الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مؤسس "فرقة الغرباء".. عمر أومسن من أحياء نيس لساحات الجهاد في سوريا

  • مشاركة :
post-title
عمر أومسن بين أنصاره

القاهرة الإخبارية - نادر عيسى

عمر ديابي.. أو «عمر أومسن» وهي الكلمة التي تجمع بين أول حرفين من اسمه وبلده الأصلي السنغال، اسم صعد إلى الساحة السورية مرة أخرى، بعد القتال الذي دار بين جماعته "فرقة الغرباء" والقوات السورية الحكومية، والأنباء عن توصلهم إلى اتفاق بين الطرفين ينهي القتال.

وبحسب لقاءات أجرتها معه صحيفة "لو بوانت" الفرنسية، فإن أومسن أبرز الوجوه الفرنسية المنتمية إلى التيار الجهادي في سوريا، وُلد في السنغال ووصل إلى فرنسا في سن السابعة مع أسرته التي استقرت في حي أريان الشعبي المعروف بالفقر والتهميش الاجتماعي والاقتصادي.

في مطلع الألفية، دخل ديابي عالم الجريمة المنظمة، وشارك في عمليات سطو مسلح قادته إلى السجن لعدة سنوات، حيث يُعتقد أن فترة اعتقاله كانت نقطة التحول الكبرى في حياته.

إسقاط الأسد

كان الموكب المسلح يتقدم في شوارع اللاذقية - غربي سوريا - ومن هاتفه المحمول، يصوّر أحد المقاتلين الحشد المحتفل في الشوارع، رافعًا إصبعه نحو السماء. ويقول بالفرنسية: "دخلنا اللاذقية، استقبال من المدنيين، الله أكبر!"، وفي الخلفية، يسمع صوت مقاتل آخر يعلّق قائلًا: «C’est abusé!» — أي «هذا جنون!» أو «لا يُصدَّق!».

مشهدٌ قصير لكنه يحمل رمزية كبيرة؛ فالموكب ليس سوى مجموعة من المقاتلين الأجانب الذين يعلنون، بلغة فرنسية مشوبة بالحماس، دخولهم مدينة سورية ساحلية طالما كانت معقلًا للنظام.

من مجرم إلى داعية

بعد خروجه من السجن، بدأ ديابي رحلة جديدة في عالم الدين. التحق بحركة التبليغ والدعوة، وبدأ يظهر تدريجيًا كشخصية دعوية مؤثرة عبر الإنترنت، متبنّيًا خطابًا متشددًا يربط بين الدين والسياسة والمقاومة المسلحة.

ومع اندلاع الأحداث في سوريا عام 2011، وجد ديابي في الصراع ساحة لتطبيق أفكاره. بدأ بنشر فيديوهات دعوية تحث الشباب الفرنسي على "الهجرة إلى أرض الشام"، الأمر الذي لفت انتباه الاستخبارات الفرنسية، فاستدعته بتهمة التحريض على العنف. عندها، قرر المغادرة إلى سوريا دون عودة.

تأسيس فرقة "الفرنسيين"

في نهاية عام 2013، أسس ديابي في شمال سوريا لواءً يضم عشرات المقاتلين الفرنسيين، أطلق عليه اسم "فرقة الغرباء"، معظمهم من شباب نيس الذين استجابوا لدعوته.

وصفه الصحفي الفرنسي ديفيد تومسون بأنه "أمير لواء فرنسي موالٍ للقاعدة"، موضحًا أن ديابي جنّد نحو مئة فرنسي وأدخلهم إلى الأراضي السورية.

تمركز لواؤه في مدينة حارم بمحافظة إدلب، فيما يشبه "قرية فرنسية جهادية" تضم أسر المقاتلين وأطفالهم، محاطة بجدران وأسوار وكاميرات مراقبة. هناك يعيش ديابي حتى اليوم، محاطًا بجماعته الصغيرة، مع أسرته وأبنائه، أبرزهم بلال الذي يظهر في مقاطع فيديو حديثة من دمشق.

علاقات معقدة

في البداية، انضم عمر ديابي إلى جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة بقيادة أبي محمد الجولاني "أحمد الشرع حاليًا"، لكنه انشق لاحقًا عندما أعلن الجولاني فك ارتباطه بالقاعدة.

اعتبر ديابي تلك الخطوة "خيانة كبرى"، ودخل في صراع مفتوح مع قادة الهيئة. اعتُقل مرتين، الأولى عام 2018، والثانية عام 2020 في إدلب مع ابنه، قبل أن يُفرج عنه في 2022 بشرط عدم مغادرة معسكره.

ورغم ذلك، ظل مؤثرًا داخل الدوائر الجهادية. يقول عن نفسه في إحدى المقابلات: "قاتلنا من أجل سوريا، والآن انتهت مهمتنا. نحن متقاعدون".

لكن كلماته لم تخفِ استمراره في التأثير على المقاتلين الفرنسيين في إدلب، الذين لا يزال عددهم يُقدّر بالعشرات.

في الأوساط الفرنسية، يُنظر إلى عمر ديابي كرمز للـ"جهاد الفرنكوفوني". فبالنسبة للسلطات السورية، هو إرهابي ومجند خطير. عام 2015، انتشرت شائعات عن مقتله، أكدها أحد أفراد عائلته في نيس عبر فيسبوك، بحسب صحيفة نيس ماتان. لكن بعد فترة، عاد للظهور حيًا، ما زاد من غموض شخصيته ونسج حوله هالة أسطورية بين مؤيديه.

لا عودة إلى فرنسا

رغم مرور أكثر من 12 عامًا على مغادرته، يؤكد ديابي أنه لن يعود إلى فرنسا، قائلًا: "لا نثق بهم. مشكلتهم مع الإسلام. عندما يقاتل الناس في أوكرانيا لا يسمونهم إرهابيين، لكن عندما نقاتل نحن، نصبح مجرمين".

وبينما يعيش في معسكره المحصن في حارم، يتحدث بفرنسية خالصة، ويحنّ فقط إلى الجبن الفرنسي "الكاممبر"، كأنه رجل رفض فرنسا، لكنه لم يستطع نسيانها.