الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

افتتاح المتحف المصري الكبير.. صرح عالمي يعكس عبقرية مصر الحديثة

  • مشاركة :
post-title
المتحف المصري الكبير يتزين بقطعه الفريدة لـ"الافتتاح العظيم"

القاهرة الإخبارية - محمد ربيع

على مرمى حجر من أهرامات الجيزة الخالدة يقف المتحف المصري الكبير، المقرر افتتاحه السبت 1 نوفمبر 2025، ليجمع بين رمزية الماضي وذكاء المستقبل، بين رمسيس الثاني الذي حكم نصف العالم القديم، والذكاء الاصطناعي الذي يعيد تعريف العالم الحديث.

يُعد المتحف المصري الكبير أكبر متحف أثري في العالم مُخصصًا للحضارة المصرية القديمة، كما يجمع بين الحداثة المعمارية والمضمون الأثري العريق، ويضم آلاف القطع الأثرية النادرة، في مقدمتها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون، التي تُعرض بالكامل لأول مرة في مكان واحد.

ومن المقرر أن يشارك في الحفل الأسطوري نخبة من القادة والزعماء العالميين، ووفود رسمية رفيعة المستوى من حول العالم.

رسالة مصر الحديثة

المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح أثري ضخم، بل رسالة مصر الحديثة إلى العالم مفادها أن الحضارة لا تتوقف عند حدود التاريخ، بل تمتد لتتفاعل مع التكنولوجيا والعلم، وتعيد تقديم ذاتها بلغة يفهمها الجيل الرقمي الجديد.

وفي قلب الردهة الكبرى للمتحف، يقف تمثال رمسيس الثاني شامخًا، كما لو أنه يراقب بعينيه عصرًا جديدًا يولد أمامه. كان الملك العظيم يُلقب بـ"الفرعون القوي" واليوم يواصل صنع المعجزات، إذ أصبح وجهًا لنهضة ثقافية وتقنية معاصرة، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ".

قصة نقل التمثال من ميدان رمسيس بوسط القاهرة إلى المتحف كانت حدثًا عالميًا، ليس فقط لضخامته، بل لما حملته من رمزية عميقة: انتقال الحضارة المصرية من الفضاء المفتوح إلى صرح حديث يجمع بين العلم والفن والتكنولوجيا.

عرض ذكي للتاريخ

لكن ما يدهش الزائر أكثر من ضخامة التمثال، كيفية عرض التاريخ من حوله؛ فالمتحف لا يكتفي بوضع القطع الأثرية في قاعات، بل يوظف تقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي ليمنحك تجربة حسية كاملة، ترى وتسمع وتشعر وكأنك عشت في عصور الفراعنة.

وفي المتحف المصري الكبير، لا يقف الذكاء الاصطناعي على الهامش، بل أصبح أداة سردية جديدة للتاريخ. فبدلًا من اللوحات الجامدة، يتفاعل الزائر مع شاشات ذكية تُجيب عن الأسئلة وتروي القصص بلغات متعددة، وتحلل الملامح والنقوش لتعيد بناء المشاهد القديمة في لحظات.

ويستطيع الزائر أن يقف أمام تمثال لحتشبسوت، ليسألها عبر شاشة تفاعلية "كيف حكمتِ مصر كرجل؟"، فيجيبه صوت أنثوي مدعوم بالذكاء الاصطناعي، مستندًا إلى نصوص تاريخية ونقوش أصلية، في تجسيد لكيفية استخدام التكنولوجيا في خدمة الذاكرة، إذ يصبح التاريخ حيًا ومتنفسًا، لا مجرد ماضي صامت.

كما يستخدم المتحف خوارزميات متقدمة لتحليل آلاف الصور ثلاثية الأبعاد، ما يساعد الباحثين على ترميم الآثار رقميًا قبل التعامل مع الأصل المادي، لتقليل مخاطر التلف، أي أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد وسيلة عرض، بل بات شريكًا فعليًا في صون التراث.

الذكاء الاصطناعي رفيق الزوار

ومنذ لحظة دخول الزائر إلى المتحف، يرافقه الذكاء الاصطناعي في كل خطوة من حجز التذاكر إلكترونيًا بتقنية التعرف على الوجه، إلى نظام توجيه ذكي يقترح له مسارًا شخصيًا وفق اهتماماته، فإذا كان يهتم بالطب في مصر القديمة سيقوده التطبيق إلى قاعة المومياوات الطبية، وإذا كان يُفضل الفن والنقوش سيأخذه إلى قاعات الرسوم الجدارية المبهرة.

وفي نهاية الجولة، يمكن للزائر إنشاء بطاقة رقمية تذكارية بصورته إلى جوار أحد الملوك أو داخل قاعة العجائب، ليخرج لا بذكرى فقط، بل بتجربة تفاعلية محفورة في ذاكرته.

بهذا المزج الفريد بين الحضارة المصرية القديمة والذكاء الاصطناعي، تقول مصر للعالم إنها لا تكتفي بأن تكون مهد الحضارة، بل أيضًا مختبر المستقبل الثقافي، فالمتحف المصري الكبير ليس مجرد مزار سياحي، بل مركز أبحاث وتطوير متكامل، يجمع العلماء والمهندسين وخبراء التراث في مشروع واحد هدفه جعل الماضي بوابة إلى المستقبل.

في هذا المكان، لا يتقابل القديم والجديد في صراع، بل في حوار حضاري راقٍ، فالمتحف المصري الكبير يُعيد تعريف علاقة الإنسان بالماضي، ويجعل من التكنولوجيا وسيلة للتقريب لا للتجريد، كما يعكس صورة مصر الحديثة كدولة تجمع بين الأصالة والتجديد، وبين جلال الحضارة القديمة ونبض المستقبل الرقمي، ليصبح المتحف دليلًا على ميلاد مصر الجديدة.. مصر التي تعرف كيف تحاور ماضيها بعقل المستقبل.

أول متحف أخضر في الشرق الأوسط

وسجل المتحف المصري الكبير في خطوة غير مسبوقة اسمه في التاريخ كأول متحف أخضر بإفريقيا والشرق الأوسط، بعد حصوله على شهادة EDGE Advanced للمباني الخضراء لعام 2024، بحسب بيان صادر عن الحكومة المصرية.

وتعد شهادة EDGE Advanced إحدى شهادات المباني الخضراء العالمية، التي طورتها مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك الدولي، وتهدف إلى تشجيع تصميم وبناء منشآت تحقق كفاءة عالية في استهلاك الطاقة والمياه ومواد البناء.

ويمنح مستوى Advanced للمباني التي تحقق خفضًا لا يقل عن 40% في استهلاك الطاقة، مقارنة بالمباني التقليدية، ما يجعلها نموذجًا للاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

ويؤكد حصول المتحف المصري الكبير على هذه الشهادة الدولية التزامه بتحقيق معايير بيئية عالمية ليصبح واحدًا من أوائل المتاحف الصديقة للبيئة في المنطقة.