كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن إيران تسعى إلى تسريع مشاريع الطاقة الشمسية في محاولة لتخفيف النقص الحاد في الكهرباء بسبب البنية التحتية المتهالكة والعقوبات الأمريكية المستمرة منذ سنوات.
وذكرت الصحيفة أن طهران تأمل أن تساعد زيادة الطاقة الشمسية في تخفيف أزمة الطاقة التي أجبرتها على تجديد انقطاعات التيار الكهربائي هذا العام، حيث واجهت نقصًا حادًا في الوقود على الرغم من امتلاكها ثالث أكبر احتياطيات من النفط، وثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم.
ونقلت الصحيفة ما قاله محسن طرز طالب، نائب وزير الطاقة الإيراني، خلال مؤتمر حول الطاقة الشمسية عُقد في طهران الأسبوع الماضي: "لقد تحول تطوير الطاقة المتجددة من سياسةٍ داعمةٍ إلى ضرورةٍ استراتيجية. يعد توسيع نطاق الطاقة النظيفة أمرًا أساسيًا لتحقيق أمن الطاقة وتقليل اعتماد إيران على الوقود الأحفوري".
وترى الصحيفة أن نقص الاستثمار المزمن والبنية التحتية القديمة، والتي تفاقمت بسبب سنواتٍ من العقوبات الاقتصادية الأمريكية، أدى إلى انقطاع إمدادات الكهرباء في الصيف وإمدادات الغاز الطبيعي في الشتاء.
تعتمد إيران تقليديًا على الغاز الطبيعي لإنتاج 80% من كهربائها، وهي تسعى الآن إلى تنويع اقتصادها من خلال نشر مصادر الطاقة المتجددة. ومع ذلك، يشكك الخبراء في قدرة اقتصادها المتعثر على تحقيق أهدافها الطموحة في مجال الطاقة الشمسية، إذ تعتمد البلاد على الواردات وانقطاع التمويل العالمي.
وفي منشورٍ على منصة "إكس" في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، ألقى النائب نصر الله بجمانفر باللوم على "البطء وعدم كفاية توفير البنك المركزي للعملة الأجنبية" في التأخير في تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية.
تستهدف إيران إنتاج 12 جيجاوات من الطاقة المتجددة خلال ثلاث سنوات، وفقًا للهيئة الحكومية لتنظيم الطاقة المتجددة. وقد تضاعفت هذه القدرة إلى 2.5 جيجاوات هذا العام، وفقًا لوزارة الطاقة، ما يمثل 2.5% من الكهرباء المولَّدة، وهي نسبة أقل بكثير من حصة تركيا من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البالغة 16.3% في عام 2023.
قال الرئيس مسعود بزشكيان إن حكومته مستعدة للعمل مع الشركات الخاصة للتعامل مع الطلب المتزايد. وأضاف، في حفلٍ أقيم الشهر الجاري لتدشين محطات الطاقة الشمسية الجديدة: "يمكن تنفيذ جميع عقود بناء محطات الطاقة الشمسية خلال عامٍ واحد. علينا ضمان عدم مواجهة أي مصنعٍ لنقصٍ في الكهرباء الصيف المقبل".
أدى انقطاع الكهرباء إلى تعطيل الإنتاج وزيادة التكاليف، وتسبب في خسائر بمليارات الدولارات للصناعة. وعادت عمليات انقطاع التيار الكهربائي المتكررة إلى الظهور خلال الصيف عندما واجهت الشبكة، وفقًا للأرقام الرسمية، عجزًا قدره 15 جيجاوات خلال ذروة الاستهلاك التي تشهد زيادة في استخدام مكيفات الهواء. وقد فُرضت عمليات انقطاع التيار الكهربائي بشكلٍ متقطعٍ في السنوات الأخيرة، لكنها لم تُطبَّق حاليًا.
وتعهَّد صندوق الثروة السيادية الإيراني في يوليو الماضي باستثمار 2.3 مليار دولار أمريكي لبناء 7 جيجاوات من مصادر الطاقة المتجددة بالشراكة مع القطاع الخاص، ما سيوفر 20% من الاستثمار المطلوب.
ومع نحو 300 يومٍ مشمسٍ سنويًا، يقول الخبراء إن إيران في وضعٍ جيدٍ لتسخير الطاقة الشمسية. وقد بدأ تشغيل العديد من مزارع الطاقة الشمسية في جميع أنحاء البلاد في الأسابيع الأخيرة.
قال مسلم موسوي، رئيس جمعية الطاقة المتجددة الإيرانية: "أؤيد الطاقة المتجددة، لكن قدرة البلاد على التعاقد محدودة، لذا من غير المرجح تحقيق هذه الأهداف بحلول الموعد النهائي"، وأضاف: "حتى مع إضافة محطات طاقةٍ متجددةٍ خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة، لن نتمكن من سد الفجوة في العرض ما لم نرشد الاستهلاك ونحسّن كفاءة الطاقة".
ولتخفيف الضغط على الشبكة، تُشجَّع الأسر أيضًا على تركيب ألواح الطاقة على أسطحها، مع حوافز كالقروض وخيار بيع الكهرباء "الخضراء".
وقد شجعت أسعار الطاقة المدعومة بشدة في إيران على الاستهلاك المفرط. وصرّح بزشكيان، أمس الأول (الاثنين)، بأن خفض استخدام الطاقة بنسبة 10% سيوفر 800 ألف برميل من النفط والغاز يوميًا.
وتعتمد البلاد بشكلٍ رئيسيٍ على الواردات من الصين، أكبر منتجٍ عالميٍ لأنظمة الطاقة الشمسية. وقد أدى عدم الاستقرار الذي أعقب حرب إسرائيل التي استمرت 12 يومًا ضد إيران في يونيو الماضي، التي انضمت إليها الولايات المتحدة لفترةٍ وجيزةٍ لقصف المواقع النووية في البلاد، إضافة إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة الشهر الماضي، إلى انخفاضٍ حادٍ في قيمة العملة الوطنية الإيرانية. وقد أدى ذلك إلى زيادة تكلفة الواردات.
وقال موسوي: "العقوبات تؤثر على التمويل وتزيد التكاليف، كما أنها تحرمنا من الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع"، وأضاف أن الشركات الأجنبية التي غادرت إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 ثم إعادة فرض العقوبات عليها، كانت قد تعهدت في السابق باستثمار 4 مليارات دولار في الطاقة المتجددة.