تعرضت خطة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لبناء جسر بتكلفة 13.5 مليار يورو يربط صقلية بالبر الرئيسي للخطر، بعد أن رفضت محكمة المحاسبات في البلاد الاقتراح في وقت متأخر من مساء الأربعاء.
ولم تقدم محكمة روما المكلفة بتقييم المشاريع الممولة من الحكومة لمنع هدر الأموال العامة سببًا فوريًا للقرار، لكنها قالت إن حكمًا كتابيًا كاملًا سيصدر في غضون 30 يومًا، بحسب "فايننشال تايمز".
ويُعد هذا الحكم انتكاسة لحكومة ميلوني اليمينية، التي روجت للمشروع كرمز لالتزامها بتعزيز البنية التحتية في الجنوب الأكثر فقرًا، كما ادعت روما أن الجسر الذي يبلغ طوله 3.3 كيلومتر ضرورة للأمن القومي، وسيساعد إيطاليا على الوفاء بتعهدها بزيادة الإنفاق الدفاعي.
وبعد صدور الحكم، أصرت ميلوني ونائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني على أن المشروع سيمضي قدمًا، وكان القضاة قد أثاروا في السابق العديد من المخاوف بشأن نهج الحكومة في إحياء مشروع الجسر الذي يعود تاريخه إلى عقود مضت، والذي تم إلغاؤه في عام 2012 خلال أزمة الديون السيادية في إيطاليا.
ومن بين القضايا الأخرى، شكك القضاة في منح روما عقدًا بقيمة 10.6 مليار يورو لشركة البناء المدرجة في بورصة ميلانو، "ويبيلد"، دون طرح مناقصة جديدة، بناءً على عملية تقديم عطاءات أُجريت في الأصل عام 2005.
وخلال جلسة الاستماع أمس الأربعاء، أعرب القضاة أيضًا عن مخاوفهم بشأن الاستدامة المالية للمشروع، مجادلين بأن التكاليف لم تُحدَّد بشكل صحيح، وأن الوثائق الداعمة للتقديرات غير مكتملة وقديمة.
وحذرت القاضية كارميلا ميرابيلا من أن بدء المشروع دون تمويل كافٍ قد يؤدي إلى انقطاع لاحق سيكون ضارًا للغاية، لا سيما بالنسبة لمالية الدولة.
وفي غضون ساعات من صدور حكم المحكمة، اتهمت ميلوني وحلفاؤها القضاة بتجاوز صلاحياتهم، وقال مكتب ميلوني إن القرار هو عمل آخر من أعمال التعدي من قبل السلطة القضائية على خيارات الحكومة والبرلمان، واصفًا رفضهم لصحة المشروع بأنه "تدخل غير مقبول، ولن يوقف عمل الحكومة".
ووصف سالفيني، أكبر مؤيد للمشروع، الحكم بأنه "ضربة قاسية للبلاد" و"خيار سياسي وليس حكمًا فنيًا محايدًا"، كما تعهد بأن الحكومة "ستسعى بكل السبل الممكنة لبدء العمل".
وقال وزير الخارجية أنطونيو تاجاني، زعيم حزب "فورزا إيطاليا" المشارك في الائتلاف الحاكم، على وسائل التواصل الاجتماعي، إنه من غير المقبول في دولة ديمقراطية أن تقرر محكمة المحاسبات أي المشاريع الاستراتيجية يجب تنفيذها.
ودائمًا ما حلم القوميون الإيطاليون بربط صقلية بالبر الرئيسي منذ القرن التاسع عشر. في عام 2006، وقع رئيس الوزراء الراحل سيلفيو برلسكوني عقد بناء جسر بقيمة 3.8 مليار يورو مع شركة "إمبريجيلو" المدرجة في بورصة ميلانو، والتي استحوذت عليها لاحقًا شركة "ويبيلد".
بعد إلغاء مشروع الجسر، رفعت "إمبريجيلو" دعوى قضائية ضد روما للمطالبة بتعويضات قدرها 700 مليون يورو. بعد توليها السلطة في عام 2022، بدأت حكومة ميلوني جهودًا لإحياء المشروع.
عرضت "ويبيلد" إسقاط الدعوى القضائية ضد روما إذا تم إحياء المشروع، على الرغم من أن المخطط واجه مقاومة محلية شرسة، بما في ذلك من بين مئات من مالكي العقارات الذين ستُصادَر منازلهم.
ووصف بيترو تشيوتشي، الرئيس التنفيذي لشركة "ستريتو دي ميسينا"، الشركة المملوكة للدولة والمتوقع أن تدير الجسر، حكم المحكمة بأنه "مفاجأة كبيرة"، وقال إن العملية برمتها نُفذت بالامتثال الكامل للوائح الإيطالية والأوروبية العامة والخاصة التي تحكم بناء الجسور.