الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

التعريفات الجمركية والدفاع.. ملفات شائكة على طاولة ترامب وتاكايتشي

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي اختبارًا دبلوماسيًا حاسمًا، خلال لقائها الأول مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في طوكيو، الخميس المقبل، وسط ملفات شائكة تتعلق بالتعريفات الجمركية والإنفاق الدفاعي والتوترات الإقليمية، في وقت تحظى فيه بنسبة تأييد قوية تصل إلى 71% تسعى للحفاظ عليها.

كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن تاكايتشي، التي تتمتع بخبرة دبلوماسية محدودة، تواجه رهانات عالية في مواجهة شخصية ترامب غير القابلة للتنبؤ.

وقبل توليها رئاسة الوزراء بأشهر، نشرت تاكايتشي على حسابها عبر منصة "إكس"، أنها رفضت دعوة للقاء ترامب بعد فوزه الانتخابي، نوفمبر الماضي، وأكدت حينها أنها "تهدف إلى العمل الجاد نحو شغل منصب يسمح لها بلقائه بطريقة كريمة يومًا ما".

واللافت أن ترامب أشاد بها خلال مكالمة هاتفية، أول أمس السبت، على متن طائرة الرئاسة الأمريكية في طريقه إلى آسيا، ووصف المكالمة بأنها "جيدة جدًا"، معتبرًا إياها "رائعة وجميلة وودودة للغاية".

حرب التعريفات والاستثمارات

يُمثل ملف التعريفات الجمركية أحد أبرز التحديات التي ستواجه تاكايتشي في لقائها مع ترامب، حسبما ذكرت "سي إن إن"، فمنذ عودته للبيت الأبيض، أعاد ترامب إشعال حروبه التجارية حتى مع الحلفاء التقليديين.

وبعد شهور من المفاوضات، تم تخفيض التعريفات على السلع اليابانية من 25% إلى 15%، مقابل التزام طوكيو باستثمار مبلغ ضخم يصل إلى 550 مليار دولار في الصناعات الأمريكية.

الكثير من التفاصيل لا تزال غامضة، ومن المتوقع أن تسعى رئيسة الوزراء اليابانية، للحصول على مزيد من الوضوح بشأن هذه الترتيبات المبهمة.

ولمساعدتها في التعامل مع واشنطن، استعانت تاكايتشي بمفاوضين مخضرمين في حكومتها، من بينهم ريوسي أكازاوا، الذي قاد المفاوضات التجارية الأخيرة، إلى جانب عدد من المساعدين السابقين من إدارة رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، الذين بنوا علاقة قوية مع ترامب.

طموحات دفاعية

أوضح رينتارو نيشيمورا، الشريك الأول في مجموعة آسيا الاستشارية بطوكيو، في تصريحات لـ"سي إن إن"، أن تشكيل الحكومة الجديد يحمل رسالة واضحة للجمهور المحلي والدولي بأنها تحاول مواصلة خط تفكير آبي، بدلًا من كيشيدا أو إيشيبا.

وسيتصدر الملف الدفاعي جدول أعمال اللقاء، إذ تعهدت اليابان في عهد رئيس الوزراء السابق فوميو كيشيدا برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027.

"تاكايتشي" تريد الآن تسريع هذا الجدول الزمني ليصل إلى مارس 2026، خطوة تأتي في سياق سعيها لتلبية توقعات إدارة ترامب التي تضغط على حلفائها لزيادة إنفاقهم الدفاعي، داعية في خطابها الأول أمام البرلمان الياباني إلى "التقدم بشكل استباقي في التعزيز الأساسي للقدرات الدفاعية".

ويُنظر إلى هذا التسريع على أنه محاولة لإرضاء واشنطن في ظل مخاوف داخل الحزب الحاكم الياباني المحافظ من تراجع التزام أمريكا تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فيما تطالب بمزيد من المساهمة من حلفائها.

وفي تصريح يعكس موقف إدارة ترامب، قال إلبريدج كولبي، وكيل وزارة الدفاع الأمريكية لشؤون السياسة: "التحول الإستراتيجي لليابان أمر بالغ الأهمية ومرحب به، لكنه غير كافٍ. إن انتقال اليابان نحو إنفاق نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول 2027 غير كافٍ بشكل واضح".

وإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يطالب ترامب اليابان بشراء المزيد من الأسلحة الأمريكية المكلفة، وزيادة الإنفاق على استضافة نحو 50 ألف جندي أمريكي في اليابان بموجب معاهدة الأمن الثنائية.

ولا تزال كيفية تمويل هذا التوسع الدفاعي غير واضحة، خاصة مع ضعف الين الياباني، ودفع تاكايتشي نحو تخفيضات ضريبية، ما قد يجعلها تكافح لتمويل طموحاتها الدفاعية الكبيرة.

ملف الطاقة وروسيا

من المتوقع أيضًا أن يظهر ملف الطاقة على طاولة المفاوضات، بحسب ما تشير الشبكة الإخبارية الأمريكية، فاليابان لا تزال تستورد نحو 10% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي المُسال من روسيا، وهو اعتماد تريد واشنطن الحد منه.

وتعهدت طوكيو بتقليل هذا الاعتماد، لكنها تقول إن الانقطاع المفاجئ عن الإمدادات الروسية قد يهدد أمنها في مجال الطاقة.

توازن دقيق بين واشنطن وبكين

تمثل الصين التحدي الأكبر والأكثر تعقيدًا أمام تاكايتشي، فكما أوضحت ميساكو إيواموتو، الأستاذة الفخرية في جامعة مي والمتخصصة في السياسة، أن "اليابان تسير على حبل مشدود بين الولايات المتحدة والصين"، فالصين تظل أكبر شريك تجاري لليابان، وشهد التاريخ كيف أن زعماء سابقين مثل يوكيو هاتوياما في 2009، اقتربوا أكثر من بكين، ما أثار رد فعل سلبيًا من واشنطن.

إيواموتو أشارت إلى أن "تاكايتشي، على عكس هاتوياما، تُعتبر يمينية بقوة، وإذا تمكنت من تحسين العلاقات مع الصين بطريقة لا تبدو معادية لأمريكا، فقد لا يسبب ذلك احتكاكًا كبيرًا".

نهج أكثر ليونة

رغم أن تاكايتشي معروفة منذ فترة طويلة بآرائها المتشددة، بما في ذلك انتقادها للوجود العسكري الصيني المتنامي في المنطقة واتخاذها نبرة محافظة وقومية بشأن القضايا التاريخية مع كوريا الجنوبية، إلا أنها ألمحت منذ توليها المنصب إلى نهج أكثر ليونة.

وفي مؤتمرها الصحفي الافتتاحي كرئيسة للوزراء، سعت لتبديد المخاوف من موقف معادٍ لكوريا الجنوبية، وأشادت ببعض صادراتها الأكثر شهرة، قائلة: "يبدو أن هناك مخاوف متعددة، لكنني أحب أعشاب نوري الكورية، وأستخدم أيضًا مستحضرات التجميل الكورية وأشاهد الدراما الكورية".

ووفقًا لنيشيمورا، فإن "هناك فهمًا متزايدًا بأن التعاون الياباني الكوري ضرورة في هذا العالم غير المؤكد".

وأضاف أن الحفاظ على علاقات إيجابية مع الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونج، سيواصل السياسة الخارجية الشبكية التي تشجعها واشنطن، التي تفضل التعاون المتعدد الأطراف بين الدول ذات التفكير المماثل على الاعتماد الثنائي، مشيرًا إلى أنه "إذا عمق الحليفان الأمريكيان علاقاتهما الدفاعية، فإن ذلك يساعد في تقليل عبء أمريكا بالمنطقة".