من المتوقع أن يتدهور الوضع الاقتصادي الإيراني، بعد أن أعاد مجلس الأمن الدولي، أمس السبت، فرض العقوبات المعروفة بـ"سناب باك"" على طهران، بسبب برنامجها النووي، وفق صحيفة" نيويورك تايمز" الأمريكية.
وتتفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها إيران، لا سيما وأن الوضع المعيشي داخل طهران "يتجه نحو الأسوأ" في ظل تضخم يتجاوز 40% وانخفاض حاد في قيمة الريال الإيراني عقب إعادة فرض العقوبات، وفق الصحيفة.
عقوبات الأمم المتحدة أكثر شمولًا من العقوبات الأمريكية الحالية ضد إيران، فهي تجمِّد أصول مجموعة من الكيانات والأفراد الإيرانيين وتحظر سفرهم، وتخوِّل الدول بإيقاف وتفتيش الشحنات المتجهة من إيران جوًا وبحرًا على متن السفن الحكومية الإيرانية، بما في ذلك ناقلات النفط.
كما تحظر العقوبات على إيران تخصيب اليورانيوم على أي مستوى، وإطلاق صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية، ونقل المعرفة التقنية المتعلقة بصواريخها الباليستية، كما تعيد فرض حظر على الأسلحة.
وقال نيسان رافاتي، كبير محللي الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية، إن عقوبات الأمم المتحدة "قد لا يكون لها نفس التأثير المالي للتدابير الأمريكية المعمول بها حاليًا، لكنها تفاقم الضغط الكبير بالفعل على الاقتصاد الإيراني".
وكانت مجلس الأمن الدولي أقر العقوبات على إيران بين عامي 2006 و2010، ورفعها بموجب اتفاق عام 2015 للحد من البرنامج النووي الإيراني، والذي سمح بإعادة فرض تلك العقوبات، باستخدام ما يسمى بآلية الإعادة السريعة، إذا انتهكت إيران شروط الاتفاق بحلول نهاية أكتوبر 2025.
وإذا انقضى الموعد النهائي دون اتخاذ أي إجراء، فإن هذا البند سينتهي تلقائيًا وستسقط العقوبات، لكن في أغسطس، فعَّلت فرنسا وبريطانيا وألمانيا الآلية وقدمت الموعد النهائي إلى 28 سبتمبر.
اتهمت أوروبا طهران بانتهاك شروط اتفاق عام 2015 من خلال تسريع تخصيبها النووي إلى 60% من 3.5% وتجميع مخزون يبلغ 400 كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب، والذي من شأنه أن يسمح لإيران ببناء عدة قنابل نووية إذا اختارت تسليح برنامجها.
ويؤكد المسؤولون الإيرانيون أن البرنامج النووي لبلادهم مخصص للأغراض السلمية، ويقولون إنهم سرعوا وتيرة التخصيب فقط لأن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي من جانب واحد في عام 2018 خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، رغم امتثال إيران الكامل له، وأعاد فرض العقوبات.
وللامتثال للعقوبات الأمريكية أنهى الأوروبيون التجارة مع إيران، ويقول المسؤولون الإيرانيون إن القوى الأوروبية انتهكت فعليًا جانبها من الاتفاق بفعل ذلك.
ووضعت أوروبا 3 شروط لإيران لتجنب العقوبات الجديدة، وهي توفير الوصول الفوري للمفتشين الدوليين، والكشف عن موقع مخزون اليورانيوم عالي التخصيب البالغ 400 كيلوجرام، وبدء مفاوضات نووية مباشرة مع الولايات المتحدة.
وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن بلاده مستعدة للتعاون مع الأوروبيين، سواء كان ذلك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو بشأن مخزون اليورانيوم المخصب والمفتشين القادمين للتحقيق، وأضاف إن إيران وافقت على المفاوضات وإتاحة الوصول للمفتشين، لكنه قال إن الولايات المتحدة طالبت إيران بتسليم كامل مخزونها البالغ 400 كيلوجرام مقابل تعليق العقوبات السريعة لمدة 3 أشهر، وهو شرط وصفه بزشكيان بأنه غير معقول.
وحاولت روسيا والصين، الحليفان الرئيسيان لإيران والعضوان الدائمان في مجلس الأمن، أمس الأول الجمعة تأجيل العقوبات لمدة 6 أشهر، ليكون الموعد النهائي أبريل، لكن الإجراء قوبل بالرفض، إذ عارضته 9 دول، منها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
أعلنت روسيا والصين بالفعل أنهما لا تعتبران إجراء "سناب باك" مشروعًا، ومن المرجح أن تخففا من آثار العقوبات من خلال مواصلة تجارتهما مع إيران.
وحسب نيويورك تايمز، قللت بعض الشخصيات السياسية في إيران من تأثير العقوبات، قائلة إن البلاد تتدبر أمرها بالفعل في ظل العقوبات الحالية وستجد سبلًا للتعامل مع العقوبات الجديدة.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الأسواق الإيرانية تأثرت بسرعة بخبر العقوبات الجديدة، إذ انخفض الريال بنسبة 4% أمس السبت، إلى مستوى ضئيل للغاية بلغ 1,126,000 مقابل الدولار في السوق السوداء.
وقالت الصحيفة إن خبر العقويات الجديدة كان صادمًا للإيرانيين العاديين، مشيرة إلى أنهم يعانون بالفعل من تضخم يتجاوز 40%، وارتفاع في معدلات البطالة.
ونقلت الصحيفة عن مهدي بوستانجي، رئيس مجلس الصناعات الإيراني، قوله في مقابلة من طهران، إن "الشركات والصناعات تستعد لانخفاض في الطلب، وتتوقع المزيد من العراقيل في شراء السلع من الخارج، والمزيد من القيود على التأمين والخدمات المصرفية والشحن".
أضاف بوستانجي: "هذه القيود تحدث تأثيرًا غير مباشر.. الضغط الأكبر سيكون على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل أكثر من 90% من الوحدات الصناعية في إيران، ونحو نصف العمالة الصناعية".