في ظل جهود الوسطاء لتثبيت وقف إطلاق النار بغزة، وتتويجًا للقمة التي انعقدت في شرم الشيخ بتوقيع مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا على وثيقة السلام بين حركة حماس وإسرائيل، يبرز اسم القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي، المعتقل في سجون الاحتلال منذ عام 2002، إذ بات يُنظر إليه كــ"ورقة مفتاحية" في المشهد الحالي.
وتتجه الأنظار نحو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يُعتقد أن تدخله الحاسم قد يدفع إسرائيل نحو الإفراج عن القيادي في حركة فتح، في خطوة يراها الفلسطينيون ضرورية لتوحيد صفوفهم وإعادة إحياء مسار السلام.
ويعد الإفراج عن مروان البرغوثي مهمًا وضروريًا لتوحيد الصف الفلسطيني، لكن مصيره حتى الآن في يد الرئيس الأمريكي، الذي قد ينجح في دفع إسرائيل للإفراج عنه، خلال الأيام المقبلة، لقيادة الشعب الفلسطيني.
ترامب يدرس الأمر
وكشف الرئيس الأمريكي عن تلقيه طلبًا بالإفراج عن مروان البرغوثي، وأنه يدرس الأمر مع معاونيه، وفي مقابلة مع مجلة "تايم"، منذ عدة أيام، أوضح "ترامب" أنه يفكر في الدفع باتجاه الإفراج عن مروان البرغوثي، القيادي البارز في حركة فتح، والمعتقل في السجون الإسرائيلية منذ أكثر من عشرين عامًا.
وأضاف ترامب أنَّ هذا المقترح طُرح عليه قبل دقائق من المقابلة، لكنه سيتخذ قرارًا قريبًا بشأنه، وهو ما أعطى انطباعًا بأن فكرة البرغوثي أصبحت على الطاولة فعلًا في دوائر القرار الأمريكية.
رفض إسرائيلي
في المقابل، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الإفراج عن البرغوثي خلال صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، على الرغم من ورود اسمه ضمن قائمة الأسرى المقرر إطلاق سراحهم، لكن ترامب أعاد التأكيد أنه يدرس إمكان العمل على إطلاق سراح مروان البرغوثي بوصفه شخصية "قد تُسهم في تحقيق السلام".
وسارع وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، إلى مهاجمة الفكرة، قائلًا: "مروان البرغوثى قاتل، ولن يُفرج عنه ولن يحكم غزة. إسرائيل دولة ذات سيادة".
مناشدات زوجته ونجله
وعقب تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن القيادي الفلسطيني، وجهت زوجته فدوى البرغوثي، رسالة مؤثرة إلى الرئيس ترامب، نُشر نصها في مجلة "تايم"، جاء فيها: "هناك شريك حقيقي بانتظارك، شخص يمكنه أن يساعد في تحقيق الحلم المشترك بسلام عادل ودائم بالمنطقة وساعد في الإفراج عن مروان البرغوثي".
ولم تقتصر دعوت الإفراج عن "البرغوثي" على زوجته فقط، إذ حثّ نجله عرب البرغوثي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على اغتنام فرصة اتفاق وقف إطلاق النار الراهن في غزة، والضغط بقوة على إسرائيل للإفراج عن والده، المحكوم عليه بخمسة أحكام بالسجن المؤبد عام 2004.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس من رام الله، أكد عرب البرغوثي، أن والده البالغ من العمر 66 عامًا، الذي يُنظر إليه كقائد محتمل للفلسطينيين، "قادر ولديه سجل حافل يخوّله توحيد الشعب الفلسطيني".
وشدد على أن الإفراج عن البرغوثي يمكن أن يشكل فرصة للمجتمع الدولي لـ"إثبات جديته في دعم حل الدولتين"، مشيرًا إلى أن والده، رغم ظروف اعتقاله، لا يزال يؤدي مهامه السياسية عبر محاميه.
وأكد عرب البرغوثي، أن والده لن يختار "الراحة" حال الإفراج عنه، بل سيواصل العمل لإيقاف المأساة بغزة والمساهمة في نهضة الشعب الفلسطيني وإعادة إعمار القطاع، وهو ما يؤكد أن قرار ترامب المرتقب لن يكون مجرد صفقة تبادل، بل قد يمثل نقطة تحول جوهرية في المشهد السياسي الفلسطيني والعلاقة المعقدة مع مسار السلام.
مَن هو مروان البرغوثي؟
وُلِد مروان البرغوثي عام 1959 في بلدة كوبر بشمال غرب محافظة رام الله والبيرة، بدأ نشاطه السياسي مبكرًا، إذ أصبح ناشطًا في حركة فتح وعمره لم يتجاوز الـ15 عامًا.
وتعرض البرغوثي للاعتقال ثلاث مرات وعزز البرغوثي مكانته السياسية والأكاديمية بالتحاقه بجامعة بيرزيت، وتدرج في المناصب القيادية داخل حركة فتح، فانتُخب عضوًا في المجلس الثوري للحركة عام 1989، ثم أصبح أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، وفي عام 1996، انتخب عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة فتح، وكان حينها أصغر الأعضاء المنتخبين سنًا.
حياته السياسية الحافلة وصلت إلى نقطة تحول كبرى عام 2002، عندما اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في رام الله بعد مطاردة، وعام 2004، حُكم عليه بالسجن "5 مؤبد و40 عامًا"، ويمضي الآن عامه الثالث والعشرين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.