الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

غزة تختنق تحت أطنان الركام وتعيق انتشال جثث المحتجزين الإسرائيليين

  • مشاركة :
post-title
إزالة 60 مليون طن من الركام في قطاع غزة يحتاج إلى عامين

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

عند مطالعة صور الأقمار الصناعية أو تلك الملتقطة من السماء بالتصوير الجوي لقطاع غزة، يبدو للجميع مدى صغر تلك القطعة من الأرض التي أصبحت مسرحًا لأحد أكثر الانتهاكات دموية في العالم. في هذه البقعة الصغيرة من الشرق الأوسط، استُشهد عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غارات إسرائيلية على مدار عامين، ويُقدر أن آلافًا آخرين ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض.

وبين آلاف الجثامين الفلسطينية التي يعود ذويها إلى أراضيهم للبحث عنهم وتكريمهم بشكل لائق، تسعى الفصائل الفلسطينية لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، واستكمال استعادة بقية جثث المحتجزين من الأرض التي وصف مسؤول أممي دمارها بأنه أكثر فداحة مما تركته القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية في أربعينات القرن الماضي، عندما عرف العالم معنى كلمة "الدمار الشامل".

وسط جبال الركام التي تجاوزت الـ60 مليون طن وتستغرق إزالتها ما يقرب من عامين تقريبًا، حسب التقديرات الأممية، والتضييقات والخروقات التي يمارسها الاحتلال، تعمل عناصر حركة حماس بمساعدة فرق مصرية من أجل استخراج جثث المحتجزين الإسرائيليين، لقطع الطريق على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تحاول التذرع بالتأخير الناتج عن أطنان الحطام لخرق اتفاق وقف إطلاق النار.

ويقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن هناك حاجة إلى إزالة 55 مليون طن من الأنقاض، وهو ما يعادل 13 هرمًا من أهرامات الجيزة، في المرحلة الأولى من إعادة إعمار غزة؛ كما نقلت شبكة CNN.

أطنان الركام

في الأشهر الخمسة الأولى من الحرب، ألقت إسرائيل أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على غزة، وهو ما يعادل، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة الصادر عام 2024، قنبلتين نوويتين. وفي العام الماضي، صعّدت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية على جبهات متعددة.

وفي تقرير لها في يوليو الماضي، رافقت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية إحدى فرق إسقاط المساعدات على أهالي غزة. وقتها كتبت: "أنقاض شمال غزة ومدينة غزة أصبحت الآن أرضًا قاحلة من الخرسانة المتهدمة والغبار. تحولت المباني إلى أنقاض، والطرق مليئة بالحفر، وأحياء بأكملها سُوّيت بالأرض".

وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، الأسبوع الماضي، أن جهود انتشال الجثث تواجه تحديات بسبب الدمار الهائل الذي لحق بها، ودفنها في أعماق الأرض.

وأفادت تقارير، يوم السبت الماضي، بأن فريقًا مصريًا مُجهزًا بمعدات خاصة لتحديد مواقع الجثث دخل غزة للعمل مع عناصر حركة حماس واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد أن زوّدت إسرائيل القاهرة بإحداثيات المواقع التي يُعتقد أنها قد تحتوي على رفات.

وذكرت القناة 12 العبرية أن معلومات من إسرائيل وحماس حول مكان المحتجزين القتلى تم تقديمها للفريق المصري لتوجيه بحثهم.

وتعتمد استخبارات الاحتلال الإسرائيلي في تحديد مواقع جثث المحتجزين على المعلومات التي جمعتها طوال الحرب، بما في ذلك من استجواب الفلسطينيين الذين أسرتهم، كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

وأشار تقرير الصحيفة الأمريكية، المنشور منتصف أكتوبر الماضي، إلى أن "الاستخبارات الإسرائيلية لا تعتقد أن حماس تعرف مكان جميع جثث المحتجزين"، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر، وقد أبلغ المسؤولون الإسرائيليون عائلات الذين لم يتمكنوا من تحديد مكان جثثهم.

ونقلت "القاهرة الإخبارية" عن مسؤولين قولهم إن "مصر ستقدم دعمًا لوجستيًا ومعدات للمساعدة في تحديد مواقع جثث المحتجزين الإسرائيليين، نظرًا لحجم الدمار في القطاع"، وهي الخطوة التي وافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي شخصيًا، كما أكد مكتبه لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

ووفقًا لتحليل بيانات الأقمار الصناعية الذي أجراه الباحثان كوري شير وجامون فان دين هوك من جامعة ولاية أوريجون، يُرجَّح أن أكثر من 60% من مباني القطاع قد تضررت منذ بدء الحرب.

وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر العثور على جثث المحتجزين تحت أنقاض غزة بأنه "تحدٍ هائل". وقد لا يتم العثور على بعضها أبدًا.

من أجل الإبادة

أمس الثلاثاء، قالت رئيس لجنة مستقلة للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أمام لجنة تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن إسرائيل ارتكبت "أربعة أعمال إبادة جماعية" في غزة، وقادة الاحتلال "حرّضوا على ارتكاب إبادة جماعية".

وفي تقديمها للتقرير الأخير للجنة التحقيق، قالت نافي بيلاي إن النتائج استندت إلى تحليل قانوني أجري بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. وأضافت: "توصلنا إلى أن دولة إسرائيل مسؤولة عن ارتكاب أربع جرائم إبادة جماعية في غزة بقصد محدد هو تدمير الفلسطينيين في غزة".

وكان هذا آخر تقرير تقدمه "بيلاي" إلى الجمعية العامة، بعد أن قادت هيئة التحقيق الدولية المستقلة منذ يوليو 2021.

وأكدت: "خلصت اللجنة أيضًا إلى أن الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق حرضوا على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية."

ووصفت بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان السابقة للأمم المتحدة، الوضع في غزة بأنه "الهجوم الأكثر وحشية وطويل الأمد وانتشارًا ضد الشعب الفلسطيني في التاريخ"؛ لافتة إلى أن وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين والأسرى "يمنحان الأمل، لكنهما لا يمكنهما إصلاح الدمار الذي حدث بالفعل"، مضيفة أن "قطاع غزة أصبح في حالة خراب، وأصبح غير صالح للسكن تقريبًا".

وأضافت أن المسؤولين الإسرائيليين "أيدوا علناً خطط ترحيل السكان وبناء المستوطنات وضم الأراضي"، ورغم أن وقف إطلاق النار أوقف مثل هذه السياسات، فإن "التصريحات الأخيرة الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين توضح أن هذه الأهداف لا تزال قائمة بثبات"، حسب بيلاي.