الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الرئيس المصري: نسعى لترسيخ الشراكة الاستراتيجية مع دول أوروبا

  • مشاركة :
post-title
الرئيس المصري خلال لقاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي

القاهرة الإخبارية - طه العومي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأهمية الكبيرة للقمة المصرية الأوروبي؛ كونها الأولى من نوعها التي تُعقد مع دولة في شرق المتوسط، مشيرًا إلى السعي لترسيخ الشراكة الاستراتيجية مع دول أوروبا.

وشدد الرئيس المصري، في كلمته خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، الأربعاء، عُقد في ختام أعمال القمة المصرية الأوروبية، على الشراكة التجارية التي تجمع مصر والاتحاد الأوروبي، إذ يعد الأخير هو الشريك التجاري الأول للقاهرة.

وسياسيًا، شدد الرئيس المصري على أهمية استقرار ليبيا وضرورة خروج جميع المرتزقة من البلاد، كما أعرب عن تطلع مصر لتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي من أجل تحقيق استقرار السودان.

وأشار الرئيس المصري إلى أن القمة المصرية الأوروبية كانت فرصة جيدة لمناقشة قضايا الشرق الأوسط، إذ أكد أنه بحث مع الشركاء الأوروبيين جهود مصر المستمرة في وقف إطلاق النار بقطاع غزة، داعيًا إلى البدء الفوري في جهود إعادة إعمار غزة بمشاركة الدول الأوروبية.

وكان الرئيس المصري قد شارك في القمة المصرية الأوروبية الأولى، والتي اعتبرها محطة جديدة ومهمة في مسار الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، منوهًا بأن الاستثمارات الأوروبية تمثل 32% من إجمالي حجم الاستثمارات في مصر، ما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.

وفي سياق كلمته بالقمة، أكد "السيسي" أن مصر تقف على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي مع أوروبا، مدعومة بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي لاقت إشادة واسعة من المؤسسات الدولية، بما يعزز مناخ الاستثمار ويدفع عجلة النمو.

انطلقت أعمال القمة المصرية الأوروبية الأولى، أمس الأربعاء، بالعاصمة البلجيكية بروكسل، بمشاركة الرئيس المصري وعدد من كبار المسؤولين المصريين والأوروبيين.

وتأتي أعمال القمة المصرية الأوروبية تتويجًا لجهود مشتركة، وتمثل إطارًا حيويًا لتعزيز التعاون متعدد الأبعاد، ودفع عجلة التكامل الاقتصادي والصناعي بين مصر والاتحاد الأوروبي، في إطار رؤية طموحة تضع الاستثمار والابتكار والتنافسية المستدامة في صلب أولوياتها.

وشهدت القمة مشاركة نخبة من صانعي القرار وكبار المسؤولين من الجانبين المصري والأوروبي، إلى جانب ممثلي مؤسسات التمويل الدولية وقيادات قطاعات الصناعة والتكنولوجيا، سعيًا لتحويل الرؤى المشتركة إلى إجراءات ملموسة، وبلورة فرص التعاون إلى شراكات استثمارية حقيقية، بما يعزز مسيرة النمو الشامل والمستدام، ويؤكد المكانة المحورية لمصر كجسر استراتيجي يربط أوروبا بأسواق إفريقيا والشرق الأوسط.

وجاء نص كلمة الرئيس المصري في المؤتمر الصحفي كالتالي:

"بسم الله الرحمن الرحيم

السيد/ أنطونيو كوستا.. 

رئيس المجلس الأوروبي؛

السيدة/ أورسولا فون دير لاين..

رئيسة المفوضية الأوروبية؛

السادة الحضور؛

اسمحوا لي أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى الجانب الأوروبي على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، منذ وصولي "بروكسل".

أحل اليوم ضيفًا على مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بعد أشهر قليلة من دخول الشراكة الإستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد عامها الثاني.. كي نجني معًا ثمار الارتقاء بتلك العلاقة وندفعها مجددًا نحو الأمام، لتحقيق مصالح وطموحات شعوبنا، ومواجهة التحديات الجسام، التي تواجه جوارنا الجغرافي المشترك بل والعالم بأسره. 

السيدات والسادة؛

 تكتسب القمة المصرية الأوروبية اليوم، أهمية خاصة لأسباب عدة: 

أولًا- لكونها الأولى من نوعها، التي يعقدها الاتحاد الأوروبي مع أحد شركائه من دول جنوب المتوسط، أو دول الشرق الأوسط.

وثانيًا- لأنها تأتي في توقيت بالغ الأهمية والتعقيد، إقليميًا ودوليًا.. لتعكس الأولوية التي يمنحها الجانبان المصري والأوروبي، لترسيخ شراكتهما الإستراتيجية، ولتعظيم استفادة الجانبين من تلك الشراكة.. سواء فيما يتعلق بالتشاور والتنسيق، حول التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية المشتركة على ضفتي المتوسط، أو لاستكشاف آفاق جديدة، لزيادة حجم التعاون الاقتصادي والتنموي بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي. 

السيد الرئيس "كوستا".. 

السيدة الرئيسة "فون دير لاين"؛

إن العلاقات بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي، ليست وليدة اليوم، وإنما تضرب بجذورها في عمق التاريخ والجغرافيا، وتربطهما المصالح المشتركة. 

فالاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لمصر والداعم الرئيسي لبرامج التنمية المستدامة والتحديث في بلادنا، ومصر بدورها معبر آمن وجسر حيوي لأوروبا، يربطها بالعالمين العربي والإفريقي وشريك جاد، يجدر الاعتماد عليه لاستقبال الاستثمارات الأوروبية، والإسهام في سلاسل الإنتاج الأوروبية، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي، الكثير من عوامل عدم الاستقرار والتوتر.

من هذا المنطلق، أولت اجتماعاتنا اليوم اهتمامًا خاصًا بضرورة الارتقاء بمستوى التعاون القائم في المجالين الاقتصادي والاستثماري مع التركيز بصفة خاصة على الاستثمار في رأس المال البشري باعتباره أحد أهم محاور شراكتنا الإستراتيجية الشاملة، إضافة إلى ضرورة استشراف فرص ومجالات جديدة للتعاون.

السادة الحضور،

مثلت قمة اليوم أيضًا فرصة جيدة لتبادل وجهات النظر، حول العديد من التحديات والأزمات، التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، إذ أطلعت القادة الأوروبيين على ما بذلته مصر، انطلاقًا من مسؤوليتها التاريخية ودورها الإقليمي من جهود مكثفة، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل ومستدام في قطاع غزة، استنادًا إلى خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حتى وصلنا اللحظة التاريخية، حين تم التوقيع على "إعلان الرئيس ترامب للسلام المستدام والرخاء" في مدينة شرم الشيخ، 13 أكتوبر الجاري، بمشاركة رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، وعدد كبير من قادة دول الاتحاد الأوروبي والعالم. 

 ولعلني أغتنم هذه المناسبة، كي أؤكد أن ما حدث كان إنجازًا حقيقيًا، لكنه في الوقت ذاته، خطوة في مسار ممتد، يستهدف تهيئة الظروف لاستئناف مسار السلام العادل والشامل، القائم على حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها "القدس الشرقية". 

ولعل أولى خطوات هذا المسار هي البدء في جهود إعادة الإعمار، وليسعدني من هذا المنبر، أن أؤكد تطلعنا لمشاركة فاعلة من دول ومؤسسات الاتحاد الأوروبي في مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في غزة، الذي نعتزم تنظيمه خلال النصف الثاني من نوفمبر 2025. 

السادة الحضور،

تطرقت مباحثاتنا كذلك إلى الأوضاع في السودان الشقيق، إذ أكدتُ للقادة الأوروبيين، عزم مصر -بحكم الروابط التاريخية والمصير المشترك- على مواصلة جهودها الحثيثة، من أجل وقف إطلاق النار، وتطلعنا للعمل مع الرباعية، وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، لإعلان هدنة إنسانية فورية وشاملة، توقف المعاناة المستمرة للشعب السوداني الشقيق.. 

وعبرتُ عن تطلعي كذلك للعمل مع الجانب الأوروبي، من أجل الحفاظ على وحدة السودان وسلامة مؤسسات الدولة، ومنع انزلاقه إلى الفوضى أو التقسيم. 

تناولتُ أيضًا الوضع في ليبيا، إذ عاودتُ تأكيد الموقف المصري، الذي يستهدف تحقيق الاستقرار المستدام في ليبيا، باعتباره يُمثل ركيزة أساسية لأمن منطقة المتوسط بأسرها. 

ومن هذا المنطلق، أكدتُ دعم مصر الكامل لجهود تحقيق تسوية سياسية شاملة، بقيادة ومشاركة ليبية خالصة تُنهي الانقسام وتعيد توحيد مؤسسات الدولة، وتهيئ الأجواء لإجراء انتخابات حرة تُعبر عن إرادة الشعب الليبي. 

كما أعدتُ تأكيد ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضي ليبيا، حفاظًا على سيادتها ووحدة ترابها. 

تطرقنا كذلك إلى قضية الهجرة غير الشرعية، التي تُمثل تحديًا مشتركًا يواجه ضفتي المتوسط، ولا يمكن معالجتها، إلا من خلال منهجية شاملة، تعالج جذورها الحقيقية.. لا مظاهرها فقط. 

ومن هذا المنطلق، تؤمن مصر بأن الحل يكمن في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والاستقرار السياسي والأمني والعمل على خلق فرص كافية للعمل والتأهيل المهني، بما يمهد الطريق لوضع حلول مستدامة لتلك المشكلة. 

وفي هذا الصدد، أؤكد أن مصر تقوم بدور جوهري في منع الهجرة غير الشرعية تمثل في منع خروج أي مراكب تحمل مهاجرين غير شرعيين من السواحل المصرية باتجاه أوروبا منذ سبتمبر 2016، في الوقت الذي تستضيف فيه مصر ما يزيد على 9.5 مليون أجنبي، وفدوا إلى مصر من دولهم، بسبب ما تواجهه من أزمات، ويحظون بذات المعاملة، ويحصلون على ذات الخدمات، التي نقدمها للمواطنين المصريين. 

السيدات والسادة،

اسمحوا لي أن أعرب أيضًا عن تقدير مصر الكبير للتوقيع اليوم على الاتفاقية الخاصة بانضمام مصر إلى برنامج "أفق أوروبا"، الذي نتطلع أن يُمثل انطلاقة لتعزيز التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وهو ما يُعد استثمارًا طويل الأجل في مستقبل الأجيال الحالية والمقبلة، وفرصة لمد جسور راسخة للتبادل بين شعوب شمال وجنوب المتوسط.

السيد الرئيس "كوستا".. 

السيدة الرئيسة "فون دير لاين"؛

وحديثي أيضًا إلى الشعوب الأوروبية الصديقة؛

يجمعنا الكثير والكثير من الروابط التاريخية والمصالح المشتركة، وما نطمح له هو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لأجيالنا القادمة، مستقبل قائم على العدل والسلام والتكامل والاحترام المتبادل، ومبنى على شراكة متوازنة تُحقق مصالح الطرفين.

ومن هنا، فإنني أدعوكم جميعًا لكى نجعل من هذه القمة نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من العمل المشترك بما يعزز السلام والتنمية، ويرسخ العلاقات "المصرية-الأوروبية"، كنموذج يُحتذى به في التعاون بين ضفت المتوسط.