سجَّلت أسعار الذهب العالمية ارتفاعًا قياسيًا جديدًا، إذ تجاوزت عقود الذهب الآجلة في بورصة كومكس "COMEX" الأمريكية حاجز 4000 دولار للأونصة يوم 7 أكتوبر، وفق بيانات منصة "Wind" المالية. وحتى صباح 9 أكتوبر، واصل السعر استقراره فوق هذا المستوى التاريخي، في تطوّرٍ غير مسبوق يشير إلى تحوّلاتٍ جوهريةٍ في الأسواق العالمية.
وتُظهر البيانات أن الذهب كان قد كسر حاجز 3000 دولار للأونصة لأول مرة في مارس الماضي، أي قبل نحو ستة أشهر فقط، قبل أن يقفز بألف دولار إضافية ليبلغ مستوى 4000 دولار في وقتٍ قياسي. ويُعزى هذا الارتفاع السريع إلى تفاعلٍ معقّدٍ بين عوامل اقتصاديةٍ وسياسيةٍ وماليةٍ على المستوى الدولي.
وتزامن الارتفاع مع إعلان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 18 سبتمبر الماضي، ما عزّز توقّعات الأسواق بموجةٍ جديدةٍ من التيسير النقدي. وتشير التقارير إلى أن أسعار الذهب بدأت صعودها فعليًا منذ أواخر أغسطس، استجابةً لتلك التوقّعات.
وتجاوز الارتفاع الحالي معظم التوقّعات الصادرة عن المؤسسات المالية الكبرى. ففي أبريل الماضي، توقعت "جي بي مورجان" أن يتجاوز الذهب 4000 دولار للأونصة بحلول الربع الثاني من عام 2026، مدعومًا بزيادة الطلب من المستثمرين والبنوك المركزية. لكن الأسعار تجاوزت هذا الحد بعد ستة أشهر فقط، أي قبل عامٍ ونصفٍ من الموعد المتوقع.
أما بنك "جولدمان ساكس" فرجّح في تقريره الصادر في أبريل الماضي أن تصل الأسعار إلى 3700 دولار للأونصة بنهاية 2025، لكن المعدن الأصفر تجاوز هذا الرقم في سبتمبر الماضي. وفي أحدث تحديثٍ له، رفع البنك توقّعاته مجددًا إلى 4900 دولار للأونصة بحلول ديسمبر 2026، مشيرًا إلى أن البنوك المركزية في الأسواق الناشئة ستواصل تنويع احتياطاتها وزيادة حيازتها من الذهب.
وتوقعت "يو بي إس" أن يصل الذهب إلى 4200 دولار للأونصة بنهاية 2025، مدعومًا بعوامل أساسيةٍ وزخمٍ قوي في الطلب، لكنها حذّرت في الوقت نفسه من تقلباتٍ محتملةٍ في حال تباطأت وتيرة خفض الفائدة أو عادت الضغوط التضخمية. كما أشارت إلى أن استمرار إغلاق الحكومة الأمريكية أو تصاعد الأزمات في فرنسا أو تصعيد النزاعات التجارية قد يعزّز الطلب على الذهب كملاذٍ آمن.
ولم يقتصر الصعود على الأسعار فقط، بل امتدّ إلى شركات التعدين وصناديق الاستثمار في الذهب. فقد شهدت أسهم شركات مثل "زيجين ماينينج" و"شاندونج جولد" الصينية ارتفاعاتٍ حادّة، بينما قفزت مكاسب صندوقETF للقطاع الذهبي الصيني إلى أكثر من 86.7%، ليرتفع حجمه إلى 116.7 مليار يوان.
وأوضح تقرير مؤسسة أبحاث "تيانفنج" للأوراق المالية أن صناديق الذهب المدرجة في البورصة تُعدّ من فئة الأصول عالية المخاطر، إذ تتأثر أرباحها بأسعار الذهب العالمية، إلى جانب عوامل أخرى مثل أداء الشركات، والدورات الصناعية، والوضع المالي العام. ولذلك فهي تناسب المستثمرين ذوي القدرة العالية على تحمّل المخاطر والراغبين في تحقيق عوائد كبيرة.