الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مدير الترميم بالمتحف المصري الكبير: 56 ألف قطعة تروي قصة حضارتنا القديمة (حوار)

  • مشاركة :
post-title
بهو المتحف المصري الكبير

القاهرة الإخبارية - أحمد منصور

- ترميم القطع الأثرية بأيدٍ مصرية.. والمسلة المعلقة إنجاز يبهر الزوار
- عمليات النقل تمت بدقة متناهية.. وآلاف القطع الفريدة تُعرض لأول مرة

على مدى أكثر من 10 سنوات، أولت الدولة المصرية اهتمامًا بالغًا بالحضارة المصرية القديمة، ووجهت استثمارات ضخمة لتطوير المواقع الأثرية وإنشاء المتاحف الكبرى للحفاظ على هذا الإرث العظيم وفتح آفاق جديدة لعرض القطع الأثرية أمام العالم، جاء على رأسها المتحف المصري الكبير، الذي يتم افتتاحه رسميًا أمام العالم، 1 نوفمبر 2025، ليصبح نقطة جذب سياحي وثقافي مهمة.

ويعد المتحف المصري الكبير، الواقع على مقربة من أهرامات الجيزة، أحد أكبر الصروح الثقافية والحضارية في العالم، تبلغ مساحته 117 فدانًا، وتمتد الواجهة على عرض 600 متر وارتفاع 45 مترًا، وهي مصنوعة من الرخام المصري المستخرج من محاجر سيناء، وهو نفس الرخام الذي استخدمه المصري القديم، وتزينها خرطوش ملوك مصر للترحيب بالزوار.

وفي حواره مع موقع "القاهرة الإخبارية"، كشف الدكتور عيسى زيدان، المدير التنفيذي للترميم ونقل الآثار بالمتحف، عن تفاصيل نقل القطع الأثرية وآليات ترميمها والحفاظ عليها إلى جانب طريقة العرض لإبهار الزوار.

إلى نص الحوار..

بداية.. كم عدد القطع المنقولة إلى المتحف حتى الآن؟

نقلنا نحو 56 ألف قطعة من مختلف المواقع والمتاحف في أنحاء الجمهورية، من بينها المتحف المصري بالتحرير، والمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، وتل بسطة بمدينة الزقازيق، ومحافظات "أسوان، والأقصر، والمنيا، وبني سويف"، إضافة إلى منطقة آثار سقارة، ومخازن علي حسن بالأقصر، ليتمكن الزوار من مشاهدة مجموعة ضخمة من القطع النادرة والفريدة في أثناء جولتهم داخل المتحف.

ــ نقل هذا العدد الضخم يستلزم مهارة خاصة.. كيف تم التعامل معها حتى وصولها المتحف؟

بالفعل، استخدمنا أحدث تقنيات الحفظ والنقل لتجنب أي أضرار، بدقة متناهية، مع توفير بيئات عرض تتحكم في درجة الحرارة والرطوبة للحفاظ على القطع في أفضل حالة.

ــ ماذا عن أعمال الترميم وكم عدد القطع التي خضعت لها داخل المتحف ومَن نفذها؟

مع وصول القطع المختارة، بدأنا عملية ترميم وصيانة ما يقرب من 55 ألف قطعة داخل مركز الترميم التابع للمتحف المصري الكبير، وكل ذلك بأيدٍ مصرية خالصة.

وكان العمل على ترميم تلك القطع وفق منهج علمي دقيق وفق طبيعة كل مادة أثرية، كما أُجريت عدة فحوص وتحاليل داخلية في المعامل الخاصة بالمركز لضمان أفضل نتائج في الحفظ والترميم.

ــ ما أبرز القطع التي خضعت للترميم؟

مجموعة الملك توت عنخ آمون، التي أصبحت الآن معروضة داخل قاعتي الملك الذهبي، إلى جانب قطع أثرية أخرى ستعرض في قاعات العرض الرئيسية بالمتحف.

مدخل المتحف الكبير
- بالحديث عن العرض.. ما أول قطعة سيراها الزائر عند دخول المتحف؟

أول قطعة سيراها الزائر هي مسلة الملك رمسيس الثاني، وتُعد أول مسلة معلقة في التاريخ، وستتضمن أيضًا عرض خرطوش الملك لأول مرة بعد 3500 سنة في بانوراما عرض فريدة من نوعها.

ــ كيف تم تصميم وتركيب مسلة رمسيس الثاني بشكلها المعلق؟

بعد إحضار المسلة من منطقة صان الحجر بمحافظة الشرقية (شرق دلتا النيل)، وجد في أسفل بدنها خرطوش للملك رمسيس الثاني، ومع إجراء النقاش مع الأثريين، جاء الاقتراح بأن يظهر الخرطوش، وبالفعل وضعنا تصميمًا علميًا محكمًا حتى يستطيع الزوار أن يشاهدوه بعدما ظل في باطن المسلة 3500 سنة، وبه ستصبح أول مسلة معلقة على مستوى العالم، سيكون عرضها مبهرًا للغاية عبر بانوراما تخطف الأبصار.

وتضمن التصميم قاعدة مسطحة تزن 300 طن لتحمل المسلة التي تزن 110 أطنان، وستكون مثبتة على 4 أعمدة محفور عليها اسم مصر بجميع لغات العالم، مع وضع القاعدة داخل خندق لمنع تأثير الاهتزازات الخارجية مثل الزلازل.

- المساحة الكبيرة للمتحف تجعله منطقة أثرية مفتوحة.. فماذا يُشاهد الزوار بعد عبور بوابته الرئيسية؟

يجد الزوار تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف كأول المستقبلين للزوار، وهو مصنوع من الجرانيت الوردي وجرى نقله إلى المتحف عام 2018، ليكون رمزًا للحضارة المصرية العظيمة، وبسبب اتساع بهو المتحف الكبير الذي يتجاوز 8000 متر مربع، تمت إضافة قطع أثرية أخرى مثل عمود النصر للملك مرنبتاح وتماثيل من العصر البطلمي لإثراء البهو وملء المساحة بشكل يحفظ التوازن الجمالي.

ــ يحتوي المتحف على درج عظيم وهو من الأشياء غير الموجودة في أي متحف بالعالم.. فما الذي يميزه؟

الدرج العظيم الأول من نوعه في العالم ويضم نحو 72 قطعة أثرية من تماثيل ملوك مصر، موزعة على أربعة موضوعات رئيسية تحكي قصة التطور الفني والحضاري عبر العصور المصرية القديمة.

المسلة المعلقة
ــ ما الموضوعات الأربعة التي يعرضها الدرج العظيم؟

1 ــ الهيئة الملكية: عرض تماثيل الملوك عبر مختلف العصور.

2 ــ الدور المقدسة: تماثيل وأعمدة تعبر عن أماكن العبادة.

3 ــ الملوك والمعبودات: علاقة الملك بالمعبودات المختلفة في مصر القديمة.

4 ــ الرحلة إلى الحياة الأبدية: توابيت الملكية ورموز الحياة بعد الموت.

ــ بالعودة إلى مجموعة توت عنخ آمون.. كيف سيتم عرضها؟

تتضمن خطة العرض جميع مقتنيات توت عنخ آمون كاملة لأول مرة على مساحة 7000 متر مربع، بعد أن كان يعرض جزء منها فقط على مساحة صغيرة في المتحف المصري بالتحرير، وهي نحو 2000 قطعة فقط، لكن الجمهور سيكون على موعد مع مشاهدة تاريخية مع جميع ما كان يملكه توت عنخ آمون بإجمالي 5537 قطعة، بعضها قطع تُعرض للمرة الأولى.

ــ هل يضم المتحف قطعًا فريدة أخرى؟

نعم.. من أبرزها متحف خاص بمراكب الملك خوفو، التي يتم عرضها لأول مرة، وتم نقلها من موقع الأهرامات إلى المتحف المصري الكبير.

ــ كم عدد قاعات العرض في المتحف؟

يضم المتحف 4 قاعات رئيسية، تتوزع إلى 12 قاعة داخلية تغطي فترات تاريخية متعددة من عصر ما قبل الأسرات حتى العصر اليوناني الروماني.

الدرج العظيم
ــ هل يحتوي المتحف المصري الكبير على مرافق أخرى غير قاعات العرض؟

بالطبع.. يضم المتحف مناطق تعليمية وبحثية، ومراكز للحفظ والترميم، ومكتبة ضخمة، وكذلك مساحات لتنظيم الفعاليات والمعارض المؤقتة، إضافة إلى مرافق للزوار مثل المطاعم والمتاجر.

ــ تحدثت عن منطقة بحثية بالمتحف.. كيف تسهم في دعم البحث العلمي؟

من خلال مراكز الترميم والبحث التي تضم علماء آثار وخبراء، يعمل المتحف على دراسة القطع الأثرية وتحليلها، إضافة إلى إصدار أبحاث علمية تعزز فهم الحضارة المصرية القديمة.

ــ إذًا ما حدود استخدام التكنولوجيا في المتحف؟

يعتمد المتحف على استخدام تكنولوجيا متقدمة مثل العرض ثلاثي الأبعاد، والواقع المعزز، وشاشات تفاعلية تسمح للزوار بالتعرف على تاريخ القطع الأثرية بطرق مبتكرة وجذابة.

ــ ختامًا.. كيف ترى أهمية المتحف المصري الكبير لمصر والعالم؟

المتحف يمثل نافذة حضارية تعكس تاريخ مصر العريق وتروي قصة الحضارة الإنسانية، وهو أيضًا مشروع قومي يُسهم في تنشيط السياحة الثقافية ويضع مصر على خارطة السياحة العالمية بأكبر وأشمل متحف أثري في العالم.