يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نسف جهود الوسطاء الرامية إلى استكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي تم توقيعه في قمة شرم الشيخ الدولية للسلام، إذ أمر سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ "ضربات قوية" على قطاع غزة، أمس الثلاثاء، أسفرت عن استشهاد أكثر من 90 فلسطينيًا، بينهم 24 طفلًا في خرق جديد لاتفاق "وقف إطلاق النار"، الذي دخل حيز التنفيذ 10 أكتوبر الجاري.
وجدد جيش الاحتلال العدوان على غزة، بعد مقتل أحد جنوده متأثرًا بجراحه، إثر استهداف قوة عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، أمس الثلاثاء.
وحسب وسائل إعلام عبرية، فإنه وفقًا لتحقيق أولي أجراه الجيش الإسرائيلي، قُتل الجندي في إطلاق قذائف "آر بي جي" ونيران قناصة على القوات، التي كانت تعمل بحي "الجنينة" في رفح الفلسطينية.
وانتهك جيش الاحتلال الإسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، 19 أكتوبر الجاري، بشن ضربات على رفح الفلسطينية جنوب القطاع، بعد مقتل جنديين إسرائيليين في هجوم مماثل بالمنطقة نفسها.
واتهمت إسرائيل حماس بالمسؤولية عن الهجومين، لكن الحركة نفت أي تورط لها، وأكدت التزامها باتفاق وقف إطلاق النار، مطالبة "الوسطاء والجهات الضامنة بتحمل مسؤولياتهم وإجبار إسرائيل على وقف ممارساتها التضليلية".
حملة تضليل
ويقود نتنياهو عملية تضليل عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، لتبرير العودة إلى العدوان مجددًا على غزة، إذ ذكرت وسائل إعلام العبرية في وقت سابق، أمس الثلاثاء، أن جيش الاحتلال أبلغ مركز التنسيق المدني العسكري الأمريكي في كريات جات، المكلف بمراقبة تطبيق اتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، بقراره توجيه ضربة في رفح الفلسطينية بعد أن أطلقت حماس النار على القوات الإسرائيلية بالمنطقة.
وزعمت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن واشنطن اقترحت توسيع سيطرة الجيش الإسرائيلي في غزة بدلًا من استئناف شامل للقتال.
وقال الإعلام الإسرائيلي، إن تل أبيب قررت اتخاذ إجراءات عقابية ضد حماس قد تشمل نزع أراضٍ من سيطرة حركة حماس وتوسيع نفوذ الجيش شرق الخط الأصفر.
وذكرت صحيفة "جيروزالم بوست" العبرية، أن إسرائيل تدرس التوغل مجددًا في مناطق في قطاع غزة انسحبت منها في وقت سابق، والاستيلاء على المزيد من الأراضي، ردًا على انتهاكات حماس لوقف إطلاق النار، أمس الثلاثاء.
ترامب: الاتفاق صامد
لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال اليوم الأربعاء، إن وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة في غزة ليس في خطر بعد الضربات الإسرائيلية الدامية.
وأشار ترامب إلى أن الإدارة الأمريكية تعمل حاليًا مع عدة أطراف إقليمية ودولية من أجل فرض حل سياسي ملزم يُحقق الأمن لإسرائيل، ويضع حدًا لمعاناة الفلسطينيين في قطاع غزة.
ومن جهته، صرّح جيه دي فانس نائب الرئيس الأمريكي، بأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة صامد رغم استهداف إسرائيل للقطاع بغارات مكثفة، خلال الساعات الماضية.
نتنياهو ينسف اتفاق غزة
وأشار تقرير لموقع "ذي إنترسبت" الأمريكي تحت عنوان "نتنياهو ينسف هدنة غزة وترامب هو الخاسر"، إلى أن التصعيد الأخير مثل أخطر انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن الغارات شُنّت بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لقاعدة عسكرية أمريكية جديدة في إسرائيل.
ووفق الموقع، فإن الأنظار تتجه إلى واشنطن لمعرفة ما إذا كانت ستتحرك أم ستواصل "الوقوف متفرجة كما تفعل دائما"، في حين نقل عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قوله إن إسرائيل تستفز الفلسطينيين "لتبرير استئناف القصف".
فيما أوضحت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن التقارير التي تحدثت عن إخطار إسرائيل الإدارة الأمريكية مسبقًا بقرار القصف أثارت غضب خصوم نتنياهو، إذ اتهموه بالتفريط في "السيادة الإسرائيلية" لصالح واشنطن.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن قائد سابق في سلاح البحرية الإسرائيلية قوله إن التنسيق مع الولايات المتحدة "ضرورة لا مفر منها" رغم أنه يقيد حرية إسرائيل في الرد.
قلق أمريكي متزايد
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأسبوع الماضي، عن قلق متزايد لدى المسؤولين الأمريكيين من احتمالية تفكيك نتنياهو اتفاق السلام في غزة. وأفادت الصحيفة، نقلًا عن المسؤولين، بأن البيت الأبيض يسابق الزمن للحفاظ على اتفاق السلام في غزة، إذ توجَّه نائب الرئيس الأمريكي إلى إسرائيل لينضم إلى مبعوثي الرئيس دونالد ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، اللذين كانا أساسيين في التوسط بالصفقة.
ولفتت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إلى أن المزاج السائد في إسرائيل حاليًا أن واشنطن هي التي تتخذ القرارات الآن، في حين يكثّف ترامب الضغوط على حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة، وهو الاتفاق الذي اضطرت إسرائيل إلى قبوله على مضض.
وأطلقت الولايات المتحدة، حملة دبلوماسية مكثّفة على نحو غير عادي، مع تحويل الانتباه إلى المرحلة الثانية الحاسمة من خطة ترامب المكوّنة من 20 نقطة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين.
ترامب غير راض عن الإسرائيليين
ونقلت "فايننشال تايمز" عن شخص مطّلع على تفكير الحكومة الإسرائيلية أن "الولايات المتحدة هي من تدير الأمور. تدرك الولايات المتحدة أنها لا تستطيع ببساطة ترك خطة ترامب لإسرائيل لتديرها".
كما نقلت الصحيفة عن دبلوماسي، أن ترامب أوضح لنتنياهو انزعاجه من تصرفات إسرائيل، عندما شنّت وابلًا من الغارات الجوية وأوقفت تسليم المساعدات بعد الزعم بأن حماس قتلت جنديين إسرائيليين.
وقال الدبلوماسي: "كان ترامب غير راضٍ عن الإسرائيليين، لأن إسرائيل كانت تحاول إيجاد سبل للانسحاب من الاتفاق. قال لهم إن يتوقفوا عنه، وأن الاتفاق لا يزال قائمًا".
وأضاف شخص آخر مطّلع على الوضع، أن الولايات المتحدة هي التي ضغطت على نتنياهو للتراجع عن قراره بوقف المساعدات إلى غزة. كما سعى ترامب للضغط على حماس أيضًا، مهدّدًا "بالقضاء" على الحركة إذا انتهكت الاتفاق.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد توجيه ضربات قوية للقطاع، أمس الثلاثاء.