الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية يحتفي بمئوية الراحل صلاح منصور ويكرمه

  • مشاركة :
post-title
الفنان صلاح منصور

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

تفكيك الأداء التمثيلي وإعطاء الممثل صلاح منصور حقه النقدي، تقديرًا لعطائه الفني الممتد، تزامنًا مع الاحتفال بمرور 100 عام على ميلاده، كان أحد أبرز ملامح وفعاليات الدورة الـ12 لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، إذ تم تكريم اسم الفنان الراحل في حفل الافتتاح.

و عُقدت ندوة عن تاريخه الفني اليوم الاثنين، تحدث فيها المخرج المصري مجدي أحمد علي، والناقدة والباحثة ناهد صلاح التي ألفت كتابًا عنه بعنوان "صلاح منصور.. العصفور.. الصورة والجوهر" وأدارها الناقد المصري كمال رمزي، بحضور سيد فؤاد رئيس ومؤسس المهرجان، والعديد من النقاد من جنسيات مختلفة والمهتمين بصناعة السينما.

يغوص الكتاب في خلفية تكوين الممثل ملقيًا الضوء على البيئة والزمن الذي ولد فيه صلاح منصور ابن شبين القناطر، ونشأته وسط أسرة متماسكة، فوالده عمل في وزارة المعارف، ووالدته مثقفة وأشقائه لهم تماس مع الفن، إذ إن شقيقه مخرج مسرحي وآخر ممثل، لكنه كان أشهرهم، إذ اكتسب في هذه البيئة الريفية صلابة الحضور والقدرة على الصبر وعدم الاستعجال والدأب في العمل، واختزن في ذاكرته العديد من القصص والحكايات.

كما يستعرض الكتاب، حسبما تؤكد مؤلفته ناهد صلاح، مرحلة انتقال صلاح منصور إلى الإسكندرية بحكم عمل والده في وزارة المعارف، ليشاهد هناك الأفلام السينمائية والعروض المسرحية، وتشكل جزءًا من تكوينه، ثم انتقاله إلى القاهرة بحي السيدة زينب، حيث بدأت علاقته بزكي طليمات المسؤول عن المسرح المدرسي، وتحولها من علاقة الأستاذ بالتلميذ إلى صداقة كبيرة فيما بعد، ليساعده طليمات في الوقوف على خشبة المسرح للمرة الأولى وهو عنده 14 سنة.

الناقد كمال رمزي والمخرج مجدي أحمد علي والناقدة ناهد صلاح

وقال كمال رمزي إن اسم صلاح منصور لم يتصدر الملصقات الدعائية لأعماله الفنية، لكنه قدّم أداءً مغايرًا جعله أحد أبرز نجوم جيله، مشيرًا إلى أن له نشاطًا بارزًا في مسلسلات إذاعية وجد فيها مجالًا رحبًا للتعبير عن إبداعه، وأخرج من خلال "البرنامج الثاني" مسرحيات إذاعية مأخوذة عن نصوص عالمية منها "القرد كثيف الشعر" تأليف يوجين أونيل، وغيرها، أما في  المسرح فشارك في تأسيس فرقة "المسرح الحر" رفقة مبدعين كبار منهم عبد المنعم مدبولي وسعد أردش وكان لها دور كبير في إنعاش الحركة المسرحية قبل أن ينضم للعمل بمسرح الدولة، إضافة إلى حضوره القوي في السينما.

فيما قال المخرج مجدي أحمد علي إن الأداء الفني لصلاح منصور دائمًا جاء مميزًا وليس له أي فيلم أو عمل فني لم يقدم فيه أداء رائعًا، وله العديد من المشاهد والأدوار التي نحفظ جملها عن ظهر قلب، مشيرًا إلى أنه أحد الممثلين في تاريخ السينما المصرية الذين تركوا أثرًا كبيرًا، رغم أنه لم يقدم أدوار البطولة المطلقة، ووصفه بأنه "علامة جودة مسجلة"، وأنه بصفة خاصة لم يشاهد دورًا للفنان الراحل أقل ممن المتوقع، وتمتع بمصداقية شديدة في تجسيده للشخصيات، ورغم أن أغلب أدواره شريرة جعل المشاهد يحب هذه الأدوار ومنها شخصية "العمدة" الظالم في فيلم "الزوجة الثانية" التي أضاف لها جانبًا إنسانيًا مما جعله قريبًا للمواطن العادي.

وأضاف: صلاح منصور اتبع مدرسة الإتقان التي يشاركه فيها من وجهة نظره زكي رستم قديما، وأحمد زكي وسعاد حسني في جيل لاحق، إضافة أيضًا إلى محمود مرسي، فهي مدرسة مشبّعة بالثقافة، وأن الممثل الراحل كان شديد الارتباط بقضايا الوطن.

المخرج مجدي أحمد علي
صلاح منصور العصفور

ويسرد كتاب صلاح منصور مسيرته الفنية، جنبًا إلى جنب مع رؤية تحليلية لمدرسته في الأداء، إذ أشارت ناهد صلاح إلى أنها وجدت صعوبة شديدة في الحصول على مادة دقيقة عن أعمال وتاريخ الفنان الراحل، خصوصًا مع وجود العديد من المعلومات الخاطئة على شبكة الإنترنت، لذا لجأت إلى الناقد كمال رمزي الذي أمدها بكتب عنه، كما استعانت بالمخرج والمؤرخ المسرحي دكتور عمرو دواره، الذي أرفق في الكتاب شهادة عن الإبداع المسرحي لصلاح منصور ووصفه بأنه "رمز من رموز الإبداع الأصيل، وساهم في إثراء حياتنا المسرحية ممثلًا ومخرجًا، وشارك في أكثر من مسرحية مجسدًا عشرات الشخصيات الدرامية الخالدة.

وأضافت ناهد صلاح إنها أرادت أن يخرج الكتاب متوازنًا بين محبتها الواضحة لصلاح منصور وبين التحليل النقدي لشخصياته المشحونة والمفعمة بالتفاصيل الإنسانية، متطرقة لحضوره كممثل وكيف عاش كل نقاط التحول في حياته، وكيف صبر كثيرًا حتى اقتنص فرصة تجسيده لدور "سليمان" ابن البقال في فيلم المخرج صلاح أبو سيف الأشهر "بداية ونهاية" الصادر عام 1960 مضيفًا لها تفاصيل خاصة جعلت السينما تفتح له أبوابها.

وحول اسم الكتاب قالت ناهد صلاح إنه ليس المقصود منه الإشارة إلى فيلمه الشهير "العصفور" الصادر عام 1974 للمخرج الراحل يوسف شاهين، بل تقصد منه إلقاء الضوء على شخصية صلاح منصور التي تتميز بالرقة مثل العصفور تمامًا، على النقيض من أدوار الشر التي امتاز بها.

الناقدة ناهد صلاح