتعريف بشخصيات بارزة صنعت مجد التاريخ المصري.

"الكنز".. الصراع على الحكم

من أبرز الأعمال الحديثة التي تناولت التاريخ الفرعوني فيلم "الكنز" الذي أخرجه شريف عرفة وكتبه عبد الرحيم كمال عام 2017، حيث تتقاطع فيه ثلاث حكايات، أبرزها قصة الملكة حتشبسوت التي جسّدتها الفنانة هند صبري.

يتناول الفيلم الصراع على الحكم وما واجهته الملكة من مؤامرات رجال الدين الرافضين لتولّي امرأة مقاليد السلطة، مقدّمًا معالجة درامية قوية عن صراع الفكر والسلطة في الحضارة الفرعونية.

فيلم عروس النيل
"المومياء".. وثيقة خالدة

يبقى فيلم "المومياء" للمخرج شادي عبد السلام علامةً بارزة في تاريخ السينما المصرية والعربية. أُنتج عام 1969، ويُعد من بين أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية، إذ استلهم عبد السلام أحداثه من واقعة حقيقية هي اكتشاف خبيئة مومياوات الدير البحري في صعيد مصر عام 1871، والتي ضمّت مومياوات عدد من أعظم ملوك الفراعنة مثل أحمس الأول وسيتي الأول ورمسيس الثاني.

تدور أحداث الفيلم حول قبيلة تعيش على سرقة الآثار، لكن أبناء شيخها يتمرّدون على هذا الميراث المشين في صراع إنساني بين الطمع والشرف.

شارك في بطولة الفيلم أحمد مرعي، نادية لطفي، وزوزو حمدي الحكيم، وظل العمل نموذجًا فنيًا فريدًا في تناول الحضارة المصرية برؤية فلسفية وإنسانية راقية.

"عروس النيل".. رسالة حب للتراث

في عام 1963 قدّم المخرج فطين عبد الوهاب فيلم "عروس النيل"، بطولة رشدي أباظة ولبنى عبد العزيز، حيث تناول قصة حب بين مهندس جيولوجي وفتاة فرعونية تُدعى هاميس، آخر عرائس النيل، في إطار درامي يحذّر من المساس بالمناطق الأثرية.

حمل الفيلم رسالة رمزية عن احترام تاريخ الأجداد والحفاظ على التراث، مؤكّدًا مكانة الحضارة المصرية ككيان خالد لا يقبل الانتهاك.

فيلم المومياء
"غرام في الكرنك".. الفن الشعبي يلتقي التاريخ

في عام 1967 قدّم المخرج علي رضا فيلم "غرام في الكرنك"، الذي جمع بين الرقص والفن الاستعراضي والتاريخ الفرعوني، من خلال قصة فرقة فنون شعبية تسعى لتحقيق النجاح وتختار مدينة الأقصر لتقديم عروضها على مسرح معبد الكرنك، إيمانًا بعظمة تاريخ مصر.

قدّم الفيلم الأغنية الشهيرة "الأقصر بلدنا" التي أصبحت واحدة من علامات السينما الاستعراضية المصرية، وشارك في بطولته ماجدة ومحمود رضا وفريدة فهمي.

إلهام شاهين: كنز فني وما زلت أحلم بـ"حتشبسوت"

من جانبها، أعربت الفنانة إلهام شاهين عن فخرها وعشقها للحضارة المصرية القديمة، مؤكدة ضرورة زيادة عدد الأعمال التي تتناول جوانب وشخصيات مهمة من هذه الحضارة لتوثيقها وتقديمها من خلال الفن وتوعية الأجيال الحالية والقادمة.

أكدت شاهين في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية" أنها تحلم بتجسيد شخصية ملكة فرعونية، وتحديدًا الملكة حتشبسوت، في عمل درامي، معتبرة أن الحضارة المصرية القديمة كنز فني وإنساني يجب تقديمه للعالم.

وقالت: "الأعمال التي تتناول الحضارة الفرعونية تحتاج جهدًا ضخمًا في البحث والتدقيق، فضلًا عن تكاليف إنتاجية مرتفعة، لكنها تستحق أن نكرّس لها كل الإمكانيات لتقديم أعمال تليق بها وتُسوَّق عالميًا".

وأضافت أن لديها مشروعًا فنيًا عن الحضارة المصرية لم يكتمل بعد وفاة المخرج الكبير يوسف شاهين رغم حماسها الشديد له.

فيلم غرام في الكرنك
حنان مطاوع: متحمسة لتقديم عمل عن ملكة مصرية أصيلة

من جانبها، كشفت الفنانة حنان مطاوع عن تحمسها لتقديم شخصية الملكة حتشبسوت في عمل مسرحي جديد على المسرح القومي من تأليف أنور عبد المغيث، مشيرة إلى أن النص كُتب باللغة العربية الفصحى بأسلوب مبسط يقترب من الجمهور.

وأوضحت مطاوع في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية" أنها فضّلت تجسيد حتشبسوت لأنها "ملكة فرعونية مصرية أصيلة"، تمتلك قصة إنسانية وتاريخية مهمة، مضيفة أنها لم توقّع بعد التعاقد الرسمي على العمل، لافتة إلى أنه كان هناك في البداية مقترح لتقديم شخصية الملكة كليوباترا ذات الأصول البطلمية، لكنها تحمست أكثر لتجسيد حتشبسوت.

ونادت حنان مطاوع بأهمية تقديم أعمال فنية متنوعة تعكس جوانب من الحضارة المصرية القديمة، بكل ما تحمله من تاريخ عظيم وشخصيات ملهمة وفريدة.

إلهام شاهين
السيناريست أنور عبد المغيث: نحتاج إرادة حقيقية لإحياء مثل هذه الأعمال

طالب السيناريست أنور عبد المغيث بضرورة زيادة عدد الأعمال الفنية التي تتناول الحضارة المصرية القديمة، مؤكدًا أن هذا النوع من الدراما والفنون يمثل ثروة قومية ومصدر فخر لمصر أمام العالم.

وقال عبد المغيث لموقع "القاهرة الإخبارية": "شعرت أنني أسير في الاتجاه الصحيح عندما بدأت كتابة أعمال تتناول الحضارة المصرية القديمة، وتأكدت من ذلك مع وجود حدث عالمي يتابعه الملايين وهو افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يعيد تسليط الضوء على تاريخ مصر العريق".

وأضاف أنه بدأ منذ عامين العمل على مشروع درامي يتناول سيرة الملك تحتمس الثالث، الذي وصفه بـ"أعظم المحاربين في التاريخ المصري القديم"، مشيرًا إلى أنه انتهى من كتابة عدد من الحلقات ويأمل أن تتبنى إحدى جهات الإنتاج تنفيذ المشروع قريبًا.

كما كشف عبد المغيث عن انتهائه من كتابة نص مسرحية بعنوان "حتشبسوت.. العرش والحب" المقرر تقديمها على خشبة المسرح القومي، موضحًا أن تنفيذ مثل هذه المشاريع يحتاج إلى إرادة حقيقية من المؤسسات المعنية لدعمها وإخراجها إلى النور بما يليق بعظمة الحضارة المصرية.

حنان مطاوع
السيناريست أنور عبد المغيث: أعمال الحضارة المصرية استثمار في الهوية والانتماء

وأكد السيناريست أنور عبد المغيث أن الأعمال التي تجسد الحضارة المصرية القديمة ليست فقط ذات قيمة ثقافية وتاريخية، بل تحمل أيضًا بعدًا سياحيًا وتوعويًا كبيرًا، قائلًا: "هذه الأعمال تروّج لمصر عالميًا وتُعزّز من انتماء الأجيال الجديدة لوطنهم، فضلًا عن أنها مربحة، وهو ما أثبته مسلسل جودر الذي عُرض على العديد من المنصات، وتمت ترجمته إلى اللغة الروسية، وحقق نجاحًا ومكاسب كبيرة".

وأشار عبد المغيث إلى أن الاهتمام بإنتاج هذه النوعية من الأعمال يعد استثمارًا في الهوية المصرية، وفرصة لتقديم تاريخنا للعالم في صورة فنية تليق بعظمة حضارتنا.

ماجدة موريس: نحتاج أفلامًا سنوية عن الحضارة المصرية

فيما طالبت الناقدة ماجدة موريس بتكثيف الإنتاج الفني الذي يتناول الحضارة الفرعونية، مؤكدة أن هذه الأعمال ضرورية لتعريف الأجيال الجديدة بتاريخ أجدادهم، مشيرة إلى أن فيلم "المومياء" ما زال يُدرَّس عالميًا كأحد أهم الأعمال السينمائية في توثيق التاريخ.

وأضافت: "نحتاج إلى برامج وأفلام وثائقية جديدة تُعرض بانتظام، ليكون كل عام لدينا فيلم أو عمل درامي عن الحضارة المصرية، مثلما فعل شادي عبد السلام وعبد القادر التلمساني في أعمالهما الخالدة".

ورأت موريس أن هذه الأعمال تمثل جزءًا من القوى الناعمة لمصر، إذ تُرسخ الإحساس بالانتماء والفخر لدى المواطن، وتؤكد للعالم أن المصريين أبناء حضارة عظيمة تستحق الاحتفاء.